في أواخر سبتمبر سنة1973 تم التعاقد مع السيد كامل سفيان وهو لبناني يعيش ويعمل هو وزوجته في أمريكا وكان هذا يعتبر أول تعاقد أو رحلة فنية مع فرقة منوعات غنائية مكونة من خمسة عشر بين عازفين ومطرب ومطربة ومنلوجست وراقصة وكانت أول محطة لنا بعد طيران مستمر أكثر من إحدي عشرة ساعة أكثرها فوق المحيط وهبطت بنا الطائرة في مطار مونتريال ووجدنا في استقبالنا كثيرا من الجالية العربية وأغلبهم من المصريين وعلي رأسهم رئيس الجالية جورج سعد وصاحبونا إلي الفندق وطلبوا ألا نأكل في الفندق لأنهم جاهزون بالغداء في النادي وحضروا بعد ساعتين وذهبنا إلي النادي وكانت المفاجأة فكان الأكل عبارة عن ملوخية وبامية وكباب مصري فقلت للاستاذ جورج( إحنا لسه جايين من مصر وشبعانين بامية وملوخية كان نفسنا نأكل أكل أمريكاني) فقال لي( إحنا حبينا نوريكم اننا لم ننس مصر والجالية هنا مسيحيون ومسلمون وأهم شيء انهم مصريون) وكان التعاقد أن نقيم حفلات في عشر ولايات وبين كل ولاية وولاية أخري ثلاث ساعات طيران علي الأقل وحتي لا أطيل عليكم لأن الرحلة كانت بها أمور كثيرة بعضها مضحك وبعضها مؤلم كانت الحفلة السابعة في لوس أنجلس يوم السادس من أكتوبر سنة1973 وكان الفندق الذي نقيم به قريبا من المسرح الذي سيقام عليه الحفل حضر الاستاذ كامل سفيان المسئول والمتعهد بالحفل وهمس في أذني وقال( هناك أخبار عن حرب في الشرق الأوسط فقلت له( الشرق الأوسط كبير) وخرجت معه سيرا علي الأقدام إلي المسرح وفي الطريق استوقفني خبر مكتوب علي اللوحات الاخبارية المضيئة( أن الجيش المصري عبر قناة السويس وتم رفع العلم علي الضفة الشرقية) وخشيت أن يكون الخبر غير صحيح ولكن ونحن في طريقنا إلي المسرح وجدت كل العرب معهم( راديو ترانزستر) ويستمعون إلي الأخبار ويصيحون باسم مصر وعندما بدأنا الحفل برفع الستار فإذا بكل الموجودين يغنون نشيد بلادي بلادي لك حبي وفؤادي وزغاريد مصرية وحتي لا أطيل عليكم في عودتنا بعد انتهاء الحفل لم نجد أي نوع من أنواع الأكل والمطعم مغلق لأن إدارته يهودية ولا يعملون يوم السبت وفي الصباح تناولنا الإفطار وحضر إلينا المتعهد ومعه مندوب ويطلبون أن نتواجد في نيويورك يوم الاثنين بناء علي طلب الدكتور الزيات وزير الخارجية المصري ونحن كنا فعلا سنرحل إلي نيويورك بعد حفل لوس انجلس وزوجة المتعهد وهي تعمل في إحدي شركات الطيران قامت بتسهيل المأمورية ووجد المصريون وكثير من العرب سعوديين ولبنانيين وسوريين ومن تونس والمغرب والعراق في إحدي الكنائس للتبرع بالدم( في حي منهاتن) والقيام بمظاهرة للتعبير عن الانتصار. وأصبح أمامنا مشكلة كيف سنعود إلي مصر والحظر الجوي وجميع شركات الطيران لا يمكنها الهبوط في المطارات المصرية وهذا الموضوع يطول شرحه وله مقال آخر المهم وصلنا بعد عناء إلي مصرنا الحبيبة وسألت عن الفرقة فقالوا انهم في الاذاعة وذهبت فوجدتهم في استديو46 وحضرت معهم تسجيل نشيد( بسم الله الله أكبر بسم الله) ووجدي الحكيم يأخذ الشريط ويجري لإذاعته وأنا أجري وراءه لاعتقادي أن الشريط به خطأ في الايقاع ولكن استوقفني الاستاذ والملحن القدير أحمد صدقي وقال لي فرحة الإنتصار لا نتوقف عندها لأي سبب وهذا الانتصار رفع رأسنا وأخرجنا بعض الشيء من هزيمة سنة1967 وهذا ما أتمناه هذه الأيام لنجاح الثورة المصرية والبعد عن الخلافات. والله ولي التوفيق