[أرباح البطولات العالمية حقيقة أم سراب ..... مليارات الساحرة المستديرة] هل للبطولات العالمية الكبري للساحرة المستديرة, أو للبطولات الرياضية الضخمة إجمالا, لمسات سحرية تبدو حتمية علي اقتصاديات الدول التي يسعدها التاريخ الرياضي العالمي. باستضافة هذه المناسبات الرياضية المشهودة؟ قد يكون من قبيل المفارقة ألا تستطيع بطولة كأس العالم الأوروبية الحالية أن تجيب إجابة قاطعة علي سؤال كهذا.. ولكن كيف؟ففي أوكرانيا, تتغني الحكومة آناء الليل وأطراف النهار بالمكاسب الاقتصادية التي ستحققها الدولة من وراء استضافتها لنصف فعاليات هذه البطولة. ومن المتوقع حسب التقديرات الرسمية أن تدر هذه البطولة الرياضية الكبري علي قطاع السياحة المحلي عائدات قد تصل إلي مليار ونصف المليار. كما أنه من المتوقع رسميا أيضا أن ينمو هذا القطاع بنسبة20% تقريبا. أما في بولندا فإن الدولة تتوقع مكاسب مباشرة قد تصل قيمتها المباشرة إلي مائتي مليون دولار. لكن في المقابل هناك وجهة نظر أخري تبدو صادمة تحذر من أن الدولتين المستضيفتين لهذه البطولة قد لا يحققان أي مكاسب اقتصادية تذكر, بل علي العكس قد يتكبدا خسائر تتراوح قيمتها بين سبعة وثمانية مليارات دولار. فقد أنفقت أوكرانيا علي منشآت هذه البطولة ثلاثة عشر مليار دولار, وهو ما يعادل قيمة الديون المستحقة علي الدولة الأوكرانية. ويستبعد أصحاب هذا الرأي إمكان أن تعوض البلاد هذا المبلغ الطائل جراء ما يصفونه بعدم فاعلية الحملة الدعائية لبطولة كأس أوروبا. جيوب الآخرين أما بولندا فقد أنفقت عشرين مليار دولار علي منشآتها, ومع ذلك فإنه إذا حتي حققت مبلغ مائتي مليون دولار فإن الجزء الأكبر من هذا الربح سيذهب إلي جيوب الاتحاداين الوطني والأوروبي لكرة القدم. ويقول لنا التاريخ أيضا: إن اليابان التي استضافت كأس العالم في2002 عجزت عن تعويض المبالغ الطائلة التي أنفقتها علي البطولة, لأن كلفة صيانة الملاعب الرياضية تصل إلي ستة ملايين دولار سنويا. كما سيذكر التاريخ أن بداية انهيار الاقتصاد اليوناني كانت في تنظيم البلاد لدورة الألعاب الأوليمبية في عام2004, إذ أنفق اليونانيون11 ملياردولار ولم يحققوا سوي ملياري دولار. هذا كله دفع إلي الاعتقاد بأنه إذا أرادت أي دولة تحقيق مكاسب اقتصادية كبري من تنظيم بطولة رياضية, فإن العبرة ليست فقط بشهرة البطولة, أو بالأموال التي ستنفق عليها, وإنما العبرة بوضع استراتيجية تضمن تحقيق عائد اقتصادي وسياسي واجتماعي وإنساني علي استثماراتها في هذه البطولات. توقعات حكومية نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مسئول بارز بالحكومة الأوكرانية قوله خلال الأسبوع الماضي: إن حصة أوكرانيا من استضافة نهائيات كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم( يورو2012) قد تدر علي اقتصاد البلاد مكاسب تبلغ أكثر من مليار دولار. ونقلت مجلة كورسبوندنت المحلية عن هذا المسئول وهو بورليس كولسنيكوف وزير البنية التحتية الأوكرانية قوله: إن صناعة السياحة في أوكرانيا ستحقق( علي الأقل) أرباحا تتراوح بين1.3 و1.5 مليار د ولار خلال البطولة التي ستقام في الفترة من الثامن من يونيو وحتي الأول من يوليو في بولندا وأوكرانيا. وأشار تقرير مجلة كورسبوندنت إلي أن البطولة ستعمل علي تنشيط قطاع السياحة الأوكراني بنسبة20%. وجاءت تعليقات كولسنيكوف في الوقت الذي وضع فيه المسئولون في العاصمة كييف قواعد جديدة لحركة