وانج يي ل بلينكن: على أمريكا عدم التدخل في شؤون الصين الداخلية وعدم تجاوز الخطوط الحمراء    توقعات مخيبة للأمال لشركة إنتل في البورصة الأمريكية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 17 مسجداً جديداً    مسؤول أمريكي: واشنطن تستعد لإعلان عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    بداية موجة شتوية، درجات الحرارة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024 في مصر    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    إسرائيل تدرس اتفاقا محدودا بشأن المحتجزين مقابل عودة الفلسطينيين لشمال غزة    جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة للحرب على غزة    900 مليون جنيه|الداخلية تكشف أضخم عملية غسيل أموال في البلاد.. التفاصيل    طريقة تغيير الساعة في هواتف سامسونج مع بدء التوقيت الصيفي.. 5 خطوات مهمة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    شعبة أسماك بورسعيد: المقاطعة ظلمت البائع الغلبان.. وأصحاب المزارع يبيعون إنتاجهم لمحافظات أخرى    المستهدف أعضاء بريكس، فريق ترامب يدرس إجراءات ضد الدول التي تتخلى عن الدولار    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    ماجد المصري عن مشاركته في احتفالية عيد تحرير سيناء: من أجمل لحظات عمري    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. توجيهات الصحة بتجنُّب زيادة استهلالك الكافيين    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    أحمد سليمان يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    رئيس لجنة الخطة بالبرلمان: الموازنة الجديدة لمصر تُدعم مسار التنمية ومؤشرات إيجابية لإدارة الدين    نجم الأهلي السابق يوجه رسالة دعم للفريق قبل مواجهة مازيمبي    ناقد رياضي: الزمالك فرط في الفوز على دريمز الغاني    طارق السيد: ملف بوطيب كارثة داخل الزمالك.. وواثق في قدرات اللاعبين أمام دريمز    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    إصابة 8 أشخاص في تصادم 3 سيارات فوق كوبري المندرة بأسيوط    أبرزها الاغتسال والتطيب.. سنن مستحبة يوم الجمعة (تعرف عليها)    عاجل.. رمضان صبحي يفجر مفاجأة عن عودته إلى منتخب مصر    انطلاق حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير في الإسكندرية    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    بشرى سارة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال رسميًا    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    رمضان صبحي يحسم الجدل بشأن تقديم اعتذار ل الأهلي    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    بالصور.. مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    برج العذراء.. حظك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024 : روتين جديد    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور مصطفي كامل السيد يطرح رؤية مختلفة للمستقبل‏:‏

