بعيداً عن الحذلقة والفذلكة اللغوية وجد مصري ابن المحروسة نفسه يقول »بلد بتاعة مناسبات صحيح«، واستدعت جملته ذلك الافيه البرئ الذي أطلقه عادل إمام في بداياته المسرحية قائلا »بلد بتاعة شهادات صحيح« قبل أن تلوث النجومية افيهاته الساخرة بلمزاتها »الخارجة« في أفلامه ومسرحياته! مصري كان يتصفح تقويم العام الجديد ووقعت عيناه صدفة علي قائمة الاجازات الرسمية والمناسبات السنوية التي يحتفل بها المصريون وقال في نفسه إنه لايكاد يوجد شعب في العالم يمتلك هذا القدر من المناسبات والاجازات الحكومية خلال 365 يوما عمر السنة الميلادية ، وبدأ يفكر مثلا أن كل العاملين بالدولة يحصلون علي راحة الجمعة أسبوعيا بمعدل 52 يوماً،و52 يوماً أخري لمعظم هيئات الدولة أيام السبت أسبوعياً لتكون أيام الراحات الرسمية »المشفية« 104 أيام تقارب ثلث أيام السنة. ومضي مصري يقلب أوراق التقويم وذاكرته ليستعرض الاعياد الدينية والمناسبات الوضعية الموررثة قومية كانت أو فئوية سعيدة كانت أم أليمة ليجدها كالتالي: 7 يناير عيد القيامة و 25 يناير الحائرين الاحتفاء به كعيد للشرطة أو إحيائه كعيد للثورة منذ من خلال 2012 احتفال رسمي متحفظ أو شعبي خليط بين البهجة والفوضي والدماء، واول فبراير ذكري دماء مجزرة استاد بورسعيد، ويوم الحب العالمي 17 فبراير ثم الذكري المنقرضة لعيد الوحدة بين مصر وسوريا 22 فبراير، وعيد الربيع والأم 21 مارس فعيد تحرير سيناء 25 ابريل ثم عيد العمال أول مايو ويوم وفاء النيل وعيد الجلاء 18 يونيو ثم يوم 30 يونيو، المنتظر وضعه كذكري لثورة 30 يونيو وكذلك 3 يوليو يوم بيان خلع مرسي ثم 26 يوليو المحتفي به قبل ذلك كعيد لتأميم قناة السويس وهو نفس يوم تفويض الجيش لمواجهة الارهاب يليه ذكري فض اعتصام رابعة والنهضة والذي احتفل به الاخوان مرات عديدة في مليونيات مختلفة لم تتوقف ولم تعدم العثور علي أسماء جديدة كل مرة! ويمضي استعراض مصري لمناسبات مصر المحروسة ليصل الي 9 سبتمبر عيد الفلاح ثم مناسبة رحيل عبد الناصر 28 سبتمبر فعيد انتصار 6 أكتوبر الذي يحتفل به مرة أخري يوم العاشر من رمضان، والذي تحول هذا العام لمحاولة الانتقام من الجيش المصري وأيضا يوم 17 نوفمبر ذكري افتتاح قناة السويس للملاحة ثم 19 نوفمبر الذي كان موعد خطاب السادات أمام الكنيست واصطبغ العام الماضي والحالي بلون الدماء احتفاء بذكري ضحايا محمد محمود وأخيرا 23 ديسمبر ذكري الانتصار علي العدوان الثلاثي فضلا عن عيد الفطر وعيد الاضحي ورأس السنة الهجرية والمولد النبوي الشويف. وهكذا وجد مصري أننا نستغرق نصف أيام العام ما بين راحات أسبوعية ومناسبات موروثة ومقلدة ومستولدة والنصف الآخر بين المرض والتمارض واحتراف التهرب، ولم يجد يوما واحداً يؤكد قيمة العمل والحث عليه يتسابق فيه المصريون للعمل بعيداً عن الجدل،ويقتله تساؤل: إذا كنا نحصل علي تلك الراحات والاجازات فلماذا لا تأخذ الازمات المرورية والمعيشية هي الاخري يوم اجازة اسبوعياٍ وضحك في نفسه قائلا: »بلد بتاعة إجازات صحيح« لا مكان فيها للعمل والانتاج!