هي بيوت الله علي الأرض, فيها يحل الخشوع وتعلو الروحانيات وتقام الصلوات, يشعر زائرها بالطمأنينة والراحة ولم لا وهي المكان المقدس الذي لا ينقطع عنها ذكر الله تبارك. وتعالي وتحديدا يوم الجمعة في خطبة كان ينتظرها المصلون لسماع الأحكام الدينية والأمور الدنيوية وقصص الرسل ومن تبعهم من الصالحين. ولكن بدأت السياسة تخطو أولي خطواتها داخل المساجد عندما كان يذكر اسم رئيس البلاد والدعوة بتوفيقه في إدارتها والحديث عن القضايا الملحة والتي كانت تتعلق في معظم الأحيان بوأد الفتن ونبذ العنف والحث علي مكارم الأخلاق فيما بيننا حتي جاءت ثورة وأصبحت الأحاديث السياسية مادة خصبة تتناولها جميع الألسنة وبات كل فرد يتحين الفرصة للإعلان عن رأيه وانتمائه وتوجهه السياسي ودخلت المساجد ومنابرها دائرة السياسة وأصبحت الأحداث السياسية التي تدور طوال الأسبوع محور الخطاب الرئيسي, الأمر الذي تسبب في خلافات ومشادات بين المصلين وإمامهم وفقا للآراء والتوجهات التي يتم مناقشتها.. والسؤال كيف تعود دور العبادة لممارسة دورها في الدعوة وكيف لخطب المنابر أن تساعد في تهدئة الوضع الراهن؟. في البداية يقول الشيخ فؤاد عبدالعظيم وكيل وزارة الأوقاف للمساجد والقرآن الكريم أن هناك أصول وثوابت وعقيدة لا تتغير وليس لها علاقة بما يتحدث به البعض فوق المنابر سواء كان حديثا سياسيا أو غير ذلك مؤكدا أن الخطاب الديني لبعض الأئمة ورجال الدين في الآونة الأخيرة تسبب في تغيير النظرة للدين الإسلامي خاصة في الدول الغربية التي تربط بين الإرهاب والدين الإسلامي, واستطرد قائلا إن الأزهر الشريف كعبة العلم والعلماء في العالم وأنه المؤسسة الدينية التي خرج منها علماء دين ملئوا الدنيا وأتي إليها أناس من ثقافات متعددة للاستفادة من علوم الأزهر. ويضيف أن ما حدث خلال الفترة الماضية أدي إلي حدوث فتنة واختلط فيها الرأي بالثوابت وتفرق الأئمة والمأمومون وأصبح الخلاف والشقاق أمرا معتادا داخل المساجد علي الخطب الدينية منذ دخلها السياسة لأن الحديث في أمور الدين لا يمكن أن يسبب هذا الخلاف والانفسام بل يجعلنا فريق واحد أما السياسة فالفرق والأحزاب فيها متعددة ولا يمكن جمعها علي رأي واحد. ويؤكد عبدالعظيم أن الصراع علي المناصب والكراسي السياسية ساهم كثيرا في هذه الفرقة, الأمر الذي جعل بعض رجال الدين يبتعدون عن الدور الديني الأصيل والعروة الوثقي والحبل المتين الذي أمرنا الله أن نعتصم به, وشدد علي ضرورة العودة الي الأزهر والمجلس الأعلي للشئون الإسلامية ومجمع البحوث الإسلامية وكل المؤسسات الدينية التي تنتهج الوسطية والاعتدال في الدعوة للدين. وختم حديثه موجها رسالة لأئمة المساجد بأن يجعلوا المساجد خالصة للعبادة يتحدثون عن القرآن والسنة لأنه أولي أن يكون داخل بيوت الله أكثر من أي حديث آخر. ويوضح الدكتور محمد الشحات الجندي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أنه ينبغي أن يتمتع الخطاب الديني بلغة سهلة مبسطة تقوم علي تصحيح المفاهيم الخاطئة والتركيز علي صحيح الدين مشيرا الي وجود العديد من الأفكار والآراء المغلوطة التي لا توضح موقف الإسلام الحقيقي بل تكون مجرد آراء شخصية, وضرب مثلا بإختلاف الدعاة حول معارضة الحاكم وتحريم البعض لها. ويؤكد الجندي ضرورة مواكبة العصر لأن الدين يسير علاوة علي أن الخطاب التقليدي الذي يركز علي العبادات فقط لا يصلح الآن لأن الناس يبحثون عن الخطاب الديني الذي يهتم بشئون المجتمع والسياسة جزء منه فالحديث عن الشوري والعدالة الاجتماعية والمعارضة يعتبرها البعض موضوعات سياسية ولكنها في الوقت نفسه أمور دنيوية تناولها الدين, ولكن حذر الجندي من استخدام الدين لتحقيق أغراض سياسية أو المتاجرة به للوصول لمنصب أو تحقيق مصلحة خاصة أو التشكيك في إيمان الآخر بسبب المعارضة علي حد قوله, وختم حديثه ناهيا عن استغلال الدين وتوظيف المنابر للدعاية السياسية أو خدمة أشخاص. رابط دائم :