* روزبة بن خشفوذان هو سلمان الفارسي.. وذلك كان اسمه السابق قبل إسلامه عندما كان يعيش في فارس موطنه الأصلي في بلده شيراز جنوبايران.. في رحلته إلي الإيمان فر من ايران حيث كان يعيش في ميسرة إلي الشام ومنها إلي العراق ثم الروم( تركيا) قبل أن يستقر في المدينةالمنورة ودرس اليهودية والمسيحية علي يد أكبر علمائها.. * يقول سلمان: كان ابي دهقان( شيخ) قريته وكنت أحب خلق الله إليه حتي حبسني( حجزني) في بيته كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسية( عبدة النار) حتي كنت قطن( ملازم) النار الذي يوقدها ولا يتركها تخبو ساعة.. وكانت لأبي ضيعة عظيمة شغل عنها يوما وأمرني ان أذهب اليها لبعض ما يريد.. مررت بكنيسة فسمعت أصواتهم وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمرهم لحبس أبي إياي في بيته ودخلت عليهم ما برحتهم حتي غربت الشمس.. وقلت هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه ثم قلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام. يقول سلمان: رجعت إلي أبي( الذي انزعج لتأخره).. وقص عليه ماحدث في الكنيسة وقال لأبيه أعجبني ما رأيت من دينهم.. فقال له: ليس في ذلك الدين خير:. دينك ودين آبائك خير منه.. فقال له سلمان: كلا والله إنه لخير من ديننا.. خاف عليه أبوه فجعل في رجله قيدا وحبسه في بيته. * طلب سلمان إلي النصاري أن يخبروه اذا حضرت قافلة من الشام ليعود معهم إلي هناك حيث القدس.. وعند عودة القافلة هرب معهم.. وعندما وصل إلي الشام سأل: من أفضل أهل هذا الدين علما؟ فأشاروا عليه بأسقف معين.. فقال له أريد أن أعيش معك لأخدمك وأتعلم منك. وكان هذا الأسقف يأمر الناس بالصدقة ويرغبهم فيها فاذا جمعوا إليه شيئا أكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتي جمع سبع قلال( أوان) من ذهب وورق( فضة).. فبغضه بغضا شديدا.. وعندما مات وأرادوا ان يصلوا عليه ويدفنوه.. قال لهم سلمان انه لا يستحق.. وأخبرهم بمكان الذهب والفضة.. فصلبوا هذا الاسقف ورجموه بالحجارة.. انتقل سلمان إلي اسقف صالح زاهد في الدنيا راغبا في الآخرة وأحبه حبا شديدا حتي إذا حضرته الوفاة قال له إلي من توصي بي.. فقال له هلك الناس وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل فالحق به. وكان أسقف الموصل مثل صاحبه وقبل وفاته أوصاه برجل في عمورية بأرض الروم( تركيا).. فانتقل اليه. * عاش مع صاحبه بعمورية وكان رجلا صالحا حتي إذا حضرته الوفاة قال له: إلي من توصي بي؟... فقال له: لا أعلم من أحد علي مثل ما كنا عليه لكي آمرك أن تأتيه ولكنه قد أظل زمان نبي وهو مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام يخرج بأرض العرب, مهاجره إلي أرض بين حرتين( هضبتين), بينهما نخل( وصف المدينة),.. وبه علامات لاتخفي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل. * مر تجار من الجزيرة فقال لهم سلمان احملوني معكم إلي أرض العرب وخذوا بقراتي وغنمي.. وعند وصولهم إلي وادي القري باعوه عبدا إلي رجل يهودي فمكث عنده ورأي نخلا ولكن لم يكتمل وصف المدينة وقدم علي هذا اليهودي ابن عمه من بني قريظه بيثرب فاشتراه وذهب به إلي( المدينةالمنورة). قال سلمان: فو الله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بوصفها فأقمت فيها وبعث رسول الله صلي الله عليه وسلم فأقام بمكة لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق إلي أن هاجر إلي قباء قبل أن يصل إلي المدينة. أراد سلمان ان يستوثق من النبي فأخذ طعاما وتمرا وذهب به إلي المصطفي صلي الله عليه وسلم في قباء وقال له: بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم فقال النبي لأصحابه: كلوا, وامسك يده فلم يأكل فقال سلمان في نفسه هذه واحدة, ثم أخذ طعاما والرسول بالمدينة وقال له هذه هدية أكرمتك بها قال: فأكل الرسول صلي الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه.. فقال سلمان في نفسه هاتان اثنتان. وبينما الرسول جالس بين أصحابه استدار سلمان لينظر إلي ظهره لعله يري الخاتم الذي وصفه له اسقف عمورية.. عرف النبي انه يريد ان يستوثق من شيء وصف له فألقي رداءه عن ظهره. فنظر إلي الخاتم علي كتفه فعرفه.. فأخذ يقبل الرسول ويبكي وجلس بين يدي الرسول وقص عليه وعلي اصحابه قصته. أمر النبي صلي الله عليه وسلم الصحابة ان يشاركوا في دفع ثمن عتق سلمان من العبودية وكانت ثلاثمائة نخلة زرعها المصطفي بنفسه وأربعين أوقية من الذهب. * فات سلمان الفارسي المشاركة في غزوة بدر وغزوة أحد لانه كان عبدا.. وشارك وهو حر في غزوة الأحزاب( الخندق) وكان صاحب الرأي العبقري عندما اشار بحفر خندق يمنع الاحزاب من دخول المدينة. واثناء الحفر قال المهاجرون: سلمان منا.. وقال الانصار: سلمان منا فقال النبي صلي الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت.. وقال عنه سيدنا علي بن ابي طالب: من لكم بمثل لقمان الحكيم؟ أوتي العلم الأول والعلم الآخر وقرأ الكتاب الاول وقرأ الكتاب الآخر.. وقد تولي سلمان إمارة المدائن. * وكان سيدنا سلمان الفارسي( رضي الله عنه) أحد أسباب نزول وحي السماءفي عدة مواقف احدها عندما أراد وجهاء قريش من المشركين وعلي رأسهم أمية بن خلف وعيينة بن حصن أن يكون لهم مع الرسول مجلس بعيدا عن الفقراء وكانوا يقصدون سلمان وأبا ذر الغفاري وغيرهما من الفقراء وقالوا: لو نحيتهم لجلسنا إليك وأخذنا عنك فأنزل الله تعالي قوله محذرا النبي: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا صدق الله العظيم.