أبي شهر سبتمبر الرحيل قبل ان يؤكد لي انه شهر الاحزان.. فقد اختطف الموت فيه ابن أخي سيد سلامة وعمي محمود حسين وزميلي العزيز كرم سنارة ثم أخيرا زميلي دمث الخلق سامي كامل. لقد عرفت سامي كامل منذ سبعينيات القرن الماضي وعشت معه قرابة عشر سنوات قبل ان أعرف انه مسيحي الديانة.. فلم يكن يعنينا في الأخبار ولم نزل ديانة أي زميل المهم معاملاته معنا.. ثم زاملته في قسم المحافظات ست سنوات.. فكان نعم الزميل والأخ لم يكن يتأخر عن أي تكليف للجريدة رغم ما يعانيه.. بل كانت موضوعاته التي يرسلها سابقة لأي تكليف.. فقد كان صحفيا من الطراز الأول ينقل نبض الشارع المنياوي بكل صدق واخلاص دون التفات لغضب محافظ أو رئيس مدينة أو مدير مديرية.. كان ينحاز دائما للفقراء والبسطاء من أبناء المحافظة التي كان مديرا لمكتب الأخبار فيها وهي المنيا -كان قلم سامي لاذعا رغم هدوء صاحبه وابتسامة وجهه.. وكان يقابلك بابتسامة صافية بقوله: أخبارك ايه يا عمنا.. وكنت أداعبه دائما بان المنيا ليست كما تطلقون عليها عروس الصعيد.. بل أصبحت عجوز شمطاء لغياب الخدمات عنها.. وكان يقول لي: ستظل المنيا عروس الصعيد الجميلة رغم ادعاءات أهل القاهرة.. ونتبادل الضحكات الصافية. سامي كامل طيب القلب.. نقي السريرة لم يحمل ضغينة لأحد طوال عمره.. بل كان متسامحا مع من يسيئون إليه.. قائلا: الحياة متستاهلش انك تحقد علي أحد.. والانجيل يأمرنا بالتسامح والحب مع من يحسنون إلينا ومن يسيئون.. وخير لي ان اكسب صديقا كل يوم من ان اكسب عدوا واحدا طوال عمري رحم الله أبومينا.. وألهمنا وأسرته ومحبيه الصبر علي فراقه.. وجعله الله مع القديسين فذلك أفضل كثيرا.