يعد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالاسكندرية أول أكاديمية من نوعها انشئت في الشرق الأوسط وأفريقيا في بدايات الثلاثينيات في القرن الماضي حيث قام بإنشائه بعض الأجانب الذين درسوا أو مارسوا الخدمة الاجتماعية في الخارج وذلك برعاية اتحاد المنشآت الاجتماعية واتحاد النساء بجماعات الاسكندرية. وقد نوقشت فكرة إنشاء مدرسة للخدمة الاجتماعية بالاسكندرية في احد اجتماعات الاتحاد المصري لخريجات الجامعات في ديسمبر1935 ثم تلي ذلك عقد المؤتمر السنوي لاتحاد المنشآت الاجتماعية بالاسكندرية عام1936 حيث تقدمت مدام فيتشر والدكتورة كانيسكي باقتراح انشاء مدرسة الخدمة الاجتماعية بالاسكندرية لتزويد المنشآت الاجتماعية المختلفة بالإخصائيين الاجتماعيين لرفع مستوي الخدمات فيها وقد اوصي المؤتمر بتقديم مشروع انشاء هذه المدرسة وعلي أثر ذلك تكونت جمعية الخدمة الاجتماعية في نفس عام1936 وكانت تضم لجنتين الأولي لجنة للرعاية تتكون من بعض الشخصيات البارزة بالثغر والثانية التنفيذية وكانت تضم بعض الأساتذة والمهتمين بالعمل الاجتماعي وقد قامت الجمعية بإنشاء مدرسة الخدمة الاجتماعية بالأسكندرية وتم افتتاح المدرسة في17 أكتوبر1936 بصالة جمعية الاسعاف بالاسكندرية وكانت أول مديرة للمدرسة أديت أجبوب كما كانت الدراسة مسائية من الخامسة وحتي الثامنة مساء لاتاحة الفرصة للطلبة الذين يعملون للالتحاق بهذه الدراسة ومدتها سنتان حيث يتم من خلالها تدريب الطالبات أثناء العطلة الصيفية في منشآت اجتماعية داخل القطر المصري وخارجه وكانت الدراسة وقت ذلك باللغة الفرنسية وقام باعداد برنامج الدراسة في أول الأمر مدام فيتشر وميس دورثي برتر ومسيو بوفييه علي ضوء برامج الدراسة بمعاهد الخدمة الاجتماعية بسويسرا وفرنسا والتي اهتمت بصفة خاصة بمواد خدمة الفرد وخدمة الجماعة لاعداد اخصائيين اجتماعيين للعمل بجمعيات رعاية الأسرة ودور الحضانة والمدارس والمستشفيات. ولكن تطور البرنامج فيما بعد بإدخال مادة تنظيم المجتمع حيث التحق بالمدرسة عند العمل بها ثماني طالبات وبدأت الدراسة بمدرسة منشأ بمحرم بك ولكن نظرا لبعدها عن منتصف المدينة انتقلت المدرسة فيما بعد الي احدي غرف الجريدة السويسرية بشارع اسطنبول في يناير1937 ثم الي شقة بشارع السلطان حسين في أول مارس1938 ثم الي شقة بطريق الحرية عام1948 وعلي أثر التوسع في نشاط المعهد وزيادة انشطته تم شراء المقر الحالي للمعهد بشارع الرصافة في منطقة محرم بك في1960 وكان عبارة عن قصر قام بتصميمه وانشائه المعماري هنري بيرنو ومع مرور الوقت اضيفت له مبان جديدة ملحقة به في الحديقة التي كانت مخصصة له وقد اعتمدت المدرسة في تمويلها علي بعض التبرعات وكانت تصل مصاريف الدراسة الي ستة جنيهات في العام للطالب النظامي تدفع علي أقساط بواقع75 قرشا شهريا وكانت مصاريف الدراسة للمستمع أو الطالب غير النظامي من20 قرشا الي100 قرش شهريا طبقا لعدد البرامج الملتحق بها وقد يمنح الطالب المجانية أو نصف المجانية أما مكافآت الأساتذة فكانت في أول الأمر25 قرشا عن المحاضرة. وعندما احس اعضاء جمعية الخدمة الاجتماعية بالاسكندرية أهمية تكوين اخصائيين اجتماعيين مصريين اجريت عدة اتصالات لانشاء قسم مصري بالمدرسة وانتهت بموافقة فهمي بك عبد الحميد رئيس جمعية المواساة الإسلامية علي انشاء هذا القسم نظير اعانة سنويا قدرها200 جنيه كما تولي رئاسة جمعية الخدمة الاجتماعية وبعد استقالته تولي رئاستها سليمان بك يسري وقد افتتح القسم المصري في5 نوفمبر1937 والتحقت به11 طالبة وكانت