في التمثيل.. هناك أدوار يصنعها الممثل وهناك أدوار تصنع الممثل نفسه.. وعلي الشاشة تظهر هذه المعادلة بوضوح مع كثير من ممثلينا وممثلاتنا!! فنحن نري أن هناك أدوارا إذا قام بها ممثل معين.. ارتفع بها إلي دائرة الجوائز الفنية والجماهيرية.. ونفس الأدوار إذا قام بها ممثل آخر فإنها تمر مر الكرام دون أن يشعر بها أحد.. بل قد تصل إلي حد السقوط!! لذلك نجد أن اختيار الممثل أو الممثلة لدور مايخضع لقواعد كثيرة أهمها تلك القاعدة المهمة.. مثلا لو أن ممثلا آخر قام بدور الفلاح المصري الأصيل في فيلم الأرض غير النجم العملاق الراحل محمود المليجي.. لما وصل الدور الي هذا الارتفاع والجودة والإبداع في الأداء.. ولما كان علامة من علامات محمود المليجي في السينما.. ولما كان من أهم عناصر نجاح الفيلم.. النجم كمال الشناوي في فيلم الكرنك.. الذي جعل النجم من خلال أدائه المبهر يضع نفسه علي قائمة نجوم السينما المصرية.. وغير من مشواره السينمائي الي الدرجة العالية الفنية التي يستحقها النجم الكبير لو لم يكن هو لما كان الدور..!! فاتن حمامة.. النجمة الذهبية الساطعة.. في فيلم دعاء الكروان.. تحدت آمنة طه حسين.. وقدمته كما لم يتوقع هو نفسه علي حد تعبيره.. يحيي شاهين في دور سي السيد السيد عبدالجواد.. مديحة كامل في فيلم الصعود إلي الهاوية.. فردوس محمد أم السينما المصرية.. صانعة أدوارها.. حسين رياض في معظم أدواره كان هو صانعها.. محمود مرسي.. عادل أدهم.. محمد توفيق كان لأدواره التي يعاني فيها من الادمان علامة من علاماته الشخصية في صنع الدور.. وكثيرون في عالم السينما المصرية.. نجوم كانت لهم هذه البصمة الفنية الرائعة.. وحتي لا ننساهم.. وحتي نعيش معهم في أفلامهم المعروضة.. كنجوم للسينما.. قدوة لها تاريخ في صناعة السينما المصرية.. وفي مشوارها المتجدد وبأجيالها المتتابعة.. والتي نعيش في عصر السينما الحديث المدوي بتطورها.. منهم أيضا من يصنع دوره بقدرات فنية ظاهرة ومنهم من يهرب منهم الدور.. ولا يحقق معه معادلة الابداع وصناعة الدور الذي يطلقه الي سماء النجومية الحقيقية.. الممثل صانع أدواره يتمتع بعناصر منحها الله له.. وعناصر أضافها هو إلي ذاته.. بالاستيعاب.. والتعايش.. والندرة في صدق الأداء.. والتخلص من الذات والدخول الي عمق الشخصية التي يقدمها والاقتناع والاقناع بما يفعله وسيطرته علي أدواته الفنية صوتا وجسدا وتعبيرا بالعين واليد والسير وبكل الكيان حتي إذا أعطي ظهره للكاميرا يمثل أيضا بكل إخلاص.. وكم من أدوار قوية سقطت.. وسقط معها الممثل.. وكم من أدوار ضعيفة صنعها الممثل.. وأصبحت علامة من علاماته الرائعة في عالم السينما.. ونظر إلي صديقي النجم بعد هذا الذي قاله.. واستأذن مني.. في طريقه الي البلاتوه.. بعد أن نظر الي المرآة في حجرته ووجدته تغير تماما.. وأصبح شخصية الفيلم الذي يصوره وتحرك بشخصيته الجديدة دون كلام ليصنع دورا هو الآخر..