التنمية الإنسانية هي الأساس وبدونها لن يحدث تقدم نحتاج الى ثورة قى مجال التعليم وليس زيادة الانفاق فقط
في أي حوار حول المستقبل مع أستاذ للعلوم السياسية يفضل البعض الغوص مباشرة في أمور تتعلق بطبيعة النظام السياسي وعقد الكثير من المقارنات بين ما تقوله كتب ونظريات السياسة‏,‏ أي العمل الأكاديمي‏ وبين ما يجري في الواقع ويقودنا إلي المستقبل‏..‏ أي السياسة علي الأرض‏,‏ لكن بما أن الدكتور مصطفي كامل السيد ليس فقط أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة‏,‏ وإنما يترأس مؤسسة خاصة للتنمية‏,‏ فقد بدأنا الحوار من هذه الجزئية الخاصة بالتنمية باعتبارها شرطا رئيسيا للدخول في المستقبل‏,‏ وعصر التكنولوجيا والمعلومات‏.‏
‏*‏ يا دكتور أي تنمية نحتاجها للعبور إلي المستقبل‏..‏ هلي هي التنمية الاقتصادية؟‏..‏ أم البشرية‏..‏ أم ماذا بالضبط؟
‏**‏ إذا كنا نتحدث عن اتجاه التنمية في مصر‏,‏ فإن التركيز الحكومي قائم علي التنمية الاقتصادية‏,‏ في الماضي‏,‏ وسوف يكون كذلك في المستقبل‏,‏ ونحن منذ عام‏1991‏ منذ وقعنا اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي‏,‏ نسير علي هذا النهج وأتوقع استمراره في المستقبل‏.‏
‏*‏ لماذا تتوقع التركيز فقط او أكثر علي التنمية الاقتصادية؟
‏**‏ ليس بسبب عدم الاعتقاد بأهمية الأبعاد الأخري للتنمية‏,‏ وإنما لأن المسئولين عن الاقتصاد في مصر يرون أن التنمية الاقتصادية هي الطريق إلي أي نوع آخر من التنمية‏,‏ وان نمو الدخل القومي سوف يترتب عليه تقاطر ثمار التنمية‏,‏ ووصولها لكافة المواطنين‏,‏ خاصة الفقراء منهم‏,‏ والعاطلين‏.‏ هذه وجهة نظر المسئولين عن السياسات الاقتصادية في البلد‏,‏ ولا أتوقع أي تغيير في هذه السياسات‏.‏
‏*‏ لكن ثمة ملاحظات عديدة علي أن ثمار التنمية الاقتصادية لم تصل إلي جميع المواطنين‏,‏ حتي أن الرئيس حسني مبارك تحدث اكثر من مرة عن العدالة الاجتماعية‏,‏ ووضع سياسات تراعي الأكثر فقرا والأشد احتياجا‏.‏
‏**‏ نعم هذا صحيح‏,‏ لكن قناعات المسئولين عن السياسات الاقتصادية لا تزال علي ما هي عليه‏,‏ وأن الإسراع بالتنمية الاقتصادية هو الطريق لمحاربة الفقر‏,‏ وهناك تصريحات عديدة لمسئولين في هذا الشأن منهم وزير التنمية الاقتصادية عثمان محمد عثمان‏,‏ تمثل دفاعا مستميتا عن هذا النهج‏.‏
‏*‏ ولماذا تري أن دفع التنمية الاقتصادية ليس صالحا بمفرده للتنمية الشاملة؟
‏**‏ خذ مثلا تجربة الهند منذ التسعينيات حتي السنوات الأولي من القرن الحادي والعشرين‏,‏ حيث تراوح معدل النمو الاقتصادي بين‏7%‏ و‏8%,‏ لكن هذا المعدل من النمو لم يترتب عليه التخفيف من حدة الفقر‏,‏ لذلك جاء حزب المؤتمر الهندي إلي الحكم لتغييرالسياسات التي كانت تتبعها الحكومات السابقة بزعامة حزب جناتا‏,‏ التي اعتمدت علي التنمية الاقتصادية فقط‏.‏
‏*‏ وماذا تتوقع في الحالة المصرية؟
‏**‏ لا أتوقع تغييرا في السياسات‏,‏ كما قلت‏,‏ لأن القيادة السياسية تثق في قدرة الفريق الاقتصادي‏,‏ لذلك أتوقع ايضا جهودا لإزالة العوائق أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية‏,‏ وتذليل العقبات التي تواجه القطاع الخاص‏..‏ يعني المزيد لدعم فاعلية السياسات الرامية لدعم النمو الاقتصادي‏.‏
