علي الرغم من اهمية قطاع الزراعة لتحقيق الامن الغذائي الا ان هناك انخفاضا في نسبة الاستثمارات الزراعية فضلا عن انخفاض القروض الممنوحة لقطاع الزراعة بنسبة1.4% باجمالي6 مليارات جنيه في حين ان هناك دولا كثيرة قامت باحداث توازن في البنية الاقتصادية لها من خلال اهتمامها بالزراعة كالهند فالبنك المركزي الهندي حدد ان تكون15% علي الاقل من محفظة اقراض البنوك مخصصة لتمويل القطاع الزراعي وبالتالي احدث نهضة زراعية حقيقية.ويقول السفير جمال بيومي الامين العام لاتحاد المستثمرين العرب ان من اهم العوامل التي تؤدي لانتعاش القطاع الزراعي مرة اخري هي مساعدة الدولة للمزارعين لتشجيعهم علي العملية الزراعية فمعظم الدول الاخري تقوم بدعم الفلاح للتأكد من ان سعر بيعه للمحصول يغطي تكاليف الانتاج ويحقق له هامشا من الربح لتوفير احتياجاته ومساعدته للاستمرار في العملية الانتاجية فيجب علي الدولة ان تضع في الموازنات العامة مخصصات للانتاج الزراعي, كما انه لابد ان توفر البنية الزراعية الاساسية الجيدة والتي تساعد الفلاح علي القيام بعمله بسهولة ويسر مشيرا الي ان تكاليف المعيشة الصعبة في الريف تجعل الفلاح ينزح من القري ويتجه للمدن خاصة وان حياة المدينة افضل بكثير من القري وهو الامر الذي يؤدي لتصحر الاراضي وتآكلها, كما ان الفلاح يجد ان العملية الانتاجية لبعض المحاصيل الاستراتيجية كالقطن غير مجدية فيتجه لزراعة محاصيل اخري علي الرغم من هناك ميزة في هذه المحاصيل الاستراتيجية. ويضيف ان هناك تضاربا في السياسات والذي من شأنه إضعاف العملية الزراعية فلابد من القضاء علي هذا التضارب من خلال مساعدة الدولة للمزارع سواء بإقراضه او توفير البنية الزراعية الاساسية موضحا ان البنوك الخاصة تعزف عن تمويل المشروعات الزراعية لانها تحتاج لتمويل طويل الاجل في حين ان البنوك تريد لتحقيق الارباح علي المدي القصير وذلك لان السيولة الموجودة لديها هي اموال المودعين والذين يريدون الحصول علي العائد من عملية الايداع في البنوك. ويوضح الدكتور عبدالرحمن بركة رئيس بنك مصر رومانيا السابق ووكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب ان مصر في الاصل هي بلد زراعية اقتصادها كان يعتمد علي الزراعة بشكل كبير ولكن نظرا للتغيرات التي حدثت من انخفاض الربحية من عملية الزراعة والتي يمكن ان تحقق من خلال قطاعات اخري كالتجارة والصناعة فتبدأ البنوك تتوجه لتمويل مثل هذه القطاعات علي حساب القطاع الزراعي مشيرا الي ان بنك التنمية والائتمان الزراعي لابد ان يلعب دورا كبيرا في هذا الموضوع خاصة ان الفترة الحالية تشهد انتعاشا بالنسبة لبنك الائتمان الزراعي نظرا لحصوله علي تمويل من الداخل والخارج موضحا ان الدولة يمكنها التدخل لتشجيع البنوك في تمويل قطاع الزراعة من خلال دعم الفائدة الخاصة بالمشروعات الزراعية عن طريق تحمل الدولة فرق الفائدة علي هذه المشروعات وبالتالي تقبل البنوك علي تمويل القطاع الزراعي. ويشير الدكتور سعيد عبدالخالق وكيل اول وزارة الصناعة والتجارة واستاذ الاقتصاد باكاديمية النقل البحري ان هناك عدة تحديات تواجه قطاع الزراعة