تصرف لهن اشتراكات مجانية في المواصلات العامة وتمكن المعهد في ذلك الوقت من الحصول علي اعانة سنوية من وزارة المعارف العمومية تقدر بمائة وخمسين جنيها وفي عام1942 الغي القسم الأوروبي من المعهد واقتصرت الدراسة به علي المصريين واستعان المعهد بأساتذة جامعة الأسكندرية. وفي عام1944 اعترفت وزارة المعارف العمومية بدبلوم الخدمة الاجتماعية ثم قرر مجلس الوزراء في أكتوبر1946 تعيين الخريجين الحاصلين علي هذا الدبلوم مع شهادة الثانوية العامة في الدرجة السادسة. وفي عام1948 تم تعديل اسم معهد الخدمة الاجتماعية بالاسكندرية الي المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالاسكندرية. وبانشاء وزارة التعليم العالي عام1961 تغير اسم الدبلوم العالي للخدمة الاجتماعية الي بكالوريوس الخدمة الاجتماعية وأصبحت مدة الدراسة أربع سنوات أما فيما يتعلق بالدراسات العليا فقد بدأت في عام1975 بمعهد الاسكندرية ثم توقفت عندما تعذر اعتماد الدراسات العليا وتم الاتفاق مع كلية الآداب قسم الاجتماع باعتباره أقرب الأقسام الي الخدمة الاجتماعية وقد وافق مجلس الدراسات العليا بالكلية وقام بإنشاء شعبة للخدمة الاجتماعية ملحقة بالمعهد تمنح دبلوما معادلا للماجيستير وتم تحويل جميع طلاب الدراسات العليا لهذه الشعبة والتي منحتهم درجتي الماجيستير والدكتوراة لكثير من معيدي المعهد. يتكون المعهد الآن من المبني الرئيسي وهو القصر الذي يتضمن مكتب العميد ومجموعة من المكاتب الأخري وأهمها حجرة خاصة بجمعية الخدمة الاجتماعية وفي منتصف الستينيات انشئ مبني يقع في الجهة اليسري للقصر يشتهر بمبني العيادة ويضم العديد مكاتب الاساتذة من هيئة اعضاء التدريس والذي التحق به في عام1982 مركز البحوث الاجتماعية اما المبني الثالث فهو يقع خلف القصر وتم انشاؤه في عام1993 وهو يضم مسجد المعهد والعديد من المكاتب وقاعات للمحاضرات وآخر ما تم انشاؤه مبني تعليمي يطل علي شارع الرصافة احد أكبر شوارع محرم بك بالاسكندرية علي مساحة تصل الي600 متر مربع يتكون من7 طوابق مجهزة بأحدث الاثاث ويضم قاعة مؤتمرات والعديد من الصالات المكيفة وجراجا كبيرا يخدم اعضاء هيئة التدريس لعدم تكدس السيارات بجوار المعهد. وأضاف عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالاسكندرية الدكتور ابراهيم المليجي أن المعهد زاد عليه اقبال الطلاب وتضاعفت الاعداد من11 طالبة في بادئ الأمر الي أن وصل عدد طلاب العام الدراسي2010/2009 الي12 الفا و830 طالبا وطالبة يدرسون بالفرق الأربع بالمعهد كما قام المعهد بإصدار مجلة دورية تصدر كل ستة أشهر بعنوان المجلة المصرية للعلوم الانسانية, حيث اصدر عددها الخامس في يناير الماضي كما يشارك المعهد في العديد من الابحاث والاحصائيات الهامة التي تفيد المجتمع والدولة وتخدم قضايا الشارع السكندري خاصة والشارع المصري عامة من أهم تلك الابحاث دراسة عمالة الاطفال ومشكلات المرأة الريفية واحتياجات المسنين وآليات المواجهة وغيرها من الابحاث والدراسات الهامة التي أثرت العلوم الاجتماعية كما يتاح حاليا لطلاب الدراسات العليا ثلاث شعب يمكن الاختيار منها وهي شعبة الأسرة والطفولة وشعبة الفئات الخاصة وشعبة مدرسية وشباب. وأشار الدكتور محمد محمود مهدلي وكيل المعهد لشئون البيئة وخدمة المجتمع أن المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالاسكندرية عضو في منظمة الاخصائيين الاجتماعيين الأمريكية وأن المعهد خلال الأشهر المقبلة يقترب من احتفاله بعيده الماسي الذي سوف يحتفل به رسميا في عام2011 القادم.