نورهان عبد المنعم حسنين طالبة من المتفوقات في الثانوية العامة هي بالفعل نموذج للإرادة والتحدي بمعني الكلمة فهي مصابة بما يقارب كف البصر حيث تعاني من ضمور عصب. الإبصار ولا تري الا بصيصا من الضوء وبالطبع لا تميز الألوان ومع ذلك فقد حباها الله عزوجل بصيرة وذكاء فطريا جعلها تحقق التفوق طوال سني دراستها وحصلت علي العديد من شهادات التفوق رغم انها لا تستطيع القراءة مباشرة ولكنها تستخدم عدسة مكبرة مجهزة لهذا الغرض اما الكتابة فهي تعاني فيها حيث لا تري السطر غالبا ولكنها تتوقعه ومع كل هذه الظروف تحدت نورهان اعاقتها واستطاعت ان تحصل علي مجموع95% علمي رياضة والغريب انها اختارت قسم علمي رياضة رغم ان كل المحيطين بها كانوا ينصحونها ان تدخل الثانوية الادبية لتلتحق بكلية نظرية كما فعل طه حسين ولكنها تمسكت بالأمل والإرادة لتحقق المفاجأة وتلتحق بكلية الهندسة وسط ذهول الجميع بمن فيهم اساتذتها وعندما نواجهها بأن مكانها ليس في كلية الهندسة كانت تقول بعزيمة:( أعطوني الفرصة ثم حاسبوني وإن كان الله قد ابتلاني بما يشبه فقد البصر فقد أعطاني قدرة علي الاستيعاب وصبرا وعزيمة فلا أكثر من اجد ولو قليلا من التشجيع بدلا من الإحباط ولقد تحديت الظروف ومازالت تتحدي حيث بذلت جهدا جهيدا في السنة الاعدادية بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية حتي نلت رضا اساتذتي وهو وسام علي صدري وتاج فوق رأسي. ومن المفاجآت انها حصلت علي19 درجة من عشرين في مادة الوصفية وهذه حصيلة درجات أعمال السنة وهي مادة ليست بالسهلة بل تقوم علي التخيل والإدراك ولكنها بالعزيمة والاصرار التي تتصف بهما حققت الامتياز فيها وفي بقية المواد الدراسية المختلفة إلا مادة واحدة لم تمتحن فيها إلي الآن هي مادة الرسم الهندسي التي تحتاج إلي قدرة بصرية بنسبة100% حيث ان المليمتر الواحد يفرق كثيرا فما بالنا وهي لا تستطيع ان تري ما تكتبه الا بالعدسة المخصصة وطبعا مستحيل عليها أن ترسم وتمسك بالعدسة في نفس الوقت, من المستحيل ان تري المليمتر او ما هو أكبر منه قليلا خصوصا ان وقت امتحانها محدود, وهذه المادة تدرس في السنة الاعدادية فقط وقد لا تدرس في اقسام أخري كثيرة كالانتاج والغزل والنسيج والكيمياء والكمبيوتر وغيرها وهي مطلوبة في قسم المدني والعمارة. وصاحبة الإرادة الفولاذية لا تطلب الكثير تطلب نظرة حانية من رئيسة جامعة الإسكندرية او وزير التعليم العالي تطلب ان ينظروا اليها نظرة الأب الذي ابتلي ابنه ولكنه صابر محتسب يشق طريقه, تطلب نورهان فقط ان تعفي من هذه المادة في السنة الاعدادية علي ان يشترطوا عليها عدم الالتحاق بقسم يتطلب هذه المادة, خصوصا ان ضمور عصب الإبصار لا علاج له ولن ينتظر ان تستطيع ان تتغلب علي هذه المادة في اي وقت تال. فهل تجد النظرة الحانية او نظرة التشجيع التي يلقاها من هم في مثل حالتها في كثير من الدول الأخري. نحن في انتظار القرار الشجاع وليس علي الله ببعيد. والمحرر التعليمي للأهرام المسائي يشكر الاستاذ أشرف معروف لانه بعث لنا بصرخة نورهان وأقول له هكذا يكون المعلم الحقيقي متجسدا في شخصك.