يعد الملك تحتمس الثالث أشهر ملك وقائد عسكري في العصور القديمة, وسمي هذا الملك باسم نابليون الشرق وكذلك أول إمبراطور في التاريخ, فكان أول من قسم جيشه إلي قلب وجناحين واستخدم تكتيكات عسكرية ومناورات لم تكن معروفة من قبل وذلك في انتصاره في معركة مجدو وفي خمس عشرة حملة أخري علي بلاد الشام والعراق وحملة ضد بلاد الجنوب. فبعد أن علم تجمع ملك قادش ومعه230 أميرا بجيوشهم في منطقة مجدو, عقد تحتمس الثالث مجلس حرب مع ضباطه, وكان هناك ثلاث طرق للوصول إلي مجدو اثنان منها يدوران حول سفح جبل الكرمل والثالث ممر ضيق ولكنه يوصل مباشرة إلي مجدو في زمن أقل من الطريقين الآخرين وقد استقر رأي تحتمس علي أن يمر الجيش من الممر الثالث في مغامرة قلبت موازين المعركة فيما بعد وتعتبر من أخطر مغامرات الجيوش في العالم القديم. استدعي اتخاذ ذلك الممر في التقدم لمفاجأة الأعداء أن يحمل الجنود المصريون عتادهم الحربي بالاضافة إلي عرباتهم الحربية وأحصنتهم فكانوا يفكون العربات الحربية ليسهل حملها وتسللوا عبر الممر الضيق في مجموعات صغيرة وكان ذلك مجازفة كبيرة علي الجيش. كانت قوات العدو قد تمركزت عند نهاية طريقين فسيحين معتقدة أن الجيش المصري سيأتي من أحدهما أو من كليهما. في فجر اليوم التالي أمر الملك تحتمس الثالث الجيش بإعادة تركيب العربات الحربية والاستعداد للهجوم المفاجئ. وهجمت قواته وكان علي رأسهم في المقدمة علي شكل نصف دائرة علي مجدو فكانت المفاجأة أن يبادرهم المصريون بهذا الهجوم الكاسح فاضطربوا وفقدوا توازنهم وبدأ قادة الجيوش والسرايا في الهروب, وبسبب انشغال أفراد الجيش المصري بجمع الغنائم( كما حدث في غزوة أحد) تمكن الآسيويون من الهروب إلي المدينة وتحصنوا فيها, مما اضطر تحتمس الثالث لحصار مجدو سبعة شهور طويلة حتي استسلمت. في العصر الحديث استخدمت طرقه الحربية في كثير من المواقف فمنها علي سبيل المثال استخدام المعتمد البريطاني اللنبي لنفس طريقة تحتمس عندما ذهب لاحتلال الشام في الحرب العالمية الأولي. وكان هذا الملك يحضر أبناء ملوك البلاد الذي انتصر عليها ليتم تربيتهم في مصر حتي يشبوا علي الولاء لمصر وعندما يصبحون حكاما بعد ذلك يكونون موالين لمصر, ونفس الخطة استخدمتها بريطانيا عندما استقدمت الهنود ليتعلموا في بريطانيا حتي يشعروا بالولاء للتاج البريطاني( واستخدمها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مع بعض الأسرات الحاكمة في إفريقيا). وكذلك الخطة التي استخدمتها المانيا لعبور نهر الراين هي نفس الخطة التي استخدمها تحتمس الثالث لعبور نهر الفرات في إحدي حملاته العسكرية حيث أخذ معه المراكب مفككة وعند النهر تم تركيبها وعبرت قواته فيها. ونختم هذه المقالات بنبذة عن الأسلحة التي استخدمها المصري القديم, وتعتبر المقمعة من أهم الأسلحة في فجر التاريخ. وهي عبارة عن قطعة حجر مثبتة في قضيب من الخشب, ثم استعمل الخنجر والحربة المصنوعين من الصوان وكان يستخدم الحربة ذات الحدين. كانت أسلحة المشاة الأقواس والسهام والأسلحة الثقيلة تتمثل في التروس والهراوات الثقيلة, وكان الخنجر أقدم سلاح مصنوع من المعدن عرف في مصر, ثم ظهرت الحربة المصنوعة من النحاس ثم الدبوس المدبب الطرفين والقوس والسهم وعصا الرماية في مستهل الأسرة الأولي, وفي عهد الأسرة الرابعة ظهرت البلطة واستخدمها الجنود كسلاح في حروبهم. كان المصريون يتقون أسلحة الأعداء بدروع مصنوعة من الجلود السميكة ولم تكن الخيول تستخدم في الركوب إلا نادرا وإنما كانت تستخدم في جر العربات الحربية ولقد كان الطبل يستخدم إيذانا للجيش بالتقدم كما كان يستخدم قادة الجيش البوق لإصدار الأوامر وتوجيه سير القتال. قسم الآثار كلية الآداب جامعة عين شمس [email protected] رابط دائم :