بذكاء شديد وبحرفية عالية جاء بيان القوات المسلحة حاملا لعدة رسائل واضحة تمثل في مجملها موقفا وطنيا مسئولا من القوات المسلحة التي تعودنا منها مثل هذه المواقف الوطنية المشرفة وقت الازمات, ولحظات الشدائد. ولاينسي الشعب المصري الدور الوطني للقوات المسلحة في ثورة25 يناير وانحيازها للشعب وحمايتها لهذه الثورة حتي تم اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تحت ادارتها بكفاءة ونزاهة شهد بها العالم اجمع, ثم عادت إلي ثكناتها بعد ان ادت رسالتها وانهت مهمتها بشرف ووطنية, واخلاص ورغم ماتعرضت له من انتقادات تجاوزات الحدود في بعض الاحيان فان الهدف الاسمي كان أشد وأكبر. ولعل بيان أمس جاء مؤكدا علي الثوابت الوطنية للقوات المسلحة ومقومات الدولة المصرية التي تضرب جذورها في التاريخ منذ آلاف السنين وصارت عقيدة لدي الشعب المصري لن يقبل المساس بها أو تغييرها. وهنا فإن قراءتي المتواضعة للبيان تشير إلي عدة ملاحظات في مقدمتها أن الجيش لن يسمح أن تنجرف البلاد إلي الفوضي وأن أمن وسلامة الوطن والمواطنين هدف أساسي وان انسحاب القوات المسلحة من المشهد السياسي بعد عملية ديمقراطية لايعني انسحابها من المهام الوطنية التي تفرضها تطورات الاحداث علي الارض, وهي رسالة تطمينية مهمة أرادت بها القوات المسلحة أن تبعث بها للشعب الذي بدأ يساوره القلق مما يحدث بينما جاءت الرسالة الاخري واضحة ايضا لجميع أطراف الحوار الوطني ومفادها أن التوافق الوطني حول القضايا الخلافية هو الطريق الوحيد للحل وإخراج البلاد من هذه الازمة وأن الجنوح بها إلي الصراع أمر مرفوض. وفي تقديري فإن هذه الرسائل وتوقيت اعلانها بالتزامن مع الحوار الذي جري أمس بالرئاسة أجابت علي العديد من الاسئلة المطروحة حول موقع وموقف القوات المسلحة من هذه الازمة, وأن كل من يهمه الامر وجد نفسه في هذا البيان, ابتداء من الاطراف المتصارعة ومرورا بالمواطنين الذين ينتابهم الخوف والقلق علي مستقبل البلاد, تبقي المسئولية الوطنية من القوي المتناحرة في الوعي بخطورة الظرف الراهن, وتلقف رسائل القوات المسلحة بمسئولية, والانخراط في حوار مسئول يعيد التوافق ويقي البلاد شر الفتنة. [email protected] رابط دائم :