وزيرة التعاون الدولى: العمل المناخى أصبح عاملا مشتركا بين كل المؤسسات الدولية    الإسكان: استكمال رصف محور كليوباترا الرابط بين برج العرب الجديدة والساحل الشمالى    تنفيذ 31 قرار غلق وتشميع لمحال وحضانات ومراكز دروس خصوصية مخالفة    النمسا تفرج عن الأموال المجمدة لوكالة الأونروا في فلسطين    من القمة العربية بالبحرين.. هنا مصر    القوات الروسية تستهدف المراكز اللوجستية للجيش الأوكراني في منطقة أوديسا    عمر جابر: نسعى للتتويج بالكونفدرالية وإهداء اللقب لروح محمد مدحت    موعد مباراة الأهلى والزمالك الثانية فى بلاى أوف نهائى دورى محترفى اليد    خطوة تفصل نور الشربيني عن إنجاز تاريخي بعد التأهل لنهائي بطولة العالم للاسكوش    طلابنا فى عيوننا.. تنفيذ أنشطة لتوعية طلبة الجامعات بأضرار الإدمان.. 40 ألف طالب وطالبة يستفيدون من برامج تصحيح المفاهيم المغلوطة عن التعاطي.. و4 آلاف طالب يتقدمون للانضمام إلى رابطة متطوعي صندوق مكافحة الإدمان    سقوط عصابة تنصب على المواطنين بالسوق السوداء للعملة    ديمى مور تخطف الأنظار أثناء حضورها الدورة ال 77 من مهرجان كان.. صور    أكرم القصاص: التحركات المصرية أحبطت أى مخطط لتصفية القضية الفلسطينية    13 مصابا جراء استهداف الاحتلال مواطنين قرب مدارس أونروا بمخيم جباليا شمال غزة    إزاي تقلل الكوليسترول والدهون الثلاثية فى الدم بطرق طبيعية.. استشاري يوضح    مطالبة برلمانية بكشف سبب نقص ألبان الأطفال    لو ناوى تخرج دلوقتى.. نصائح للتخلص من الشعور بالحر أثناء السير فى الشارع    تراجع كبير في أسعار السيارات بالسوق المحلية.. يصل ل500 ألف جنيه    قبل مناقشته ب«النواب».. «الأطباء» ترسل اعتراضاتها على تأجير المستشفيات لرئيس المجلس    الشهابى: الشعب المصرى يقف خلف القيادة السياسية لدعم القضية الفلسطينية    كبير الأثريين: اكتشاف آثار النهر بجوار الأهرامات حل لغز كيفية نقل أحجارها    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    منتخب مصر للساق الواحدة يتعادل مع نيجيريا في افتتاح بطولة أمم إفريقيا    مرصد حقوقي يحذر من تفاقم الأوضاع الإنسانية بغزة جراء سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح    رئيسا روسيا وكازاخستان يؤكدان مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    خسر نصف البطولات.. الترجي يخوض نهائي دوري الأبطال بدون مدرب تونسي لأول مرة    مهاجم الترجي السابق يوضح ل "مصراوي" نقاط قوة وضعف الأهلي    وزير الأوقاف يوجه الشكر للرئيس السيسي لاهتمامه بعمارة بيوت الله    أشرف زكي ومنير مكرم في عزاء زوجة أحمد عدوية    مدير «القاهرة للدراسات الاقتصادية»: الدولة تسعى لزيادة تمكين القطاع الخاص    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024 في مصر.. ومواعيد الإجازات الرسمية يونيو 2024    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بالوادي الجديد    تعديل مواعيد مترو الأنفاق.. بسبب مباراة الزمالك ونهضة بركان    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    مصير تاليسكا من المشاركة ضد الهلال في نهائي كأس الملك    منها تعديل الزي.. إجراءات وزارة الصحة لتحسين الصورة الذهنية عن التمريض    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    وزير التعليم ومحافظ بورسعيد يعقدان اجتماعا مع القيادات التعليمية بالمحافظة    كوكا يقود تشكيل ألانيا أمام سامسون سبور في الدوري التركي    نتيجة الصف الخامس الابتدائى 2024 الترم الثاني بالاسم.. رابط مباشر للاستعلام    مطار ميونخ الألماني: إلغاء 60 رحلة بسبب احتجاجات مجموعة "الجيل الأخير"    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوادر ظرفاء العصر
