توفي سيد درويش عن عمر يناهز الواحد والثلاثين عاما في العاشر من شهر سبتمبر عام1923 تاركا ميراثا موسيقيا حفيا يظهر في بعض الأعمال الخالدة التي تحث علي الروح القومية كالنشيد الوطني بلادي بلادي الذي نتغني به للآن. وأيضا بعض الألحان الشهيرة مثل قوم يا مصري وزوروني كل سنة مرة, كما آثرانا شيخ الموسيقيين بالطرب الأصيل متمثلا في صوت حفيده المطرب الفنان إيمان البحر درويش. إننا بصدد التحدث عن قمة إبداعية فنية ورمز عظيم من رموز الموسيقي المصرية والعربية.. له بصمات عدة ويرجع له الفضل في تطوير الموسيقي وتبسيطها للجمهور بعد أن ظلت لأعوام موجهة لعلية القوم حيث استطاع بعبقريته أن يخاطب جميع طوائف المجتمع المصري بكل طبقاته من خلال موسيقاه البسيطة ذات القيمة الرفيعة والتي تركت آثارا إيجابية علي المستمع مما جعل منه علما من الأعلام الموسيقية النادرة.. إنه فنان الشعب سيد درويش الذي أثري الحياة الموسيقية زخرا موسيقيا رائعا وفي هذه الأيام تمر الذكري المائة وإحدي وعشرون علي ميلاده.. ورغم قصر حياته إلا انه استطاع خلال فترة وجيزة أن يكون من أهم الموسيقيين الذين ظهروا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين للدرجة التي جعلت إنتاجه الفني من أساسيات التدريس في المعاهد الموسيقية المتخصصة لما فيها من فكر واع ونابض بما في المجتمع من أحداث وظروف ومشاعر آنذاك. فسيد درويش ولد في مدينة الإسكندرية في السابع عشر من مارس عام1892 في ظل الاحتلال البريطاني وكان يردد أغاني سلامة حجازي- أحد رواد الموسيقي خلال القرن التاسع عشر وصاحب تطوير المسرح الغنائي المصري والذي يعد الأب الروحي لسيد درويش فيما بعد- والتحق بالمعهد الديني وتزوج في سن مبكرة واشتغل كعامل بناء ليستطيع العيش بالإضافة لغنائه في بعض المقاهي بالإسكندرية وبعد أن لفت انتباه أشهر العاملين بالوسط الفني وهما الأخوان أمين وسليم عطا الله اتفقا معه علي السفر إلي الشام وتعلم هناك العزف علي العود وتدوين النوتة الموسيقية ثم بدأ نبوغه في تلك الفترة وذاعت شهرته من خلال أعماله, ثم عاد للعيش في القاهرة تاركا مسقط رأسه الإسكندرية عام1917 حيث ذاع سيطه من خلال حفلاته التي قدمها هناك والتي كانت سببا في تعرفه علي عدد كبير من الفنانين.. بعد ذلك سافر مع جورج أبيض إلي سوريا وفيها تأثر بالألحان الموسيقية السورية ومن خلال تلك الخبرات المتراكمة استطاع درويش أن يجعل لنفسه أسلوبا مميزا في ألحانه وموسيقاه داخل كل القوالب الموسيقية المختلفة التي تطرق إليها, حيث استطاع هذا الموسيقي العظيم أن يستحوذ علي قبول العامة من المصريين البسطاء بالإضافة لما في أعماله من نبوغ فني واستباق للأساليب الموسيقية المستخدمة في هذا الوقت, مما أدي لظهور عبقريته الموسيقية والتي تمثلت في العشرات من الأدوار وأربعين موشحا ومائة طقطوقة وثلاثين مسرحية وأوبريت, كما أدخل البوليفونية وهي تعدد التصويت أي أداء أكثر من لحن في آن واحد وهو ما كان مستحدثا علي الموسيقي الشرقية والتي لم تعرف هذا الأسلوب في مؤلفاتها والذي ظهر في أوبريت العشرة الطيبة وأوبريت شهرزاد. وتوفي سيد درويش عن عمر يناهز الواحد والثلاثين عاما في العاشر من شهر سبتمبر عام1923 تاركا ميراثا موسيقيا حفيا يظهر في بعض الأعمال الخالدة التي تحث علي الروح القومية كالنشيد الوطني بلادي بلادي الذي نتغني به للآن, وأيضا بعض الألحان الشهيرة مثل قوم يا مصري وزوروني كل سنة مرة, كما آثرانا شيخ الموسيقيين بالطرب الأصيل متمثلا في صوت حفيده المطرب الفنان إيمان البحر درويش. ورغم نبوغ هذه الموهبة إلا أن درويش لم يلق التقدير الكافي الذي يتفق وإسهاماته الفنية.. ونحن كفنانين نزخر ونفخر بوجود هذه القيمة الموسيقية في تراثنا الفني.. ورغم معرفة كثير من الأوساط باسم سيد درويش كموسيقي في المجالات المختلفة بين فئات الشعب إلا أن الكثيرين لم يعرفوا مدي قيمته الفنية ومقدار إسهاماته الحقيقية في التراث الموسيقي كواحد من أهم القمم الموسيقية المصرية والعربية. رابط دائم :