شغلته الحياة كثيرا وانهكته بما فيه الكفاية ولم يعد عنده وقت لكي يستعيد ذكريات مترعة بافراحها واتراحها خشية ان يستجلب الحنين داخله صورا طبعت في ذهنه وحفرت في وجدانه. عاشها بكل ما اوتي من احاسيس تضخمت في قلبه وتفاعلت لتسع في الوقت ذاته كل القلوب العاشقة ولقد كان ولوجه قدريا من خلال دروب صعبة وفي ظل ظروف ليست هينة بالمرة فساعدت علي انبعاث فجر يوم جديد ولحظة ميعاد فارقة ساهمت علي تجلي اشواقه والتي ان انحدرت مالت معه كل اهوائه ولكنها ارتكزت فتبدات كل الاشياء عبر خلاياه في موضعها وكأن السماء شاءت ان تخلده في حياته فرتبت الاقدار موعدا متزامنا مع حقيقة ميلاده. لكم ان تتخيلوا كم كانت جميلة في ثرائها الملمحي وفي شاعريتها التي اثرت مخيلته تاركة للفجر ينسج خيوط قصته ليستلهم الضوء قوافي قصيدته, وتوالت الايام ليمتد الطريق مفترشا وميضا اضفي عليهم امالا كبري وهو لا يدري ان للايام مواقف تدفعنا كيفما تشاء. كانت لقاءاته الاولي في بلاد الغربة تملكه شعور غريب ادرك في حينه ان ايامه المقبلة سيكون له فيها شأن كبير بعد أن امتزج كل شيء باللون الوردي وهتفت القلوب محلقة في الافاق معلقة بهذا الوعد راجية الفرحة الكبري, وبعد عناق حميم دانت لحظة الرحيل لموطنها علي وعد ان يتواصلا آملين ألا يخذلهما الحب ويستطيعا ان يدعماه بالصبر وقوة الاحتمال بعد ان غزا الشوق قلبه متمكنا وبلغ اوج مبلغه مستغرقا بخياله متسائلا في دهشة'' لماذا تفرق بيننا الايام دون سبب كاف ولماذا لايغطي الحب كل متطلبات الحياة؟ ويوفر علينا جهدا مضنيا ليتركنا في مهب الريح لنسدد وحدنا احتياجات ان كانت ضرورية لكنها في طياتها سارقة العمر واستنزاف الحلم وظل مستغرقا وانت يامن ألهبت روحي شغفا بالامل وبعثت في النفس شعلة تتجسد لقاء في القريب واتمني ان يكون عاجلا. لم ينقطع دوما رنين هاتفه وان بدأ يتضرر من قلة حديثها العذب, وفي يوم هاتفته في حديث متواصل توسل اليها ان تؤجل منحتها لتحضير الرسالة الي ما بعد اللقاء فقد كان لزاما عليها ان تتهيأ لاتمامها في البلد الاوروبي لتضيف انجازا كبيرا يساعدها في مواصلة المشوار الذي يخدم فيه عملها في الهيئة الكبيرة فانتابه الخوف خشية وجود شيء يعيق حركة تقدمها ويقف عثرة في طريق نجاحاتها فارتجف بدنه واقشعر ولأول مرة يسمعها وهي قلقة وغير مقتنعة وافترقا دون أن يجرح احدهما الآخر وانزويا خلف غياهب المسافات وتركا كل شئ للايام فهي احيانا تساعد واحيانا تداوي وتشفي وانقطعت الاخبار بعدما توقفت الاتصالات وحان وقت رحيله الي موطنه ومسقط رأسه وجذوره ولم تهدأ نفسه ولم يعد يهنأ بعد اليوم. علي عصمت بنها