كأي فتاة تحلم بتحقيق كيانها بعيدا عن أسرتها, بحثت منيرة بعد تخرجها في كلية الآداب عن فرصة عمل في إحدي مدارس محافظة المنيا, حتي نالت ما أرادت وعملت إخصائية نفسية. بساطة جمالها وواقعيتها لفتتا أنظار أحد شباب المنطقة إليها الذين تقدموا لخطبتها, وبعد أن أجرت أسرتها تحرياتها عن العريس وجدوا أنه يعمل محاسبا بإحدي الدول العربية, وهو ما كان دافعا فضلا عن خلقه وأصله الطيب لموافقة منيرة علي الزواج منه, لأنه يمتلك أساسيات تحمل المسئولية. باركت أسرتا العريسين زواجهما, فغمرت الفرحة قلب الزوجين اللذين عقدا قرانهما بعد3 أشهر من الاتفاق. مضت الأيام والأشهر ولاحظت منيرة أن زوجها لم يتحدث إليها عن توقيت سفره, حيث كان يعمل, وترددت كثيرا في أن تسأله عن ميعاد سفره ليستأنف عمله, وأقنعت نفسها بأن حبه واشتياقه الدائم لها هما السبب في عدم رغبته في السفر وتركها بمفردها. بذكائها وفطنتها لاحظت منيرة أن والد زوجها هو من يتولي مسئولية الإنفاق علي الأسرة بأكملها, وذات يوم طلبت من زوجها أن يعطيها مبلغا من المال لتذهب للطبيب, وفوجئت بمحمد يتركها وينزل للطابق الأسفل حيث شقة والده, وبعدها دخل إلي حجرتها وأعطاها النقود, فتأكدت الشكوك لديها بأن زوجها حصل عليها من والده. وفي الليلة نفسها ذهبت منيرة للطبيب وزف إليها بشري حملها, فملأت قلبها الفرحة, وعادت مسرعة إلي شقتها وتهيأت لزوجها وانتظرت عودته حتي تخبره بحملها, وسمعت منيرة صوت الجرس فأسرعت تفتح الباب لزوجها وأخبرته بأنها حامل, فعانقها محمد طويلا, فتشجعت وقررت أن تسأله عن سبب تأخر سفره, خاصة أنه مضي8 أشهر علي زواجهما دون أن يخرج للعمل. وبسرعة بادرها الزوج بأنه لا يملك نقودا تمكنه من العودة للسعودية مرة أخري, وطلب منها أن تعطيه مصوغاتها علي أن يعوضها أفضل منها بكثير بعد أن يعود لعمله, فوافقت الزوجة علي الفور, وبالفعل تمكن محمد من السفر وانتقلت منيرة للعيش مرة أخري بمنزل والدها كي ينفق عليها, ومرت الأشهر ووضعت منيرة طفلها الأول, واتصلت بزوجها تخبره بقدوم فلذة كبده, واتفقا علي أن يسميانه محمود, وقبل أن تضع سماعة الهاتف طلبت من زوجها أن يرسل لها مبلغا ماليا, لكنه تعلل لها بأنه غير مستقر في عمله, وهكذا الحال حتي مر عام كامل, وتحملت زوجته الكثير علي أمل أن يعوضها بعد عودته من سفره, وتشاجر محمد مع مديره في العمل فتم طرده وعاد بخفي حنين إلي المنيا محافظته, بعد أن خسرت زوجته مصوغاتها. وحضر محمد إلي حماه ليصطحب زوجته إلي شقتهما, وحمدت منيرة الله علي عودة زوجها إليها سالما, واستقبلته بشوق شديد وفرحه بمولوده الأول, وطلبت منيرة من زوجها أن يبحث عن عمل فلا يوجد أي مصدر رزق, وأن والده لا يستطيع أن يتحمل أعباء نفقات أسرة أخري, فهو لا يملك سوي راتبه من عمله بالتربية والتعليم, فقرر محمد السفر للقاهرة للبحث عن عمل هناك, وتمكن بعد جهد جهيد من العمل محاسبا بشركة سيراميك, وانتظرت الزوجة النقود من زوجها بعد أن وضعت طفلتها الثانية, لكن دون جدوي, واتصلت به عدة مرات, وفي كل مرة يختلق لها الأعذار ويطالبها بأن تأخذ ما تحتاجه من والدها الذي انتقلت للعيش عنده بعد سفره للقاهرة. وكان محمد عندما يحضر إلي زوجته مرة كل شهر, كان يعطيها200 جنيه مصروفها وطفليها, فتزايدت حدة المشاجرات بينهما حتي وصلت لحد الطلاق, وأخبر والد منيرة ابنته بأنه لا يستطيع أن يتحمل نفقاتها وطفليها, فهو لا يتقاضي سوي معاشه فقط. وفي إحدي الإجازات حضر محمد إلي زوجته وقررت أن تضع حدا فاصلا للحياة معه, ووقعت بينهما مشاجرة انفعل خلالها محمد علي زوجته وقام بضربها ضربا مبرحا. فرجعت منيرة إلي منزل والدها بعد11 سنة عاشتها مع زوج لا يتحمل المسئولية, ولجأت إلي محكمة الأسرة تطلب خلعا من زوجها المستهتر.