السير تقضي بإغلاق طريق كرشاتيك الرئيسي أمام حركة المرور, وهو ما يعني بالتالي إمكان تحويل ميدان الاستقلال إلي ساحة للمشجعين. كما سيتم إغلاق طريق كرشاتيك حتي نهاية يورو2012, وتردد أنه سيتم إغلاق الطرق المحيطة بوسط كييف علي مدار اليوم. ويقول محللون: إن بطولة كأس أوروبا المشهودة لكرة القدم قد تكون أكثر البطولات الأوروبية تكلفة وأقلها جدوي اقتصادية. وأوضح هؤلاء المحللون أنه من المرجح ألا تعود مباريات بطولة أوروبا لكرة القدم بربح يذكر علي بولندا وأوكرانيا. ويتكهن هؤلاء الخبراء كما سبق وأسلفنا بأن كلا من البلدين قد تتكبدان خسائر بمليارات الدولارات, لذا فقد اضطر أصحاب الفنادق خوفا من الإفلاس إلي رفع أسعار الإقامة فيها, فعلي سبيل المثال قد تصل تكلفة المبيت ليلة واحدة في مدينة كييف إلي ألف دولار, وفيما ستزيد تكاليف استضافة أوكرانيا وبولندا لبطولة كأس أوروبا40 مرة علي مباريات يورو2008 التي استضافتها النمسا وسويسرا معا, وإذا كان يمكن إيجاد فنادق معتدلة الأسعار نسبيا في أطراف وارسو, فإن جميعها غالية في أوكرانيا بغض النظر عن نوعيتها, سواء أكانت تابعة لشبكات كبيرة, أم فنادق صغيرة خاصة, أما السبب في هذا كله فهو ضعف اقتصاد هذه الجمهورية السوفيتية, وسوقها المشبعة بالفساد والابتزاز. الحد من النفقات يقول الخبير السياسي الأوكراني ألكسندر سيجال: سيحاول البولنديون الحد من نفقاتهم قدر الإمكان تحسبا لوجود المشكلات الاقتصادية التي تعصف بمنطقة اليورو التي تعصف بها واحدة من أسوأ الديون السيادية في التاريخ, وفيما يخص أوكرانيا فإنها لا تسعي إلي تقليص نفقاتها لأن استضافة بطولة كأس أوروبا تشكل مسألة سياسية بنظرها وليس اقتصادية.. إنها باختصار مسألة مرتبطة بسمعتها, لذا نري أن مبالغ ضخمة جري إنفاقها علي الاستعدادات للبطولة, أما بالنسبة لأسعار الفنادق الأوكرانية فتجدر الإشارة إلي أن عناصر إجرامية استولت علي كثير منها لكونها مصدرا للربح مستقبلا حسبما ذكرت أنباء. ويستمر في كييف الآن بناء فنادق جديدة لاستضافة سائحين قد يأتون إليها بعد بطولة أوروبا, وعموما تم إنفاق13 مليار دولار, وهو ما يعادل دين أوكرانيا الخارجي, غير أنه لن يتسني لها التعويض عن هذه النفقات لأن الحملة الدعائية لبطولة كأس أوروبا كانت غير فعالة حسب مراقبين, فمازال نصف غرف الفنادق شاغرة, كما أن سياسة الأسعار التي تنتهجها السلطات الأوكرانية تزيد الطين بلة كما يري كثيرون, فقد بدأت السلطات قبل سنة العمل بقانون ضريبي جديد يفرض علي الشركات والمكاتب السياحية ضريبة قيمة مضافة تبلغ نسبتها46%, ويتعين علي الفنادق الآن لتفادي الإفلاس زيادة أسعار غرف الفنادق ضعفين برغم أن نوعية الخدمات المقدمة ليست في المستوي المطلوب, لكن المحلل دميتري ألكسندروف يعتقد أن النفقات الفاحشة لن تمنع عشاق كرة القدم من حضور بطولة أوروبا. فرق شاسع يقول دميتري ألكسندروف: إن هناك فرقا شاسعا بين عشاق الفرق والأندية المدمنين للعبة كرة القدم, المستعدين دائما للذهاب إلي أي مكان, والطبقة الوسطي التي تحسب نفقاتها بدقة, ويتوخي البعض الحذر برغم ذلك حيال أوكرانيا كبلد ذي قطاع سياحي غير متطور. ولكن اقتصاد بولندا أكثر استقرارا فإنها عمدت إلي توظيف مبالغ أكثر ضخامة في بطولة كأس أوروبا, أنفقت20 مليار دولار علي تطوير المنشآت السياحية, وما إلي ذلك, إلا أنه لن يعود عليها سوي مائة أو مائتي مليون, وسيكسب أكبر جزء منها الاتحادان