بقلم‏:‏ عبد الفتاح يونس

حفلت حياتنا الأدبية والفكرية في مصر إبان فترة أربعينيات القرن الماضي بأزهي وأروع عصورها‏...‏ كان إيقاع الحياة هادئا رتيبا يمضي في يسر وسلاسة بلا مشاكل ولا منغصات مما أتاح الفرصة أمام قرائح الشعراء والادباء والمفكرين لكي تصول وتجول في شتي دروب الخيال تاركة لنا رصيدا كبيرا من الأعمال الادبية الراقية التي نعتز بها في أدبنا المعاصر‏.‏
وحفلت تلك الفترة بطابور طويل من الأساتذة الرواد الذين أثروا ثقافتنا العربية‏,‏ وكان كل منهم بحق عالما ثريا في ذاته أضاف الكثير للنتاج العربي‏.‏
ولعل يسر وسهولة إيقاع الحياة في تلك الفترة وصفاء الذهن وراحة البال التي كانت تظلل الجميع قد تمخضت عن مجموعة كبيرة من ظرفاء العصر رسموا البسمة الصادقة علي الشفاه إضافة إلي زادهم الأدبي والفكري
‏*‏وسط تلك المجموعة المتميزة من الأدباء والمفكرين يأتي اسم عبدالحميد الديب شاعر البؤس الذي عقد مع الفقر والشقاء عقدا أبديا‏,‏ وتعامل مع الحياة بتهكم وسخرية شديدة رغم أنه كان القاسم المشترك الأعظم لسهرات وندوات كبار الساسة والوزراء والأدباء‏..!‏
وبلغت به السخرية إلي حد التهكم علي حياته قائلا‏:‏
وهام بي الأسي والبؤس حتي
كأني عبلة والبؤس عنتر
كأني حائط كتبوا عليه
هنا يا أيها المزنوق‏.....‏
كان كامل الشناوي يتندر علي عبدالحميد مقدما له قطعة فضية ذات العشرة قروش قائلا له‏:‏ حضرتها بريزة‏..‏ وحضرته الشاعر الكبير عبدالحميد الديب‏...!‏
وكان عبدالحميد الديب يشارك رفاقه في أمسيات عامرة بحي سيدنا الحسين متناولين عشاءهم الفاخر من الكباب والكفتة والطرب لدي محل كبابجي شهير وكانت المجموعة تضم كامل الشناوي ومحمد محمود باشا وشقيقه حفني محمود وعلي ومصطفي أمين ومحمد التابعي ومحمد الهمشري وآخرين‏..‏ وكان الكبابجي صاحب المحل يدرك تماما أن زبائنه هم علية القوم فمنهم الوزير والصحفي والسياسي والشاعر والمفكر ومن ثم يبالغ في إكرامهم مجهزا لهم دائما طاولة مميزة يلتفون حولها‏.‏
وذات ليلة نادي كامل الشناوي علي الكبابجي قائلا له‏:‏ هل توجد لديك عروس لشاعرنا الكبير عبدالحميد الديب الذي لم يسبق له الزواج‏..‏؟
فكر الرجل مليا وقال بتردد‏:‏ بصراحة لدي شقيقتي أرملة تمتلك منزلا هنا بحي الحسين‏.‏
فرد الشناوي‏:‏ إذن يكون عقد الزواج والدخلة الخميس القادم‏...‏ لكني أصارحك القول بأن الاستاذ الديب يصاب أحيانا باغماءة وبحالة من النسيان وتلزمه في تلك الحالة خبطة قوية علي رأسه لكي يفيق وتعود له ذاكرته‏.‏
رد الرجل‏:‏ اتفقنا‏...‏ علي بركة الله‏.‏
ومساء الخميس التالي ذهب الرفاق إلي هناك ليجدوا الحي وقد امتلأ بالزينات والانوار وفرقة حسب الله والموسيقي النحاسية تعزف في المكان‏,‏ وكان عبدالحميد الديب مرتديا بذلة جديدة احضروها له وطربوشا لامعا‏,‏ وهناك اقتادوه بالقوة ليجلس إلي جوار عروسه التي يزيد وزنها علي ربع الطن‏...!‏
وعبثا حاول المسكين التملص منهم‏,‏ فكلما حاول النهوض يفاجأ بضربة قوية علي رأسه حتي أجبروه علي التوقيع علي عقد الزواج أمام المأذون ثم حملوه بالقوة إلي منزل الزوجية لكي يتم إغلاق الباب عليه مع عروسه مع وقوف حارس ضخم الجثة أمام الباب حتي لا يفلت‏..‏ وقضي المسكين قرابة ثلاثة أيام مع عروسه البدينة وهو في غاية التأفف والضجر‏..‏ ولم تفلح صواني الفتة والكوارع والممبار في إقناعه بهذه الحياة‏...‏ وانتهز الديب فرصة فتح الباب فخرج إلي الشارع بحجة شراء فول مدمس بقرش تعريفة وكان يحمل معه سلطانية‏..‏ وبرر ذلك لها بأنه قد مل أكل اللحوم والدهون ويود تناول وجبة خفيفة وما أن لامست قدماه الطريق حتي أطلق ساقيه للريح مهرولا إلي مكان مجهول حتي استقر به المقام