‏*‏ وماذا يفترض أن نفعل خلال العقد القادم؟
‏**‏ لابد من الاهتمام بالتنمية الإنسانية‏,‏ بمعني زيادة الإنفاق علي الخدمات التي تؤدي إلي رفع كفاءة العنصر البشري في التنمية‏,‏ وهذا يقتضي ثورة في نظام التعليم‏,‏ وليس زيادة الإنفاق علي العملية التعليمية‏,‏ لأن الزيادة دون تفكير في طبيعة المناهج‏,‏ وأحوال المعلمين‏,‏ ومواجهة البيروقراطية الموجودة في المؤسسات القائمة علي أمر التعليم‏,‏ والتي اثبتت قدرتها علي إفشال أي محاولات للإصلاح‏,‏ ستفشل اي محاولات لعلاج الخلل لذلك اقول نحن بحاجة إلي ثورة في التعليم‏,‏ وبدونها لن يحدث أي تقدم علي طريق التنمية الإنسانية‏.‏
‏*‏ كأستاذ جامعي في الأساس ما هو المطلوب لإصلاح احوال التعليم الجامعي‏..‏ هل إصلاح الجامعات القائمة؟‏..‏أم بالتوسع في التعليم الجامعي الخاص والأهلي؟
‏**‏ من المؤكد أن الجامعات الحكومية تستوعب العدد الأكبر من خريجي المدارس الثانوية‏,‏ كما أن القيادات التعليمية للجامعات الخاصة لا تزال تأتي من الجامعات الحكومية‏,‏ وبالتالي فإن أي جهد لإصلاح التعليم الجامعي يجب أن يركز علي الجامعات الحكومية التي تستوعب ما لايقل عن‏90%‏ من الدارسين بالجامعات في مصر‏.‏
‏*‏ هل هذا يعني أنك مع الحفاظ علي مجانية التعليم الجامعي؟
‏**‏ في ظروف مصر الاقتصادية ينبغي أن يكون التعليم الجامعي متاحا للجميع‏,‏ يمكن اشتراط أن يسدد الطالب رسوما في حدود من مائتين إلي ثلاثمائة جنيه سنويا‏,‏ فربما يساعد ذلك علي تحسين إيرادات الجامعات‏,‏ مما قد يسمح بتطوير التعليم بها‏,‏ وهذا لا يخل بمبدأ إتاحة التعليم الجامعي لكل من يريد الوصول إليه‏.‏
‏*‏ وهل المشكلة في التمويل فقط؟
‏**‏ لا‏..‏ هو جزء من المشكلة‏,‏ في نفس الوقت لدي الجامعات موارد لا تستخدمها علي النحو الصحيح‏,‏ وقد أثبت رئيس جامعة القاهرة ذلك‏,‏ وهو يستخدم حاليا الموارد المتاحة في رفع كفاءة العملية التعليمية وزيادة دخول أعضاء هيئة التدريس‏,‏ وإذا كان رئيس جامعة القاهرة فعل ذلك‏,‏ فيمكن أن ينجح رؤساء الجامعات الأخري‏..‏ لدينا مشكلة أخري في الإقبال علي التعليم الجامعي بسبب أن فرص الترقي الاجتماعي مرتبطة إلي حد ما بالشهادة الجامعية‏,‏ وإذا تم فك هذا الارتباط‏,‏ وجعل الترقي الاجتماعي مرتبطا بالخبرة العملية فسوف يخف الضغط علي الجامعات‏.‏
‏*‏ بشكل عام إذا اعتبرنا التعليم هو أهم تحد تواجهه مصر في مجال التنمية الإنسانية فماذا نحتاج؟
‏**‏ نحتاج إلي الارتباط بين التعليم قبل الجامعي والتعليم الجامعي‏,‏ فلا يمكن إصلاح التعليم الجامعي‏,‏ ما لم يتم رفع مستوي التعليم قبل الجامعي‏..‏ نحتاج أيضا إلي الديمقراطية في إدارة العملية التعليمية‏,‏ لذلك فإن انتخاب العمداء ورؤساء الجامعات ضرورة لعملية الإصلاح‏..‏ وفي نفس الوقت يجب أن تتمتع قواعد الترقية في الجامعات بالشفافية الكاملة‏,‏ بمعني أن تكون الأبحاث المقدمة للترقية معروفة لكافة الأساتذة لكشف أي حالة غش أو نقل‏.‏
‏*‏ وماذا عن مشكلة الأعداد الكبيرة في الكليات والجامعات؟
