طالب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب الدكتور مصطفي الفقي الحكومة البريطانية بالاعتذاز للشعب المصري عن حادثة دنشواي1906 وعن التآمر ضد مصر اثناء العدوان الثلاثي عام1956, وقال: لابد ان يكون هذا الاعتذاز عمليا, بان تساعد بريطانيا رسميا في نزع الالغام التي زرعت في منطقة العلمين أثناء الحرب العالمية الثانية. وتابع: نحن لسنا أقل من الرئيس معمر القذافي الذي اجبر الحكومة الايطالية علي دفع تعويض والاعتذار عن الحقبة الاستعمارية, جاء ذلك تعقيبا علي محاضرة ألقاها الدكتور خالد فهمي استاذ التاريخ بجامعة نيويورك بصالون المركز القومي للترجمة, وادارها الدكتور عماد ابو غازي الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة عن كتب اللورد كرومر الامبريالي والحاكم الاستعماري للمورخ الانجليزي روجر أوين استاذ التاريخ الاقتصادي لمنطقة الشرق الاوسط بجامعة هارفارد, ووصف الفقي الكتاب الذي ترجمه الي العربية الراحل دكتور رءوف عباس, بانه محاولة لتجميل وجه كرومر القبيح. لكن فهمي اكد ان الكتاب لاعلاقة له بتجميل وجه كرومر, بل يطرح الكتاب التناقضات الجوهرية في شخصية اللورد كرومر والذي حكم مصر عسكريا طوال ربع قرن, وقال: الكتاب لم يختزل كرومر في ذلك الوجه الذي درسناه في المدارس. وأوضح: بدأ كرومر عمله السياسي بالايمان باحقية المصريين في حكم انفسهم ذاتيا في1882, وان دوره الاساسي هو تقليص الوجود البريطاني في مصر وان دور بريطانيا هو تقديم النصح للحكومة المصرية, ثم اختلفت نبرته حين شدد علي احقية بريطانيا في التأكد من قدرة الخديوي علي تنفيذ توصياتها, ثم تغيرت وجهة نظره بعد حملة جوردون علي السودان1885 اذ تمسك باهمية تدعيم الوجود البريطاني في مصر والتأكيد علي عدم تحديد موعد للانسحاب. وشدد خالد فهمي علي ضرورة التخلي عن رويتنا الاختزالية عن الاستعمار, والتفكير فيه باعتباره محاولة لايجاد سوق للمنتجات الاوروبية في العالم الثالث, واستنزاف المواد الأولية لهذه البلاد فقط, وقال: المشروع الاستعماري أعقد بكثير من تلك الرؤية, وهو ما طرحه اوين في مقدمة كتابه منتقدا الدراسات التاريخية المصرية, قائلا: لابد ان تتخلي الدراسات المصرية عن مركزيتها والتعامل مع مصر باعتبارها محور الكون وأم الدنيا, بل هي جزء من منظومة دولية شديدة التعقيد. وقال فهمي: لايمكن اختزال كرومر في بعد عنصري واحد وهو بعد لاينكره احد لكن الرجل لعب دورا في تغيير تاريخ مصر الاقتصادي والاجتماعي واوضح: كرومر كان مسيحيا مؤمنا حتي النخاغ يصدق في أهمية دوره في تغيير الكون, مثلما اقتنع بوش بان الغزو لامريكي في مصلحة العالم كله بما فيه العراقيون انفسهم. واضاف فهمي ان اهمية الكتاب تنبع من ان محقق هذه السيرة هو الدكتور روجر اوين, والذي قاد مع زملاء دراسته في الستينيات ثورة في الدراسات الاستشراقية, اذ قدم معهم نقدا لاذعا لاساتذته قبل ظهور كتاب ادوارد سعيد الاستشراق في1978, وتبني فكرة ان دراسات الشرق الاوسط لابد ان تكون دراسة مجتمعات ولاتكتفي بدارسة الافكار الدينية والعادات والتقاليد. وربط فهمي بين السيرة التي كتبها وبين دراسته لملف غزو العراق, وقال: كتب اوين هذه السيرة متأثرا بدراسته لغزو العراق, وحاول من خلالها فهم الامبراطورية الحديثة( الولاياتالمتحدةالامريكية) من خلال تحليله للموجة الأولي من العولمة في بداية القرن ال19. وانتقد فهمي حذف بعض الفقرات المهمة من الكتاب حول تقييم اوين لشخصية كرومر وهي الفقرات التي كتب فيها اوين ان كرومر كان مدركا في نهاية حياته للتناقض الكامن في صلب المشروع الاستعماري, فمن جهة استحالة كسب ود الشعوب المستعمرة ومن جهة اخري الخوف من الفشل في تنفيذ مشروعاتهم نتيجة لذلك, بالاضافة الي ما اكد عليه اوين من ان كرومر لعب دورا محوريا في تجميع بؤرة التف حولها الشعوب الوطني في كره الاستعمار والنضال ضده. كذلك اوضح اوين في الفقرات المحذوفة والبالغ عددها15 فقرة ان كرومر طال به الامد في حكم مصر الي درجة كان لابد معها من الوقوع في اخطاء جسيمة, فلو غادر كرومر مصر في الوقت المناسب لغادر بنجاح. واختتم فهمي مطالبا بالافراج عن الوثائق المصرية لكي يستطيع المؤرخون والباحثون الشباب من طرح وجهات نظر مصرية في شخصية مثل اللورد كرومر, وقال: للاسف لايمكن كتابة تاريخ مصر إلا من الوثائق الاجنبية التي افرج عنها لان الوثائق المصرية مازالت حبيسة ولا يمكن الوصول اليها رغم مرور فترة السرية, واضاف: حين زار اوين مصر عام1956 قال انه يود ان يختتم حياته الاكاديمية بكتابة سيرة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر, واكتشف استحالة تحقيق ذلك في ظل غياب كامل للوثائق المصرية وخصوصا محاضر اجتماعات مجلس قيادة الثورة, أو وثائق رئاسة الجمهورية, والوثائق الخاصة بالصراع العربي الاسرائيلي. وهو ما اعترض عليه الدكتور الفقي قائلا: ان الدولة المصرية مازالت تمنع بعض الوثائق نظرا لانها تمس الأمن القومي, وليست الصورة بالقتامة التي حاول الدكتور خالد فهمي طرحها, فانا اعددت مجموعة من الابحاث واستخدمت فيها الوثائق المصرية في السبعينيات.