ينطلق الخطاب الشعري, لديوان لاسبيل إلي الرجوع للشاعر سامح شعير بقصائده الخمس والعشرين من موقف مهيمن علي قصائد الديوان, يتمثل في ضياع القومية العربية, في ظل حالة اللاوطن, التي عاش فيها عالمنا العربي, قبل ثورتي تونس ومصر. في ظل احتلال غربي أمريكي للعراق, ولفلسطين ولبنان وسوريا, وفي ظل انقسام فلسطيني فلسطيني, حتي شعر العربي انه يعيش في حالة اغتراب, عن وطنه, لذا تعتبر قصيدة اغتراب هي القصيدة المفصلية, المعبرة عن تجربة الديوان في معظم نصوصه, حيث تشعر الذات الشاعرة, باللامكان, باللاوطن, باللاحلم: احس اغترابا فأين الاماكن؟! كل الأماكن باتت أسيرة وكل الطيور برغم الرحابة باتت كسيرة فلا الليل يمضي ولا الحلم يبقي ومالي مكان.. الديوان/ص56 علي ان حالة الانفصال بين الذات الشاعرة ووطنها, كانت دافعا إلي الشعور بفقدان الغد, لانها لاتجد في وطنها غير القهر, لذا فهي كغيرها من ابناء وطنها قد نست النشيد: فكل الذي سوف يأتي احتمال فعذرا لقهري فعذرا ب ل ا د ي فعذرا لانني نسيت النشيد/ الديوان/ ص57 فانقسام حروف لفظة بلادي في طوايا القصيدة يبرز دلالة انفراط الوطن وضياعه وهو ما تجسد في غير قصيدة من قصائد الديوان. فها هي الذات الشاعرة تلتحم مع قضايا وطنها, لاسيما القضية الفلسطينية, معبرة عن موقف الشخصية الفلسطينية منذ صغرها حيال وطنها الفلسطيني, وتمسكها بوحدته, كما يتجلي في قصيدة مسألة برغم الضرب بكل وسائل هذا العنف في الضفة.. غزة.. في القدس لا أقبل أبدا بالقسمة لا أقبل أبدا بالطرح الديوان/ ص6 وينتصر النص في قصيدة موتوا جميعا لفكرة الوطن ووحدته رافضا الانقسام الفلسطيني الداخلي بين فتح وحماس وقد حملهما النص ضياع الوطن: أضاعوك يا قدس أضاعوا الحرم فموتوا جميعا فلا فتح عاشت ولا حماس.. الديوان/12 وجدير بالملاحظة في هذه القصيدة, ان النص انتهي بنبرة خطابية لامبرر فنيا لها: لتحيا فلسطين لتحيا لتحيا يعيش الوطن.. الديوان/ ص12 وتستلهم الذات الشاعرة, التراث الشهر زادي في الف ليلة وليلة, للتعبير عن قضايا عالمنا العربي الراهنة, حيث رمزت شهرزاد لبغداد العراق, ورمز شهريار للمغتصب الأمريكي, كما يتضح في قصيدة شهر زاد. أنا شهر يار سيان عندي إن أتيتك راغبة او جئت عندك رغم أنفك خاضعة/ الديوان/ ص8 وتنتهي القصيدة بتعرية الرمزية وكشفها, لتأكيد ضياع بغداد, بدجلة والفرات وبزيتها: بغداد ضاعت بعدما من مات فات بغداد أقصد اقصد شهر زاد/ الديوان/ص9 وتأخذنا الذات الشاعرة, إلي بكاء المدن والمماليك, باكية سقوط بغداد, بسقوط تمثال حاكمها, وانتشار الخائنين بها, فالنص يقدم أسباب سقوطها. بغداد لالوم عليك الخائن منك الخائن.. في كل ربوعك يا وطني سقط التمثال/ الديوان/ ص21/20 ويتصاعد الشعور الوطني في الديوان, حتي يعلن نص قصيدة سلم النار عروبة الوطن, ورفض المحتل بكل أشكاله: عربية هذه الأوطان جولان القدس لبنان فلتنهوا مجلسكم هذا فالفاقد لا يعطي أبدا لا نأمن سلم الكفار/ الديوان/ ص28 وتأتي التجربة الرومانطيقية, في هذا الديوان, علي استحياء متشبعة برومانسية أبي فراس الحمداني ورومانسية أبوللو, كما تجسد في قصيدة في الدائرة وأخذت اهتف يارنا هيا معا نثب الزمان بحلمنا فتمنعت وكأنها لاتعتني قتلت فؤادي بخنجر من صمتها/ الديوان/ ص46 وتأتي الذات الشاعرة المحبة, عنيدة, غير مستسلمة لصمت محبوبها, فتعلن قوتها: فلتسمعي أنا لن أكون بلعبة مثل الزهر بعواطفي اليوم انت مقامرة/ الديوان/ ص47 في حين تأتي الرومانطيقية, هادئة, تتعلق بذكريات الماضي, كما في قصيدة إني نذرتك للقمر: لو تذكري في المعد ود ضمنا بالحب نجمع واللعب نثبت الزمان بحلمنا الديوان/ص40 د. شريف الجيار ناقد واكاديمي