‏**‏ من الممكن التغلب علي هذه المشكلة من خلال تكنولوجيا المعلومات‏,‏ عن طريق الدوائر المغلقة‏,‏ وإتاحة المواد التعليمية علي شبكة الإنترنت‏..‏ينبغي ايضا الا يكون التعليم المفتوح وسيلة للحصول علي شهادة جامعية‏,‏ وإنما يبقي كوسيلة لتوفير ثقافة عامة في المجتمع‏,‏ ولا يسمح لهم بمنافسة خريجي الجامعات النظامية‏.‏
‏*‏ وماذا عن الجامعات الخاصة؟
‏**‏ من تجربتي الخاصة في التعامل مع هذه الجامعات اكتشفت عدم وجود جدية في تلك الجامعات‏,‏ فبعضها لا توجد به مكتبات‏,‏ ومستوي العديد من طلابها في اللغة الأجنبية التي يفترض أن يدرسوا بها ضعيف للغاية‏,‏ كما أن الأخلاقيات يحكمها منطق المال‏,‏ وليس قيمة العلم‏,‏ بمعني أن الطالب الذي دفع الآلاف للالتحاق بهذه الجامعات لابد أن يحصل علي درجات تساوي ما دفعه من أموال‏..‏ وهذه كارثة‏.‏
‏*‏ وكيف نتغلب علي كل هذه التحديات؟
‏**‏ بأن نجعل العلم أساس صناعة القرار في المجتمع‏,‏ ولدينا أمثلة علي مشروعات لم يؤخذ فيها رأي العلماء‏,‏ وترتب عليها خسارة هائلة للاقتصاد القومي‏,‏ مثل مشروع توشكي‏,‏ ونفق الأزهر‏,‏ وموضع المحطة الثالثة لمطار القاهرة‏..‏ وغيرها من المشروعات التي أنفق عليها الكثير دون وجود دراسات علمية‏.‏
والتنمية الإنسانية تعني استخدام قدرات البشر كأساس لصنع السياسات‏,‏ وبالتالي استعادة مكانة العلم في صنع السياسة‏..‏ هذه مسألة في غاية الأهمية‏,‏ ويمكن التفكير في وجود مستشار علمي في كافة الوزارات والهيئات‏,‏ كما هو معمول به في إسرائيل‏,‏ تكون مهمته دراسة المشروعات التي تتقدم بها تلك الوزارة او الهيئة‏.‏
‏*‏ أفهم من كل ما قلت ان التنمية الإنسانية تعني الاهتمام بالتعليم وبدور العلم في صناعة السياسات‏!‏
‏**‏ نعم ولا يمكن تصور تنمية إنسانية بدون رفع المستوي الصحي للمواطنين‏,‏ وهذا يعني قيام الحكومة بدورها في الرقابة والإشراف علي المؤسسات الصحية والبيئية العامة‏.‏
والتنمية الإنسانية لا تتحقق أيضا إلا في ظل نظام ديمقراطي‏,‏ لذلك فإن الانتقال إلي أوضاع أكثر ديمقراطية مسألة ملحة‏.‏
‏*‏ بما اننا دخلنا إلي قضية الديمقراطية‏,‏ نحن في ظل حالة حراك سياسي لا تخطأها عين‏,‏ وعلي أبواب ثلاثة انتخابات في مجلسي الشوري والشعب‏,‏ وصولا إلي الانتخابات الرئاسية‏2011‏ إلي أين سيقودنا كل ذلك؟
‏**‏ في الأجل القصير لا أتوقع حدوث تعديل في القواعد الأساسية التي تحكم الحياة السياسية في مصر‏,‏ ولن يترتب علي هذا الحراك أي أمر مهم‏,‏ لكن في الأجلين القصير والمتوسط سيكون له أثره‏,‏ فإذا كانت أوساط واسعة في النخبة تري ضرورة تعديل مواد في الدستور‏,‏ خاصة طريقة انتخاب رئيس الجمهورية‏,‏ ومدد الحكم‏,‏ والإشراف القضائي علي الانتخابات‏,‏ فإنه في الأجل المتوسط ستحدث استجابة لهذه المطالب‏,‏ خاصة وأن بعض أوساط النخبة الحاكمة ومن داخل أمانة السياسات مع هذه التعديلات‏.‏
‏*‏ بالتفصيل ما هي رؤيتك لما سيحدث في الأجل القريب؟
‏**‏ إذا لم تتغير قواعد اللعبة فإن انتخابات مجلسي الشعب والشوري القادمتين لن تأتيان بجديد‏,‏ وسيهيمن عليهما الحزب الوطني‏.‏
‏*‏ وفي الأجل المتوسط؟
