ما نعيشه الآن فتنة بكل ما تحمله الكلمة من معان. الحقائق غائبة, والتفاصيل غائمة, والاستقطاب وصل إلي منتهاه, والباحث عن الحقيقة تائه. صراع علي كرسي زائل, وشعارات دينية تلهب حماس أي غيور علي الدين, ودماء غزيرة لا أحد يعلم علي وجه اليقين من أراقها, فالتحقيق في المجزرة لم يبدأ بعد حتي نصل إلي الحقيقة بكل تفاصيلها. مبالغات في أرقام الضحايا, ودعوات للانتقام والثأر من كل المجتمع, وتكفير للجميع! وكالعادة.. الأرقام الرسمية مشكوك في صحتها. بينما الأرقام المعلنة للشهداء والمصابين من جانب مؤيدي المخلوع تتجاوز قدرة أكبر مستشفيات الشرق الأوسط علي استقبالهم من حيث عدد الأسرة المطلوبة لإجراء الجراحات اللازمة لإنقاذهم, ما يؤكد استحالة نجاح المستشفي الميداني في رابعة علي القيام بالمهمة وحدها.. ويلقي بظلال من الشك علي حجم المصيبة المعلن. ليس من الحكمة التسرع في إصدار أحكام نهائية بشأن المجزرة وإن كانت إدانتها واجبة لبشاعتها. نسأل الله أن يحقن دماء المصريين من كل الأطياف, وأن يتغمد الشهداء برحمته, وأن يهدينا جميعا إلي سواء السبيل. علي دعاة الفتنة أن يلتزموا الصمت وألا يدفعوا بالوطن إلي محرقة لن تبقي ولن تذر. عاصم عبدالماجد يتهم الفريق أول عبدالفتاح السيسي من فوق منصة رابعة بأنه فرعون العصر, ويتهم خير أجناد الأرض بأنهم جيش الفرعون, علي اعتبار أن مرسي ومن معه هم نبي الله موسي والمؤمنون برسالته! هل من الجائز شرعا تكفير كل أفراد المجتمع بهذه الصورة؟ هل هذا هو الدين؟ من هو عاصم عبدالماجد لكي يفتي هذه الفتوي التحريضية؟ الشيخ وجدي غنيم يدعو علي حسابه علي تويتر إلي السيطرة علي أماكن عسكرية وسرقة مافيها من سلاح علي وجه السرعة والبدء في تشكيل جيش مصري حر يسترد الوطن المسلوب بقوة السلاح من عملاء اليهود فورا! إن لم تكن هذه دعوة إلي الاحتراب الأهلي فماذا تكون؟ يا شيخ غنيم أراك تستعجل للمصريين مصير السوريين والعراقيين والسودانيين وغيرهم ممن مزقت الفتنة أوطانهم.. جيشنا حر ولسنا في حاجة إلي جيش آخر, خير لك أن تدعو لوأد الفتنة بدلا من أن تؤججها. البلتاجي أكد من فوق المنصة أيضا أن الهجمات الإرهابية علي الجيش في سيناء ستتوقف لو عاد مرسي إلي قصر الرئاسة..أليس هذا اعترافا صريحا بأن الجماعة تقف وراء الإرهاب المسلح الذي يستهدف أشقاءنا وأبناءنا الضباط والجنود. لم تكونوا يوما أمناء علي الوطن ولن تكونوا..فلا تحلموا بالعودة إلي الحكم من جديد.