وقف الطفل غريب.. يراقب عن كثب.. موج البحر الغارق في بطن الشمس.. تلك الشمس المخنوقة بخيوط الليل.. والقمر يضاجعها دون اكتراث بالأشياء.. كي تلد الفجر.. كبر الطفل.. لم يأت الفجر. ميلاد صمتا.. دوما كانت اجابتك, عندما يطرح عليك هذا السؤال لماذا لم تتزوج بعد؟ كنت تبتسم مخفيا الاجابة الحقيقية عن الجميع, حتي لاتوصف بالجنون.. فقلبك مازال يبحث وسط النساء عن امرأة تستعمره وتعمره, عن حب تحلم به منذ الصبا. في صباح هذا اليوم تحس بنبضات قلبك تخفق علي غير العادة, تتنفس هواء لم تكن تتنفسه من قبل, لم تحاول في بداية الأمر ان تجد السبب. لكنك تكمل يومك كسابق الايام, جريدتك اليومية تقرأها داخل السيارة التي تنطلق بك نحو العمل.. توقف السيارة امام مدخل المدينة التي تعمل بها, تسير خمس دقائق حتي تجد نفسك امام مقر العمل.. تسترجع رائحة الهواء الذي هاجمك صباحا.. تصعد السلم.. تدخل الغرفة التي توقع فيها بالحضور.. تصبح علي الجميع.. تنجذب نحو العينين الجديدتين, الحزن يملأهما.. تسمع دقات قلبك تهفو إليها هل وجدتها اخيرا.. تلك الجنة التي احببتها قبل ان تراها, هذا المحراب الذي ستقيم فيه صلوات العشق.. احد الزملاء يهمس في اذنك اليسري بانها زميلة جديدة بالعمل.. انشودة صبح تولد داخلك لتنكسر جدران شيدتها حتي تحفظ لها قلبك.. الجميع يلاحظ تلك اللمعة التي ولدت في عينيك علي غير العادة. الوجه الآخر من الموت تجلس فوق سريرك.. تلتقم من يد امك بعض كسيرات من الخبز المحلي بالسكر, تلعق من علي شفتيك مرارة أحزانك مع بعض حبات السكر.. ترمق جدران حجرتك القابع فيها منذ مولدك.. تراها سوداء كما تري كل الأشياء.. ترتشف قطرات الماء التي أحسست بها تهوي فوق شفتيك.. تسمع أمك تدعو الله أن يريحها من هذا العذاب اليومي.. ترقد مرة أخري تشعر بأقدام أمك متجهة نحو النافذة التي تستنشق منها طعم الحياة لتحضن أشعة الشمس بين ذراعيك... ها هي تدنو منك مرة أخري رافعة من أمامك الطعام, تقبلك من وجنتيك تاركة إياك فريسة بين فكي الوحدة. أيمن وهدان أسنيت كفر شكر