ظل الفتي محتفظا بابتسامته علي شفتيه حتي بعد خلوده للنوم ولاحظ أبوه البشاشة تملأ وجهه, وسحب الغطاء علي ابنه ذي السبعة عشر ربيعا ولم يكن يعلم الأب أن نجله كان يتقلب في أحب الأماكن إليه. عشق مصطفي الألعاب المائية وسكن ساعات نهاره وحتي آخر الليل في ملاهي أبوسعيد الذي حدد قيمة اللعب في حوض السباحة لمدة ربع الساعة ب2 جنيه كان يحصل علي أضعافها مصطفي من والده مكافأة له علي درجاته المتميزة في الترم الدراسي الأول وكما وعد الأب أثناء الدراسة ولده كان يدفع ما يلزم لمتعة مصطفي المفضلة. وكعادته اتصل مصطفي بأقرانه ودعاهم إلي مشاركته في السباحة بالملاهي المجاورة لمنزله بالمقطم واستمع إلي حديث زميله الذي كان يسهب في سرد أن أبا سعيد لا يتردد في توصيل التيار الكهربائي إلي مياه حوض السباحة عن طريق سلك عار موصل بالكابل الرئيسي كل ربع ساعة منذرا بانتهاء وقت من دفع ال2 جنيه وأن الجميع يسرعون بالقفز من المياه وانهي مصطفي مكالمته بوضع ملابس العوم بحقيبته القماش الصغيرة واتجه إلي الملاهي. ومر اليوم كغيره من أيام الملاهي وسط ضحكات مصطفي وأقرانه وصيحات الاثارة والتحدي والمغامرة التي تنتهي بالصفير الحاد والحماس المتأجج حتي انتهي عدد المرات المتاحة لمصطفي بالمكوث في المياه فأسرع للقفز خارج المياه, ولكن أباسعيد كان أسرع بيده المتجهة بالسلك المار به التيار الكهربائي إلي مياه الحوض وما إن لمس السلك المياه حتي سري التيار بكامل قوته. وبالرغم من بدء مصطفي صعوده علي السلم الصغير خارج الحوض إلا أن التيار كان قد تمكن من جسده المتساقط منه المياه وبيده الممسكة بدرجات السلم وتفجرت صرخات زملائه وجميع من شهد الواقعة وهم يرون جسد مصطفي وهو ينتفض والتيار يسري في جسده, وحاول الجميع إنقاذه أو الاتجاه إليه ولكن سكتت أنفاس من كانت أصوات ضحكاته وصيحاته المرحة مع أقرانه تحلق في الآفاق بين رواد الملاهي. وفجأة سكتت الصرخات وحملقت العيون في مشهد مصطفي قبل خروجه من الحوض ثم عادت الصرخات تنطلق من جديد وتفجرت دموع زملائه وارتموا علي الأرض في حالة انهيار وتنبه بعضهم وقاموا بنقله إلي مستشفي المقطم. ووقف الأب أمام اللواء جمال عبد العال مدير الأدارة العامة لمباحث القاهرة يستمع إلي الأب المكلوم الذي كان بين الحياة والموت محاولا ألا يفقد إيمانه في بلائه المفاجئ واتهم علي سعيد علي الشهير بأبي سعيد صاحب الملاهي التي شهدت نكبة نجله بأنه المتسبب في وفاته, واستمع محمد صلاح الدين رئيس نيابة الخليفة إلي أقوال مسعد والد مصطفي المجني عليه وكشفت تحقيقات النيابة أن منشأة الملاهي عبارة عن حديقة صغيرة حولها أبوسعيد إلي مكان أشبه بالملاهي الصغيرة وغير مرخصة وغير مطابقة للمواصفات البيئية فأمر محمد فتحي قشلان وكيل النيابة بحبس المتهم4 أيام علي ذمة التحقيق الذي ثبت من فحص سجله انه مسجل خطر. رابط دائم :