في الأسبوعين الماضيين كتبت بعض اللمحات عن ثلاثيات متشابهة من مطربي الجيل السابق والذي عشته وتعاملت معه وحاولت أن أقدم للقاريء بعض المعلومات البسيطة ليعرف الفرق بين جيل وجيل مع الأخذ في الاعتبار سرعة تحرك الحركة التكنولوجية والتي كان لها تأثير كبير في حركة الموسيقي والغناء وسأكتب الفرق بين حركة التسجيلات في عهد جيل عظماء الملحنين والمطربين وهذا الجيل الذي يعيش في عصر التكنولوجيا المتقدمة وهل كانت هذه الظاهرة المتقدمة في عالم الاتصالات والآلات الكهربائية في صالح الموسيقي والغناء أم أننا لم نحسن استخدامها بحيث أننا لم نتمكن حتي الآن من الحصول علي أغان وتسجيلات في مستوي الأغاني التي كان يتم تسجيلها في حضور جميع الموسيقيين والكورال والملحن والجميع يعيشون في إحساس واحد في اللحن أما التسجيلات الحديثة فلايري الموسيقيون المطرب ولا الملحن ولايتم وجود الفرقة الموسيقية مع بعضها الايقاع في يوم والوتريات في يوم والآلات الفردية في يوم ويقوم المهندس بجمع هذه الآلات ويحضر المطرب ويضع في أذنه السماعات ويستمع ويملأ الفراغ الخاص به دون أي محسنات أو حركات صوتية بما يعني أنه آلة من ضمن الآلات التي يتم تركيبها وأنا أخشي أن يعتقد البعض أنني أرفض التكنولوجيا الحديثة ولكن أريد أن تكون هناك طريقة وسطية بحيث يوجد المطرب والموسيقيون والكورال مع الملحن حتي يشعر الجميع بإحساس واحد وأنا في آخر تعاملي مع التسجيلات والقيام بتنفيذ بعض الأغاني بهذه الطريقة الحديثة شعرت بالفرق بين التسجيلات في استديوهات الاذاعة وبحضور المشتركين في العمل وعلي ميكروفون واحد وبين الأسلوب الحديث في الاستديوهات الخاصة والآلات والتكنولوجيا الحديثة مفيدة جدا في عمل الموسيقي التصويرية للأفلام السينمائية والمسلسلات والمسرح أما الغناء المصري والشرقي فيحتاج للعناصر البشرية أكثر مما يحتاج للآلات الكهربائية وأنا لا أريد التعميم فهناك بعض الملحنين والموزعين يحاولون حاليا لعودة النغمة الشرقية التي فقدناها أكثر من خمسة عشر عاما ونعيش في نغمة مكررة حتي أصابنا الملل رغم أننا أغنياء بكثرة مقاماتنا الشرقية وسأذكر حادثا أو موقفا جميلا نتجت عنه أغنية أونسميها نشيد وكان المفروض أن يغنيها المطرب كارم محمود وذلك أثناء العدوان الثلاثي سنة1956 وكان الموسيقيون والكورال والملحن محمود الشريف وذلك في استديو واحد بشارع علوي والتعليمات أنه عندما تنطلق صفارة الانذار يبقي كل في مكانه داخل الاستديو وفعلا أطلقت صفارة الانذار قبل أن يصل كارم محمود الاستديو وإذا بالملحن محمود الشريف يصيح وينفعل ويقول( الله اكبر) وطلب من المهندس أن يسجل بدون المطرب واشترك الجميع في صوت واحد الله أكبر الله أكبر الله أكبر فوق كيد المعتدي والله للمظلوم خير مؤيد أنا باليقين وبالسلاح سأفتدي بلدي ونور الحق يستطع في يدي قولوا معي قولوا معي الله الله أكبر الله فوق المعتدي وبهذا الاحساس الجميل خرج أقوي نشيد في العدوان الثلاثي فهل هذا الاحساس الجماعي ممكن أن يخرج من الآلات الصماء لأن مايخرج من القلب يصل إلي القلب ولذلك أرجو العودة الي التسجيلات الجماعية ونبتعد عن الآلات والحركات الانفصالية ولانكون أعداء لأصولنا المصرية والشرقية والله فوق المعتدي.