في حجرته الخاصة بشارع محمد علي‏...‏ ومضي أسبوع علي تلك الواقعة وهو ينعم بالحرية والتحرر من قيود هذه الزيجة اللعينة‏.‏
وذات صباح صحا من نومه ونزل إلي الشارع لكي يشتري فولا يتناول به إفطاره حاملا نفس السلطانية فإذا بزوجته تمر من أمامه راكبة إحدي عربات الكارو وما أن رأته حتي صرخت‏:‏ زوجي‏..‏ زوجي فالتف حوله المارة موبخين إياه علي هجر منزل الزوجية وتركه هذه الزوجة المظلومة تعاني الوحدة‏...‏ وكاد الأمر يصل إلي حد اقتياده لقسم البوليس‏...‏ فنظر الديب لمن حوله وقال موجها حديثه لزوجته‏:‏ انتظري‏..‏ انتظري‏...‏ لماذا خرجت من منزلك‏..‏؟
فردت عليه‏:‏ كنت ذاهبا لشراء الفول فقال علي الفور‏:‏ مازلت حتي هذه اللحظة أبحث عن بائع الفول‏.‏
أما عمنا كامل الشناوي فقد كان في بداياته حريصا علي ارتداء الزي الأزهري‏..‏ العمامة والجبة والقفطان‏..‏ وكان يجلس مع الرفاق بهذا الزي‏...‏ وذات يوم جمعة تجمعوا في قصر محمد محمود باشا وزير الأشغال بقرية الحرانية بالجيزة‏...‏ وبعد أن تناولوا الغداء جاءت سيدة من نساء القرية قاصدة قصر الباشا لكي تجد وظيفة ميري لولدها‏...‏ روي لي الاستاذ مصطفي أمين أنه أشار عليها بالاقتراب من هذا الشيخ المعمم لأن سره باتع فإذا بالسيدة تتجه فعلا إلي كامل الشناوي قائلة‏:‏ بركاتك يا سيدنا الشيخ ولك الحلاوة‏.‏
فطلب كامل الشناوي من الشاب أن يجلس أمامه ووضع يده علي رأسه متمتما ببعض الآيات القرآنية ثم أمر الشاب بالوقوف قائلا لأمه‏:‏ النهارده ايه يا حاجة‏.‏
فردت عليه‏:‏ الجمعة يا سيدنا الشيخ
فقال‏:‏ ابنك سيعين في وظيفة ميري يوم الأحد المقبل‏.‏
فانحنت السيدة مقبلة يده‏...‏ وما إن خرجت حتي طلب الجميع من محمد محمود باشا أن يعينه لديه في وزارة الاشغال حتي يكتمل المقلب‏.‏
وصباح الأحد التالي بالفعل وصل إلي القرية مندوب الوزارة مسلما الشاب خطاب التعيين‏..!‏
ويروي الاستاذ مصطفي أمين أن قرية الحرانية انتفضت بكاملها علي هذا الخبر وأن أهل القرية جميعا تيقنوا تماما من بركات هذا الشيخ‏...‏ ووصل بهم الأمر إلي القدوم إلي دار أخبار اليوم في موكب كبير من السيارات محملين بأقفاص البط والدجاج والأوز والزبدة والفطير المشلتت لتقديمها قربانا لهذا الشيخ المبروك ولكل منهم أمنية يأمل في تحقيقها علي يديه‏...‏ فهذه تريد عريسا لابنتها‏..‏ وذاك يرجو عودة زوجته إليه‏..‏ وثالث يرجو الاستدلال علي مكان ابنه التائه‏..!‏
وبحث مصطفي أمين عن كامل الشناوي لكي يقابل زبائنه فلم يجده‏...‏ وأخبره أحدهم انه ذهب إلي كازينو بديعة مصابني لكي يروح عن نفسه قليلا‏...‏ فنزل مصطفي أمين إليهم وأمرهم بالسير خلفه حتي يدلهم علي مكان الشيخ‏...‏ وهناك وجدوا الشيخ يرقص ويتمايل مع شلة الأنس من الراقصات والبنات الحساسة وسط جو الموسيقي الصاخبة‏.‏
‏*‏أما عمنا عبد العزيز البشري فقد كان فطنا لماحا سريع البديهة إلي حد كبير‏...‏ كان مدعوا ذات يوم إلي وليمة فاخرة مع جمع من الأصدقاء لدي أحد وجهاء مديرية الشرقية‏...‏ وبعد أن تناولوا طعامهم قام الشيخ البشري ليغسل يديه‏,‏ فإذا بأحدهم يسرع إلي عباءة البشري الموضوعة علي المشجب متناولا قطعة طباشير ورسم علي العباءة رأس حمار‏...‏ وعاد الشيخ البشري ليري هذا الرسم علي عباءته فراح في نوبة طويلة من الضحك قائلا‏:‏ من منكم مسح وجهه في عباءتي‏..‏؟
وذات يوم كان سائرا في الطريق فتقدم منه أحدهم طالبا منه قراءة خطاب يحمله‏.‏
فرد عليه البشري‏:‏ أنه لا يجيد القراءة فاستغرب الآخر قائلا‏:‏ كيف لا تجيد القراءة وأنت تضع علي رأسك عمامة‏.‏
فخلع البشري عمامته ووضعها علي رأس الرجل قائلا‏:‏ اتفضل وريني كيف ستقرأ‏..‏؟
[email protected]

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.