اوافق تماما علي ان هناك اهداراً للامكانيات.. لكني اتعهد بمنع »الدلع«! هذا الاعتراف وذاك التعهد نطق به المهندس علاء فهمي وزير النقل صراحة امام حشد كبير من الوزراء الحاليين والسابقين وكبار المسئولين والمستثمرين واعضاء مجلس الاعمال المصري الكندي برئاسة المهندس معتز رسلان. قالها الوزير صراحة انه تأكد من اهدار الامكانيات في الطرق وضرب مثالا صارخا شاهده بنفسه عندما كان عائدا من زيارة لمحافظة كفر الشيخ منذ ايام وشاهد العديد من سيارات اللوري وعلي متنها اطنان من الحمولات الزائدة لايتحملها الطريق الذي تسير فوقه. في البداية اعتقد الوزير عدم وجود »ميزان« وهو النظام المعمول به في الطرق السريعة.. والمفاجأة الصارخة اتضحت عندما تأكد من وجود هذا الميزان لكنه كان اشبه بخيال المآتة: فالموظف المسئول يكتفي بالنظر الي اللوري ومايحمله ويمنحه تصريحا بالمرور.. يعني الوزن بالشبه كما قال الوزير واستدعي منه قرارا فوريا بفصل هذا الموظف بل انه طلب من اي شخص يكتشف اخطاء من هذا القبيل يتصل بخط ساخن رقمه »411« سوف يبدأ العمل اول اغسطس القادم. اسئلة اخري لم تأت علي لسان الوزير بل جاءت علي ألسنة آخرين مثل رجل الاعمال صلاح دياب وحمدي الطحان رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب وسعد هجرس مدير تحرير »العالم اليوم« عندما تناولوا القضية التي طرحها مجلس الاعمال المصري الكندي والخاصة باجراءات تطوير قطاع النقل والفرص المتاحة امام القطاع الخاص في هذا المجال الهام من خلال الشراكة مع القطاع العام. هذا القطاع وصفه المهندس معتز رسلان بأنه يمثل شريان الحياة الاقتصادية ويعتبر اهم محور لنجاح التجارة الداخلية والخارجية ورغم ذلك كما قال فإنه يعاني تحديات وهموما لاحصر لها باعتباره لم يلق العناية الكافية. هذه التحديات وتلك الهموم تناولها الخبراء والمستثمرون مؤكدين انها صعبة للغاية ولم يعد الامر يحتمل تداعياتها وخطور عدم مواجهتها بحسم وخاصة في قطاع السكة الحديد الذي شهد حوادث لاحصر لها راح ضحيتها قرابة 057 شخصا لقوا حتفهم بجانب اصابة نحو 006 آخرين ورغم المليارات من الجنيهات التي إبتلعتها السكة الحديد فإنها مازالت تعاني! 008 مليون راكب لهذا كان وصف معتز رسلان لوزارة النقل بانها وزارة »المصاعب« نظرا لتعاقب العديد من الوزراء عليها، لكن هذا الوصف كان مهذبا كما قال سعد هجرس حيث وصف الوزارة بانها »مقبرة الوزراء« مشيرا الي ضرورة اعادة النظر في ثقافة النقل بمصر وقال ان الناس يعتبرونها مجرد خدمة لكنها في الواقع تمثل شرايين الاقتصاد.. وللاسف الشديد مازالت النظرة لها تضعها في مرتبة متدنية ومن هنا تأتي الشكوي المستمرة من قطاع النقل وبالاخص من السكة الحديد! وقال ان القضية ليست مجرد استثمارات تضخ بين الحين والآخر لكنها تدريب مستمر للكوادر البشرية.. مشيرا الي أن قضية التدريب اصبحت علي الهامش لدرجة ان معهد الورديان بالاسكندرية الذي كان متخصصا في تدريب الكوادر بالسكة الحديد تحول الي »مخزن«! السكة الحديد ليست قطاعا عاديا.. بل قطاع يفوق في الاهمية قناة السويس ونهر النيل.. هكذا جاءت اقوال حمدي الطحان مشيرا الي ان قرابة 008 مليون راكب يستخدمون السكة الحديد سنويا والتي عانت