وتأتي في مقدمتها ان الاراضي الزراعية الاكثر جودة تم تجريفها والبناء عليها في حين ان الاراضي الصحراوية والاقل جودة اتجهت الدولة لاستصلاحها مما جعل الوضع يزداد سوءا فلابد ان تتدخل الدولة لمنع تحويل الاراضي الزراعية لاراضي بناء وتشجع الفلاحين علي الاستمرار في العملية الزراعية, ويجب اعادة دور الجمعيات التعاونية لخدمة المنتجين الزراعيين فهذه الجمعيات اصبحت لاتقوم بدورها الفعال في توفير البذور والسماد للمزارع وبعد ذلك تساعده في عملية التسويق لمنتجاته, كما ان الاهتمام بالارشاد الزراعي وربطه بالبحوث الزراعية الجديدة من اهم الموضوعات التي تعمل علي تنمية القطاع الزراعي فلابد ان يقوم مركز البحوث الزراعية بإرشاد المزارع لاستخدام التقنيات الحديثة والاساليب الجديدة في العملية الزراعية لرفع الانتاجية.ويوضح ان الاهتمام بالتمويل من ابرز العناصر لتحقيق تنمية زراعية حقيقية من خلال قيام بنك التنمية والائتمان الزراعي بدور في عملية تمويل صغار المزارعين فضلا عن تمويل البنوك الاخري للمشروعات الزراعية الضخمة والتصنيع الزراعي مشيرا الي اهمية اعادة تركيب المحصول الزراعي من خلال التوسع اكثر في زراعة المنتجات الاستراتيجية والمنتجات المطلوبة والتي يرتفع سعرها العالمي باستمرار لتصديرها. ويقول نبيل الشيمي وكيل وزارة التجارة والصناعة السابق ان الدولة لابد ان تتدخل لاحداث التوازن في البيئة الاقتصادية للدولة من خلال امتلاك الآليات التي تمتلكها من اعادة التوازن للاقتصاد عند حدوث ازمات سواء كانت ازمات زراعية او تجارية او صناعية فمثلا الهند عندما حدثت ازمة في القمح وضعت خطة استطاعت بعدها بسنة او سنتين عمل اكتفاء ذاتي في محصول القمح فالدولة هي التي تحدد القطاعات التي تلبي احتياجاتها وتوجه الاستثمارات اليها لخلق اقتصاد قوي. ويوضح ان مصر قامت برفع يدها عن السوق وتركت الامر تحت مسمي اقتصاديات السوق الحرة وفكرة اليد الخفية التي يمكنها رفع اداء الاقتصاد مما نتج عنه حدوث عدة ازمات كاللحوم والانابيب والسولار والخبز مشيرا الي ان كل وزارة تقوم بعرض خطتها الاقتصادية الطموحة والتي لايتحقق شيء منها بدليل حدوث العديد من الازمات في قطاعات مختلفة موضحا انه لابد من الاهتمام بالقطاع الزراعي والذي يمثل الامن القومي للبلاد لانه يمكن عند حدوث ازمة في ارتفاع الاسعار العالمية ولم تستطع الدولة الاستيراد حدوث ازمة داخلية فلابد ان تكون الدولة قادرة علي السيطرة علي هذه المواقف, فهناك محاجة ملحة لاعادة النظر في دور الدولة في احداث التوازن بالبنية الاقتصادية.ويؤكد ان البنوك الحكومية لابد ان يكون لها دور اكبر في تمويل القطاع الزراعي بتوجيه من الدولة وذلك لان البنوك الخاصة لايمكن ان تسيطر عليها الحكومة والتي تهدف بشكل اساسي الي الربح السريع وتحقيق عائد مادي كبير بأقل انواع المخاطرة لانها تري ان تمويل القطاع الزراعي به نسبة عالية منها لانه يتوقف علي عملية الانتاج وحصاد المحصول في النهاية فيمكن انتشار آفات في المحصول تقضي عليه وبالتالي لن يستطيع البنك الحصول علي اموال مرة اخري ولذلك فان البنوك تعزف عن تمويل قطاع الزراعة.