دائما ما تذكرنا معجزة الإسراء والمعراج كل عام بدروس عظيمة من أهمها علاقة الأمة ببيت المقدس والمسجد الاقصي أولي القبلتين وثالث الحرمين وبأن الامة وسط همومها وأحزانها يجب أن تلجأ إلي الله, وأن الأمل والتفاؤل هو المنهج الأصيل في التعامل مع كل الازمات كما كان الرسول صلي الله عليه وسلم يفعل حتي جاءه الفرج. ويؤكد الشيخ محمد عبدالفتاح وكيل وزارة الاوقاف بالقاهرة أن رحلة الاسراء والمعراج مليئة بالعبر والدروس التي تعود علي الأمة بالخير والنفع في حاضرنا ومستقبلنا فهي مثلا تعطينا درسا في عدم اليأس وعدم الاستسلام لواقع نكد, وأن المؤمن موطن علي انتظار الفرج, وعلي اليقين بيسر يعقب العسر, وقد كانت معجزة الاسراء والمعراج في منتصف السنة الحادية عشرة من البعثة في وقت تلاطمت فيه أمواج العناد والتكذيب والإيذاء لسيد الخلق صلي الله عليه وسلم ولصحابته الكرام وحاول صلي الله عليه وسلم دخول مكة بعد عودته من الطائف ولم يستطيع دخولها إلا في حماية رجل من المشركين هو المطعم بن عدي فكان النور بعد الظلام والفرج بعد الشدة, إذا كانت أبواب مكة أغلقت دونك فها هي أبواب السماء قد فتحت لك يا محمد, إذا كنت قد دخلت مكة في جوار رجل من المشركين. ففي جوارك يصل إلي حضرتي جبريل الأمين يا محمد اذا كان أهل مكة قد رفضوا اتباعك فإن الأنبياء قد اصطفوا في بيت المقدس يصلون خلفك يا محمد, إذا ضاق بك الفضاء فمرحبا بك في السماء, ولو أسقطنا هذا الدرس علي واقع الأمة الآن لافادنا ثقة في الله لا حدود لها وأن ما يبعث من خوف وقلق علي مستقبل مصر ممكن تغييره بإرادتنا بتغيير سلوكنا وأنفسنا ثقة في سنة الله لقوله تعالي إن مع العسر يسرا وجاء المسجد الاقصي واسطة للعقد في قلب الرحلة فكان نهاية لرحلة الاسراء من المسجد الحرام إلي المسجد الاقصي وبداية لرحلة العروج من الارض إلي السماء ورغم أن مكانة المسجد الحرام تفوق مكانة المسجد الاقصي فان الاخير كان في قلب الرحلة وكانت الصلاة بالانبياء فيه وليس في المسجد الحرام وذلك لأن الله تعالي في سابق علمه ما سيتعرض له المسجد الاقصي من محاولات استيلاء واحتلال وحصار فأورد الله ذكره في القرآن وجعله في قلب الرحلة وكأن الله تعالي يقول لكل المخاطبين في القرآن اجعلوا الاقصي في قلوبكم كما جعله في قلب الرحلة. * ويقول الدكتور مروان أبو راس رئيس فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في فلسطين: أن ذكري الاسراء والمعراج تعتبر من المعجزات التي غيرت الكثير من الاحداث منذ بداية الدعوة في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم فهناك من رسخ دينه, وهناك من تردد عنه لأنه لم يصدق بشرا عاديا يقطع هذه المسافات في ليلة واحدة من المسجد الحرام إلي المسجد الاقصي ويعود في ذات الليلة ولذلك كانت هذه الرحلة والمعجزة اختبارا وتمحيصا لمن آمن وابتلاء كذلك لكبار الصحابة وأيضا كانت للكافرين آية من أيات الله أنكروها وزادوا في سبهم وشتمهم والله يؤكد في كتابه بشكل قاطع أنها كانت رحلة ربانية ومعجزة حيث ذهب إلي بيت المقدس من البيت الحرام وعاد اليه في ليلة واحدة.. والملاحظ يجد أن الله قد ربط بين المسجد الحرام والاقصي في هذه الرحلة المعجزة مما جعل الاقصي بداية لرحلة العروج إلي السماء ثم العودة إليه ثم العودة إلي المسجد الحرام وكذلك ربط الله تعالي بين المسجدين التاريخ الذي بني فيه المسجدان والمسافة التي بينهما40 سنة كما جاء في الحديث وأكد العلماء أن الذي بني المسجد الحرام هو الذي بني الاقصي فبينهما وشائج قوية فإنه لا ينبغي التفريق بينهما علي الاطلاق وأن يظل المسجد الحرام حرا طليقا وأخوه التوأم في الأسر يعاني من ويلات القهر والتدنيس من هؤلاء اليهود الذين يدنسونه في الليل والنهار. ويؤكد أن هذه الرحلة المعجزة تدعو جميع المسلمين إلي أن يظلوا متمسكين بحقهم الذي لا يجوز الحياد عنه. ويشير الدكتور أحمد هليل مدير الارشاد الديني بوزارة الأوقاف إلي أن رحلة الاسراء والمعراج كانت مليئة بالدروس التي تؤكد استمرار محاولات أي داعية في توصيل دعوته مهما كانت الصعاب انطلاقا من موقف الطائف مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وصبره وتحمله للألام ومقابلة آذاهم بالدعاء لهم بقوله صلي الله عليه وسلم اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون كما أن موقف السيدة خديجة في حياة الرسول يدعو كل سيدة إلي الوقوف بجانب زوجها, وكذلك يوضح موقف أبو طالب في نصرته لدين الله أن الله قادر علي نصر دعوته بما شاء وكيف شاء كما أن العروج للسماء من الاقصي يبين مكانة الاقصي في الدين الإسلامي, الأمر الذي يتطلب المحافظة عليه والذود عنه بالغالي والنفيس, فضلا عن أن رحلة الاسراء والمعراج أوضحت كيف كانت محبة الرسول لأمته فلم يترك شيئا في رحلته إلا وذكره لأمته وأن مكانة الصلاة التي تعتبر الركن الركين في الاسلام باعتبار مكان فرضيتها ولذلك فهي معراج المسلم كل يوم إلي الخالق سبحانه وتعالي. ويؤكد الدكتور جمال عبدالستار وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة أن الله سبحانه وتعالي أراد أن يوضح لهذه الأمة من ذكري الاسراء والمعراج مكانتها ورفعتها وعلوها وأنها لن تسقط إلي يوم القيامة فمعراج الرسول دل علي صعود هذه الأمة كما ان الأمة يجب ان تدرك ان مع العسر يسرا فبعد الضيق فرج وها هو سيد المرسلين تتحول محنته إلي منحة وعلي المسلمين أن يعلموا أن المسجد الاقصي امانة تسلمها النبي من جميع الانبياء حينما صلي بهم إماما فوجب علي الأمة ان تحافظ علي هذه الأمانة. رابط دائم :