من حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زمانا ومكانا, ففضل بعض الامكنة علي بعض, وفضل بعض الازمنة علي بعض, ففضل في الازمنة شهر رمضان علي سائر الشهور, فهو فيها كالشمس بين الكواكب. واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة, فهو الشهر الذي انزل اله فيه القرأن, قال تعالي: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرأن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان( البقرة158), وعن واثلة بن الاسقع رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله وسلم قال:( انزلت صحف ابراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان, وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان, والانجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان, وأنزل الفرقات لأربع وعشرين خلت من رمضان) رواه أحمد وهو الشهر الذي فرض الله صيامه, فقال سبحانه: يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تلقون( البقرة:183) وهو شهر التوبة والمغفرة, وتكفير الذنوب والسيئات, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( الصلوات الخمس, والجمعة إلي الجمعة, ورمضان إلي رمضان, مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) رواه مسلم, من صامه وقامه إيمانا بموعود الله, واحتسابا للأجر والثواب عند الله, غفر له ماتقدم من ذنبه, ففي الصحيح أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:( من صام رمضان ايمانا واحتسابا غف له ماتقدم من ذنبه), وقال:( من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه), وقال ايضا:( من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه). ومن أدركه فلم يغفر له فقد رغم انفه وأبعده الله, بذلك دعا عليه جبريل عليه السلام, وامن علي تلك الدعوة نبينا صلي الله عليه وسلم, فما ظنك بدعوة من افضل ملائكة الله, يؤمن عليها خير خلق الله. وهو شهر العتق من النار, ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال صلي الله عليه وسلم:( وينادي مناد ياباغي الخير اقبل, وياباغي الشر اقصر, والله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) رواه الترمذي وفيه تفتح ابواب الجنان وتغلق ابواب النيران, وتصفد الشياطين, ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:( إذا جاء رمضان فتحت ابواب الجنة, وغلق ابواب النار, وصفدت الشياطين), وفي لفظ( وسلسلت الشياطين), أي أنهم يجعلون في الاصفاد والسلاسل, فلا يصلون في رمضان إلي ماكانوا يصلوت اليه في غيره. وهو شهر الصبر, فإن الصبر لايتجلي في شئ من العبادات كما يتجلي في الصوم, ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها, ولهذا كان الصوم نصف الصبر, وجراء الصبر الجنة, قال تعالي: إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب( الزمر10) وهو شهر الدعاء قال تعالي عقيب ايات الصيام: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني( البقرة:186) وقال صلي الله عليه وسلم:( ثلاثة لاترد دعوتهم: الصائم حتي يفطر, والامام العادل, ودعوة المظلوم) رواه أحمد وهو شهر الجود والاحسان ولذا كان صلي الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح أجود ما يكون في شهر رمضان. وهو شهر فيه ليلةالقدر, التي جعل الله العمل فيها خيرا من العمل ألف شهر, والمرحوم من حرم خيرها, قال تعالي: ليلة القدر خير من الف شهر( القدر:3) روي ابن ماجه عن انس رضي الله عنه قال: دخل رمضان, فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( إن هذا الشهر قد حضركم, وفيه ليلة خير من الف شهر, من حرمها فقد حرم الخير كله, ولايحرم خيرها إلا محروم) فانشر يا رعاك الله إلي هذه الفضائل الجمة, والمزايا العظيمة في هذا الشهر المبارك, فحري بك أخي المسلم ان تعرف له حقه, وان تقدره حق قدره, وان تغتنم ايامه ولياليه, عسي أن تفوز برضوان الله, فيغفر الله لك ذنبك وييسر لك امرك, ويكتب لك السعادة في الدنيا والاخرة, جعلنا الله واياكم ممن يقومون بحق رمضان خير قيام. رابط دائم :