‏**‏ أعتقد انه سيكون هناك تغيير‏,‏ لأنه يوجد وعي عام لدي المجتمع بأهمية التغيير‏,‏ وليس ممكنا أن يظل الأمر في حدود الرغبة العامة فقط لفترة طويلة‏.‏
‏*‏ وهل هي رغبة قطاع واسع من الرأي العام‏,‏ أم مطلب نخبوي فقط؟
‏**‏ النخبة تعبر عن الرأي العام‏,‏ وأعتقد أن القبول العام لطبيعة النظام السياسي محدودة للغاية‏,‏ وإذا كان الحراك السياسي يمس النخبة في الوقت الراهن‏,‏ فهذا لا يعني أن من لا يشاركون في هذا الحوار يعترضون عليه‏.‏
‏*‏ وقد يكون عدم مشاركة الرأي العام في هذا الحوار النخبوي حول التغيير تعبيرا عن عدم قناعة به؟
‏**‏ لا أتصور ذلك‏,‏ فالحراك لم يعد نخبويا فقط بدليل أن المشاركين في جبهة البرادعي معظمهم من المحافظات وليسوا من النخبة‏.‏
‏*‏ أنت تتكلم عن عدد محدود من الناس‏,‏ لا يشكلون رغبة عامة‏,‏ ولا يمكن اعتبار عدة مئات أو آلاف مؤشرا عاما علي رغبة عارمة في التغيير‏,‏ بل يمكن القول انها نفس الوجوه التي تتحرك في نطاق الحركات الاحتجاجية منذ سنوات‏!‏
‏**‏ أعتقد ان المسألة تتجاوز ذلك‏,‏ وفي ظروف مثل مصر حيث يعرف الجميع أن الإعراب عن رأي جماعي ضد الحكومة له ثمن لابد من دفعه في مثل هذه المواقف‏,‏ يجعلنا نري في هذه الأراء تعبيرا عن أغلبية صامتة لم تستطع التعبير عن آرائها‏...‏ المهم أن مطلب تغيير العملية السياسية في مصر عام‏,‏ وأستبعد ان تجد مثقفا مصريا مستقلا لم يعرب عن هذه الرغبة في التغيير‏.‏
‏*‏ نتجاوز هذه النقطة الخلافية حتي لا نظل ندور حولها‏..‏ أنت تري إذن أن شكل الحياة السياسية سيتغير خلال العشر سنوات القادمة‏!‏
‏**‏ لا‏..‏ بل أقل من ذلك‏.‏
‏*‏ ما هي مؤشرات أو إرهاصات هذا التغيير‏..‏ وكيف تراه أو تتوقعه؟
‏**‏ أعتقد أن طبيعة وتركيبة مجلس الشعب ستتغير‏,‏ وسيكون هناك مزيد من الشفافية في الانتخابات العامة‏,‏ وأتوقع تعديلات دستورية تمس المادتين‏76‏ و‏77,‏ وربما تخفيف قيود نشأة الأحزاب‏,‏ وبالتالي نري أحزابا مثل الكرامة والوسط تتمع بالشرعية القانونية‏,‏ وإن كنت أستبعد ان يؤدي ذلك إلي السماح بوجود حزب للإخوان‏,‏ لكن عدد الأحزاب سيزيد‏,‏ وستظهر أحزاب جديدة وقد يكون لها ثقل في الشارع وبين الجماهير‏.‏
‏*‏ وماذا عن مستقبل الأحزاب الحالية مثل الوفد والتجمع والناصري والجبهة في ضوء السيناريو الذي تتوقعه؟
‏**‏ للأسف الشديد رغم أنه تربطني صداقات بمعظم قيادات هذه الأحزاب‏,‏ لكنها ستدفع ثمن عزوفها عن الانضمام لحركة جماهيرية واسعة للتغيير‏.‏
‏*‏ هي أيضا تطالب بالتغيير‏,‏ وقررت زيادة فاعلية حركتها في الشارع لدعم مطالبها في التغيير؟
‏**‏ هذه الأحزاب تطالب بالتغيير لكنها تتمسك بقواعد العمل السياسي التي تشعر بأن الحزب الوطني يرضي عنها‏,‏ وتخشي التصرف علي نحو لا يرضيه‏,‏ وهي تقاطع الإخوان وترفض التعاون مع البرادعي‏.‏
‏*‏ لكنه من أبدي عدم رغبته في العمل من خارج الأحزاب القائمة‏,‏ بما يعني رفضه للشرعية القانونية لتلك الأحزاب‏,‏ لذلك من الطبيعي ألا تتعامل معه؟
‏**‏ أعتقد أن هناك تحفظا من جانب الوفد والتجمع والناصري علي التعامل معه‏.‏
‏*‏ في ظل هذا الوضع‏..‏ كيف تقرأ مستقبل الحركات الاحتجاجية؟
