فرضت ظاهرة أطفال الشوارع في سوهاج نفسها خلال الفترة الأخيرة, حيث اعتبرها الكثيرون قنبلة موقوتة, خاصة أنه لا يوجد حصر دقيق بأعداد الأطفال الذين يتزايدون يوما تلو الآخر في شوارع المحافظة. وقال محمود السيد(13 سنة) بائع متجول, إنه وجد نفسه في الشارع منذ سنوات لأن والده متزوج من أخري وتركه هو وأشقاءه مع والدته المريضة فاضطروا جميعا للخروج الي الشارع ليعملوا أي شيء. وتعمل شيماء(11 سنة) في بيع المناديل وتقول إن لديها7 أشقاء الأكبر فيهم يعمل في تلميع الأحذية أما والدها ووالدتها فلا يعملان بعد أن تم الاستغناء عن والدها من العمل الذي كان يعمل فيه باليومية. وطفلة أخري ذو وجه برئ(7 سنوات) تقول لابد ان أخرج للعمل كل يوم وتبيع عددا من أجزاء القرآن الكريم, لتشارك في ثمن الأدوية لوالدها المريض. أما علي(10 سنوات) فقال, خرجت من المدرسة لعدم استطاعة والدي سداد المصروفات وأجبرني علي العمل مثل باقي اخوتي علشان أصرف علي نفسي, علي حد تعبيره, فأحضر له مجموعة من المصاحف الصغيرة لبيعها في مواقف السيارات ومحطات السكك الحديدية وأخوه الأكبر يقوم بتجميع الخبز من القمامة وبيعه لتجار الأعلاف. وعلي الجانب الآخر, أشارت الدكتورة مديحة عبادة استاذة علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة سوهاج, الي أن أهم أسباب خروج هؤلاء الأطفال للشارع يرجع الي انفصال الأب عن الأم بالطلاق أو وفاة أحدهما أو الاثنين, في ظل ظروف اقتصادية صعبة والاقامة في المناطق العشوائية واكتساب السلوكيات غير القويمة وانخفاض الوعي الديني والعنف وغياب القدوة, بحيث لا تصبح لديهم مهنة إلا التسول. أضافت أنه قد ساعد علي هذه الظاهرة أيضا, ارتفاع نسبة الأمية في المرحلة العمرية التي تتراوح ما بين7 و15 سنة, لافتة الي أن الحل يكمن في التنشئة الاجتماعية السليمة وانقاذ هؤلاء الأسر من الفقر وتمكينهم اقتصاديا واجتماعيا مما يجفف منابع تلك الظاهرة. وأكدت الدكتورة سحر وهبي رئيسة قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج أن أطفال الشوارع ظاهرة انتشرت علي مدار سنوات طويلة وزادت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة, وان أهم أسبابها التسرب من التعليم والتفكك الأسري والفقر, حيث تحول هؤلاء الأطفال لأشخاص أكثر خطورة وانحرافا, بالاضافة الي الاتجار بهم لأن أكثرهم بلا مأوي أو أحد يسأل عنهم. وقال الدكتور منير حجاب استاذ الاعلام بجامعة سوهاج, إن طفل الشارع مشروع مجرم فيجب تجميع هؤلاء الأطفال وإعادة تأهيلهم في مراكز تدريب والحاقهم بالورش علي حسب تدريب كل منهم, مشيرا الي أن هذه الظاهرة بسبب ارتفاع مستوي الفقر بين الأسر وزيادة العجز في الوظائف الحكومية, وعدم قدرة قطاع الاعمال علي استيعاب جميع المواطنين وخروج نسبة كبيرة من دائرة العمل. ويري أنه يجب تسليط الضوء علي هذه المشكلة من وسائل الإعلام, من حيث حجمها ومدي خطورتها علي المجتمع, وواجب الحكومة في رعاية هؤلاء باعتبارهم مواطنين لهم حق الرعاية. من جانبه, أكد اللواء وضاح الحمزاوي محافظ سوهاج, أنه ستتم مخاطبة مديرية التضامن الاجتماعي ومديرية الأمن والجمعيات الأهلية بسوهاج لعمل حصر شامل وتجميع هؤلاء الأطفال لرعايتهم ومساعدتهم, واعادة تأهيلهم لايجاد حياة كريمة لهم بدلا من التسول في الشوارع.