اطفال الشوارع قنابل موقوتة تهدد المحافظات بالانفجار في أي لحظة بعد أن ضاقت العاصمة بمشاكلهم وارتكابهم لبعض العمليات الاجرامية واحترافهم التسول ومهنا أخري يعاقب عليها القانون. ورغم الدراسات العديدة طوال سنوات مضت إلا أن المشكلة لا تزال قائمة بعد أن عجزت الدولة عن حلها.. وكأن اطفال الشوارع ليسوا ضمن المجتمع.. وتفحل أمرهم وباتت مشاكلهم تهدد المجتمع, وقدرت منظمة الصحة العالمية عدد اطفال الشوارع في مصر بما يزيد علي مليون طفل مشرد. ولعل خطورة اطفال الشوارع قد ظهرت بوضوح بوجود معظمهم في ميادين التحرير والعباسية وخلافه وقيامهم بأعمال عنف وبلطجة مقابل مبالغ مالية من بعض الجهات التي تريد زعزعة أمن واستقرار البلاد, وهو ما يؤكد للمجتمع خطورة هذه الفئة المهمشة وهي بالفعل قنابل موقوتة في شوارعنا ومياديننا. وفي محافظة البحيرة وبمدينة دمنهور وعواصم المراكز علي وجه التحديد تجد العديد منهم يطاردونك بملابسهم الممزقة وأجسادهم العظمية من الجوع والبؤس وعيونهم التائهة من أثر أدمانهم للحبوب المخدرة وشم البنزين والكلة بل يطاردونك في أشارات المرور عارضين عليك سلعهم التي يستخدمونها للتسول, بل يطاردونك إذا ذهبت لشراء احتياجاتك أمام جزار أو بائع خضار أو سوبر ماركت, وعليك أن تدفع لهم سواء قبلت الخدمة أم لا, لأنك إذا لم تدفع ستتعرض لكل أنواع الأهانة والسباب, أنهم أطفال الشوارع يجوبونها نهارا متسولين, وليلا يمتهنون الأجرام بحثا عن لقمة العيش, وقدرت منظمة الصحة العالمية عددهم في مصر بما يزيد علي مليون طفل مشرد ينتشرون في الشوارع نهارا للسرقة والنهب والاجرام. وحول خطورة تلك المشكلة يؤكد الدكتور طارق عبدالسلام( طبيب بأحد المستشفيات) أن خطورة اطفال الشوارع ليست فقط في أصابتهم بمرض الأدمان للسجائر والخمور والمخدرات رغم صغر سنهم ولكن أيضا تعرضهم لأمراض السل والسرطان كنتيجة للتقلبات المناخية التي يتعرضون لها دون حماية, ويضيف مؤكدا أن احتراف الاجرام والتسول والاستغلال الجسدي أخطار يتعرض لها طفل الشارع ويتعلمها بحكم مخالطته لغيره من الأطفال الذين سبقوه إلي الشارع وأقاموا به مجتمعا خاصا بهم تحكمه عادات وتقاليد الشارع. ويري علي فهمي( مدير دار التربية الأجتماعية بدمنهور) أن الحلول المقترحة لمواجهة تلك المشكلة ليست في فرض تشريعات قانونية جديدة لأن تفعيل التشريعات القائمة والعمل بروحها كاف للحد من الظاهرة, أيضا العمل علي تنفيذ مجموعة من الأنشطة تهدف إلي إعادة دمج طفل الشارع مع المجتمع المحيط به, فما المانع من أنشاء مركز معتمد لتلقي شكاوي أطفال الشوارع في حالة تعرضهم للأذي من قبل مواطنين أو أفراد شرطة, وكذلك لماذا لا يكون هناك يوم قومي تحت مسمي( يوم اطفال الشوارع) أسوة بيوم اليتيم, ويوم المسن, ويوم المعوق, بغرض كسر الحاجز النفسي بين الأطفال والمجتمع. وحول المعالجات النفسية لطفل الشارع تؤكد سحر عاصي( الأخصائية النفسية) أنه نظرا لشعور هؤلاء الأطفال بأنعدام الأمان وبالرعب الدائم من الغد, فالواجب منحهم الأمان وتزويدهم بالطعام والملابس في مراكز أستقبال ثم جذبهم للمبيت وجعلهم يمارسون أنشطة وهوايات وتدريبهم علي أعمال حرفية والعمل علي جعلهم يستبدلون مجتمع السوء في الشارع بمجتمع سوي يحميه وذلك من منطلق أن أطفال الشوارع ليسوا مجرمين بقدر ما هم مرضي يحتاجون إلي علاج ورعاية. ويري عبدالمجيد عبدالستار مدير جمعية الدفاع الاجتماعي بدمنهور أن الجميع يتفق علي أن مشكلة أطفال الشوارع خطر كبير يهدد البلد في أمنها واقتصادها, وأضاف أن دار التربية الاجتماعية للبنين بدمنهور باعتبارها مؤسسة ايداع مفتوح تم أعتمادها كمركز استقبال وتصنيف لأطفال الشوارع لتأهيلهم واعادتهم إلي ذويهم مرة أخري لكن المشكلة أن العشرات من هؤلاء الأطفال يحكم عليهم بتسليمهم إلي أولياء أمورهم كتدبير احترازي, وبمجرد أن يتسلمهم ولي الأمر لا يأخذهم إلي البيت بل يتركهم علي باب قسم الشرطة ليعودوا إلي الشوارع مرة أخري, وأكد الدكتور محمد حسني الناشط الحقوقي والاجتماعي أن مشكلة أطفال الشوارع لم تعد مشكلة تقليدية بل أصبحت وفي ظل الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد الآن مشكلة( أمن قومي) وذلك لأنهم اصبحوا الآن فريسة سهلة لأي جهة تستغلهم وتستخدمهم في أعمال تخريبية, كما حدث في مصادمات القصر العيني والتحرير وغيرهما, حيث يتم الدفع لهم وتزويدهم بالأقراص المخدرة والطعام ودفعهم لإشعال أعمال العنف والبلطجة وهو في حالة اللاوعي, وهذه هي الخطورة الفعلية في المرحلة الانتقالية للثورة, ويتأكد ذلك بإلقاء نظرة علي جميع ميادين الاعتصامات فنجد هؤلاء الأطفال موجودين بها ومستعدين لفعل أي شيء وكل شيء مقابل المأكل والملبس وحفنة أقراص مخدرة, لذلك فهؤلاء الأطفال ضحاية الحرمان وأداة تخريب في أيدي المحرضين, وندعوا إلي هيكلة دور التربية الاجتماعية لتستوعب أطفال الشوارع بشكل صحيح باعتباره مطلبا أساسيا لسحب فتيل الانفجار لهذه الفئة المهمشة وتوفير الرعاية التعليمية والصحية والنفسية لهؤلاء الأطفال وبشكل أكثر مهنية وأعلي جودة وهو أمر يمثل احتياجا مهما وجديا لتوفير الحق الإنساني لهؤلاء الأطفال.