الوطني والأوروبي لكرة القدم من خلال بيع تذاكر مباريات البطولة, والهدايا التذكارية, وليس الدولة, وهكذا لا يستبعد أن يغوص كلا البلدين في مستنقع الديون, فليس عبثا أن يشير الخبراء إلي أن أوليمبياد أثينا سنة2004 أصبح بداية لانهيار الاقتصاد اليوناني, فقد أنفق اليونانيون11 مليار يورو ولم يعد إليهم إلا ملياران, مع العلم بأن كل ما بني في مجري الاستعدادات للألعاب الأوليمبية لا يستخدم عمليا بل ويسبب خسائر. المشهد الأول: نادي برشلونة.. إنه الرمز الأكبر للثراء الفاحش في مقاطعة كاتالونيا الإسبانية, ولما لا وقد أصبح هذا النادي ثاني أغني أندية كرة القدم في العالم بعائدات سنوية تصل قيمتها إلي ما يقرب من ستمائة مليون دولار. المشهد الثاني: وجه آخر لنفس هذه المقاطعة الإسبانية تبرزه بلدة من بلداتها, وجه يبدو ليس فقط مفعما بالبؤس, وإنما بالعبثية الاقتصادية والسياسية أيضا. فصدق أو لا تصدق.. هذه البلدة اضطرتها ديونها الثقيلة إلي التفكير في تأجير مساحة من أراضيها كي تزرع بالمخدرات بالتحديد مخدر الماريجوانا. ووصل الأمر إلي حد إجراء استفتاء عام علي الفكرة بعد أن تحمس لها عمدة القرية.. وجاءت نتيجة الاستفتاء في غرابة الفكرة نفسها.. فقد وافق أغلبية سكان القرية علي هذا المقترح الغريب, لكن المشكلة أن هذه الأغلبية جاءت بنسبة56% فقط, بينما كان يتعين أن تكون الموافقة بنسبة75% كي تنفذ الفكرة. هذا المشهد الغريب لا يعكس مدي وطأة أزمة الديون في إسبانيا فقط, تلك الدولة التي تعاني مديونية تقترب من تريليون دولار بصورة تهدد مسيرة نادي اليورو برمته, وإنما يبرز مدي ضخامة صناعة الكرة العالمية حتي في أحلك الأزمات الاقتصادية التي يعانيها المشهد الاقتصادي الدولي. ففي اليونان قيل لليونانيين بيعوا جزءا من ترابكم الوطني لسداد ديونكم, والآن في أسبانيا قيل للإسبان ازرعوا المخدرات كي تتحرروا من هذه الديون. حظر التدخين واستبق البرلمان الأوكراني هذه البطولة بالتصديق علي مشروع قانون يحظر التدخين في الأماكن العامة, بما فيها المطاعم والمدرجات والمباني الحكومية. ونقلت وكالة الأنباء الروسية نوفوستي عن النائب تاتيانا باختييفا التي طرحت مشروع القانون قولها: إن اعتماد هذا المشروع بات ضروريا,نظرا لأن11 مليون أوكراني أصبحوا مدمنين للتدخين, من بينهم طفل من أصل أربعة تتراوح أعمارهم بين12 و16 سنة, بحسب الإحصاءات. ويشمل الحظر بحسب القانون السجائر, والسجائر, الإلكترونية والشيشة في أماكن العناية الصحية, والملاعب, والمدرجات, والمصاعد, وحجرات الهاتف العمومية, ووسائل النقل العام والمقاهي والمطاعم والمراكز الثقافية. وكشفت باختييفا عن أن هذا التشريع يفرض غرامة تصل إلي1250 دولارا, مشيرة إلي أن80% من الأوكرانيين أبدوا تأييدهم لمشروع القانون, وأنه سيدخل حيز التنفيذ بعد6 أشهر من نشره. يذكر أن التدخين سيحظر أيضا في الملاعب التي ستقام عليها مباريات كأس الأمم الأوروبية. ويذكر أن أكثر من10 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي أقرت قوانين تمنع التدخين في الأماكن العامة, وأن نسبة النوبات القلبية انخفضت نحو17% بعد سنة من إقرار هذا القانون في تلك الدول. وكانت وزارة الصحة الروسية قد قدمت مسودة قانون إلي البرلمان تقضي بمنع البيع العلني للسجائر والتدخين في الأماكن العامة, في محاولة لتخفيض نسبة الوفيات في روسيا التي تتضمن النسبة الأكبر من المدخنين بين دول العالم.