‏**‏ أعتقد أنها ستنشط وستزيد من معدلاتها‏.‏
‏*‏ أريد التفريق بين الحركات الاحتجاجية الاجتماعية والحركات الاحتجاجية السياسة؟
‏**‏ الحركات الاحتجاجية بشكل عام ستتزايد‏,‏ وهذا استمرار لما حدث خلال الفترة الماضية من انضمام قطاعات جديدة من المواطنين لها‏,‏ ومن سقوط فكرة الخوف من الإعراب عن رأي مخالف‏,‏ وفي اختلاف المكان الذي تعبر فيه تلك الحركات عن مواقفها‏,‏ فالحركات السياسية تذهب لشارع عبد الخالق ثروت‏,‏ والحركات الاجتماعية تذهب إلي مجلس الشعب‏,‏ وهذا هو الاختيار الصحيح لأنهم يشعرون بأن مجلس الشعب ينبغي عليه أن يعبر عن الشعب‏,‏ وأن يقوم بدوره في التعبير عن احتياجات المواطنين
‏*‏ وما هي الأسباب التي ستدفع تلك الحركات للتزايد؟
‏**‏ لأنه قبل الأزمة الاقتصادية لم تصل عوائد النمو الاقتصادي إلي أغلبية المواطنين‏,‏ ومع الأزمة الاقتصادية أصبحت إمكانية أن تصل ثماره إلي الأغلبية أقل‏..‏ وطالما لم تجر إعادة نظر في عملية توزيع ثمار النمو‏,‏ سوف تتركز الثروة في إطار فئات محدودة‏,‏ مما يؤدي إلي مزيد من تركز الثروات‏,‏ ومزيد من البطالة‏,‏ ولن تخف حدة الفقر‏,‏ كما ان المواطنين أصبحوا اكثر وعيا وجرأة في التعبير عن مطالبهم‏.‏
‏*‏ الدولة هي التي سمحت بهذا التعبير‏!‏
‏**‏الدولة حتي الآن تسمح لهذه الحركات الاحتجاجية حتي لا تفتح الباب لبعض القوي السياسية‏,‏ وتحديدا الإخوان في زيادة نفوذهم‏,‏ وأعتقد أن هذا موقف حكيم من الدولة‏,‏ لأن القمع والمنع يزيد المشاكل ولا يحلها‏.‏
‏*‏ كل هذا الكلام عن حركات الاحتجاج الاجتماعية‏..‏ ماذا عن الحركات الاحتجاجية السياسية؟
‏**‏ يمكن ان تتطور وتصبح اكثر نضجا‏,‏ والمسئولون عن تلك الحركات يتساءلون حاليا عن السبل التي تؤدي إلي زيادة فاعلية حركاتهم‏,‏ وهم يريدونها ان تثمر‏,‏ ولا يبحثون عن الشهرة‏,‏ ومن الممكن أن تصبح هذه الحركات أكثر نضجا‏,‏ وسوف تحاول التواصل مع حركات الاحتجاج الاجتماعي‏,‏ او حركات الاحتجاج السياسي الأخري‏,‏ وستبحث عن سبل جديدة للتواصل مع المواطنين‏,‏ عبر تكنولوجيا المعلومات التي تتيح التواصل مع المواطنين‏,‏ وطالما لم يستجب لمطالبها في الأمد القصير فلن تنتهي وإنما ستستمر‏.‏
‏*‏ هل ستتحول إلي أحزاب سياسية؟
‏**‏ لا أعتقد ذلك‏,‏ فتحولها إلي أحزاب يقيد حركتها‏.‏
‏*‏ وما هو البديل الثالث إذا كنت تري أن الأحزاب القائمة ستتراجع‏,‏ والحركات الاحتجاجية لن تتحول إلي أحزاب؟
‏**‏ المستقبل لحركات المجتمع المدني‏,‏ الجمعيات الأهلية والحركات السياسية والنقابات المهنية‏,‏ ويمكن أن يضم الأحزاب أيضا‏.‏
‏*‏ وتيار الإسلام السياسي؟
‏**‏ أستبعد أن ينجح الإخوان في الحصول علي شرعية قانونية تمكنهم من إنشاء حزب سياسي‏,‏ ليس فقط لأن النخبة الحاكمة ترفض ذلك‏,‏ وإنما ايضا لأن هناك تخوفا من النخبة السياسة من وجود حزب سياسي للإخوان‏,‏ والمسألة مرهونة بأمرين الأول تطور داخلي داخل الجماعة بعد الانتقادات التي وجهت لبرنامجهم بأنه متناقض ولا يتحدث عن الدولة المدنية ويقيد حقوق المواطنة للأقباط والمرأة‏..‏ والثاني خارجي وهو قبول النخبة السياسة لهذه الصورة الجديدة‏.‏