لسنوات طويلة من عدم وجود رؤية للقائمين عليها لاصلاح اوضاعها ومرافقها التي تتمثل في 9 آلاف كيلو متر من القضبان و057 قاطرة و507 محطات و0333 عربة ركاب و12 أالف عربة نقل للبضائع وخدمات أخري ترتبط بهذا المرفق الحيوي. وأشار الطحان الي اغفال عنصر التدريب للكوادر وقال ان قسما لهندسة السكة الحديد كان موجودا باحدي الجامعات لم يعد له وجود الآن ولم يعد هناك طالب واحد يدرس هذا التخصص! وأضاف مؤكدا ان المرفق يعيش ازمة والامر يحتاج الي روشتة يحددها حكماء وخبراء للبحث عن مخرج فالاوضاع غير مبشرة بالمرة. أما رجل الأعمال صلاح دياب فقد تساءل : لماذا لايكون لدينا »حلم« يتمثل في خط سكة حديد علي أحدث مستوي عالمي بعيد ا عن الاصلاحات الشكلية التي تتم بين الحين والآخر وقال ان مايحدث في السكة الحديد هو نفس الذي يحدث في التعليم.. كلاهما لايدعو للتفاؤل. وأضاف موجها حديثه لوزير النقل قائلا: انك لست وزيرا للنقل العام فقط بل للنقل العام والخاص والاهلي بما يضمه من وسائل انتقال اخري غير السكة الحديد والمترو والنقل البحري مثل التاكسي والميكروباص! وقال صلاح دياب: انني اتحدي اي شخص يعرف كم يدفع لسائق تاكسي مقابل توصيله الي اي مكان.. واضاف ان الميكروباص يمثل 56٪ من نقل الركاب بمصر مشيرا الي انه وسيلة نقل غير مراقبة وغير مدعمة.. وتساءل: هل لانها قطاع خاص؟.. ولماذا لايتم وضع مواصفات لها بدلا من تجاهلها! عرض وطلب استمع المهندس علاء فهمي الي كل هذه الاقوال وجاءت كلماته لتشير الي ان المشكلة تكمن في ان الطلب علي قطاع النقل اكبر من العرض. وقال انه رغم المليارات التي تم ضخها في السكة الحديد الا ان الطلب يزداد باستمرار ويبتلع اي استثمارات. واضاف ان المشكلة لاتكمن ايضا في سكة حديد ولا طريق يحتاج الي »سفلتة« فالتحديات كبيرة للغاية فهناك خدمات عديدة اخري يحتاجها قطاع النقل ومرافق لاحصر لها.. وأشار الوزير الي الحاجة لارقام فلكية من المليارات لتمويل مثل هذه المرافق وسيتم تنفيذ بعض المشروعات من خلال نظام الشراكة مع القطاع الخاص بعد الاتفاق علي اسس تقديم الخدمات التي تتيحها المرافق وكذا تحديد جهات الرقابة والصيانة والمراجعة.. باختصار كما قال علاء فهمي هي منظومة متكاملة تحتاج الي جهد وإلي تغيير اسلوب التمويل حتي لايعتمد علي الموازنة العامة فقط. كما اشار الي وجود 5 آلاف كيلو متر سكة حديد تحتاج الي احلال وتجديد خلال السنوات الثلاث القادمة مؤكدا علي ان المليارات من الجنيهات التي تم ضخها في قطاع السكة الحديد صرفت في محلها وقال ان عمليات التطوير مستمرة. واضاف ان التطوير لايشمل السكة الحديد فقط بل يمتد الي باقي القطاعات وقال ان حجم التداول للحاويات بالموانيء زاد بنسبة 91٪ في الشهور الاربعة الماضية مشيرا الي وجود فرص استثمار لاحصر لها داخل 51 ميناء بمصر وذكر ان 5 دول طلبت اقامة خطوط بحرية مباشرة بين الموانيء المصرية وموانيها علي غرار الخط المباشر الذي بدأ العمل مؤخرا بين الاسكندرية وفينيسيا الايطالية. وبعد.. لعل الوزير يستطيع تنفيذ وعوده حتي يعيد للسكة الحديد احترامها لركابها وتاريخها القديم الذي يقول إن سكك حديد مصر هي الاولي في افريقيا والشرق الاوسط والثانية علي مستوي العالم!