‏*‏ وماذا عن أهم التحديات في السياسة الخارجية المصرية؟
‏**‏ مصر فقدت الكثير من فاعليتها الإقليمية‏,‏ ولا بد من تقبل فكرة توزيع الأدوار في الدائرة العربية والشرق أوسطية‏,‏ بمعني قد نختلف مثلا مع السياسة الخارجية السورية‏,‏ لكن نظرة أوسع تظهر قدرا من اتفاق المصالح‏,‏ فسوريا تريد في النهاية تحرير الجولان المحتل‏,‏ وهذا هدف لا نختلف عليه‏,‏ مما يعني ضرورة توزيع الأدوار ووجود حوار وتواصل دائم‏,‏ علي سبيل المثال كيف تستبدل سوريا علاقاتها مع إيران من أجل دعم القضية الفلسطينية‏,‏ ويمكن أيضا استخدام هذه الحجة من اجل إقناع امريكا بأن تمارس ضغطا علي إسرائيل‏.‏
‏*‏ وكيف يحدث هذا التأثير؟
‏**‏ لا بد أن يستند إلي قاعدة اقتصادية تقوم علي النجاح في التنمية الاقتصادية والتنمية في كافة المجالات التي تصنع قوة الأمم‏,‏ وهذه القوة تقوم أساسا علي الصناعة وتطوير القوي البشرية‏..‏ ويجب إدراك ان الدبلوماسية تقوم علي النقاش والتفاهم‏,‏ ولا نضع محظورات في تعاملنا مع قوي سياسية فاعلة في المنطقة‏..‏ مع إدراكنا بان إمكانيات مصر في هذا المجال تتفوق علي إمكانيات معظم الدول العربية‏,‏ لكننا لا نستخدم كل إمكانياتنا ويجب تعظيم الاستفادة منها‏.‏
‏*‏ مثل ماذا؟
‏**‏ مثل الانفتاح الثقافي وتشجيع التنوع الثقافي في مصر‏,‏ لأن احد اهم عناصر التأثير النسبي للدولة المصرية هو في دورها الثقافي‏.‏
‏*‏ وماذا عن افريقيا كتحد وفرصة لمصر؟
‏**‏ إفريقيا تحد مهم جدا فمياه النيل قضية أمن قومي‏,‏ للأسف أهملنا افريقيا‏,‏ مقابل الحماس في التعامل مع الغرب‏..‏ وتقريبا اهملنا آسيا أيضا باستثناء أن الرئيس مبارك هو الذي يؤمن بأهمية التعاون مع آسيا‏..‏ وهو الذي دفع العلاقات المصرية الآسيوية‏.‏
‏*‏ لكن هناك اهتماما كبيرا بإفريقيا هذه الأيام؟
‏**‏ حدث هذا في الفترة الأخيرة بسبب مياه النيل‏,‏ وهذا تحد حقيقي يستدعي بذل مجهود كبير لإقناع دول حوض النيل باستمرار الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل‏.‏
‏*‏ كيف نفعل هذا؟
‏**‏ عن طريق المساعدات وإظهار الاحترام لمطالب دول حوض النيل‏,‏ والتفكير بطريقة تخدم المصالح المشروعة لتلك الدول‏,‏ وتخدم مصالح مصر في نفس الوقت‏,‏ بتعظيم استفادة تلك الدول من مياه النيل‏,‏ والوصول إلي فوائد مشتركة‏,‏ عبر مشروعات مشتركة‏,‏ والمشاركة الفاعلة في جهود التنمية في تلك الدول بقدر الإمكان‏,‏ ومن حسن حظ مصر ان بها شركات عديدة تعمل علي المستوي الدولي يمكن ان تتوجه لهذه الدول‏,‏ وينبغي علينا الاستفادة من الميراث التاريخي الذي يربطنا بدول القارة‏..‏ والأهم ان نحب التعامل مع إفريقيا‏,‏ وألا يكون التعامل مبنيا علي حسابات اقتصادية‏,‏ وإنما عبر حب هذه الشعوب التي ساندتنا كثيرا ويجب الا ننسي انه في الوقت الذي فقدت فيه مصر عضويتها في الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي لم تفقد عضويتها في منظمة الوحدة الأفريقة لأن قيادات هذه الدول يتمتعون بقدركبير من الحصافة وبعد النظر‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.