لم يتمالك مرجان الشاب العشريني نفسه وغلبته دموعه حتي انهمرت كالسيل وهو يروي تفاصيل جريمة قتله شقيقه سامح لرجال مباحث القاهرة الذين ألقوا القبض عليه عقب إبلاغهم بالجريمة.. قال: أنا ماكنش قصدي أقتله يا فندم احنا دايما بنتخانق ونتصالح تاني.. لكن المرة دي هو أهانني قدام أصحابي.. ليجهش بعدها في البكاء قبل أن يستطرد سامح يكبرني بسبع سنوات عشنا معا باحدي المناطق الشعبية التي تتميز بالروابط الاجتماعية المتأصلة والتي تسكنها دائما روح المحبة والود بين الأهل والجيران والأصدقاء وكان سامح بمثابة السند والدرع الحامية لي حيث كنت دائم الشجار مع أطفال المنطقة منذ الصغر وكنت أدخل كل معركة مطمئنا إلي وجود شقيقي الذي ينقذني ويحقق لي الانتصار في كل الاحتكاكات والمشاجرات التي كنت اختلقها مع اقراني أو هؤلاء الذين يكبرونني بسنوات. كبرنا معا وترعرعنا في حضن والدينا وسلك كل منا طريقه بعد اكمالنا تعليمنا المتوسط حيث نجح سامح في افتتاح محل للألعاب الرياضية ولأن المحل مساحته ضيقة علي قد فلوسه فقد اختار لعبة البلياردو لأنها تكاد تكون هي اللعبة الأولي المحببة لشباب المنطقة التي نقيم فيها. بدأت الأحوال تتحسن بعد اقبال الشباب علي اللعب بصالة سامح وبسبب كثرة الزبائن استعان بي رغم علمه بأنني مختلف عنه حيث كان يراني مستهترا وكثيرا ما أجامل أصدقائي ومعارفي مجانا بدون مقابل هذا بخلاف صداقتي للفتيات الأمر الذي دعا سامح إلي توبيخي أكثر من مرة علي هذا السلوك الذي كان يصفه بأنه لا يراعي أكل العيش وكثيرا ما هددني بالطرد من الصالة وحذرني من أن مصيري سيكون إلي الشارع لان والدنا أيضا ضاق ذرعا بأفعالي ويضيف كنت اتقبل هذه الكلمات بدم بارد برود الثلج ولا تحرك بداخلي ساكنا ويستطرد في احدي الليالي حضر سامح إلي الصالة لتسلم ايراد اليوم وفوجيء باحدي اللمبات الخاصة باللعبة مطفأة وعندما سأل عن السبب أخبرته بان المفتاح الخاص بها انكسر وعندما سأل عن سبب كسره لم أستطع الرد والتزمت الصمت المطبق فاستشاط غضبا وبدأ في توبيخي وتوجيه السباب والشتائم لي أمام الزبائن ومنهم عدد من أصدقائي الذين حاولوا التدخل وتهدئة الأجواء بيننا إلا أن يد الأخ الأكبر كان لها القول الفصل في الأمر وانهال علي بالضرب المبرح حتي فقدت عقلي واستبدت بي وساوس الشيطان بان شقيقي سيجهز علي بعد أن اهانني أمام أصدقائي وبسرعة البرق اخرجت سلاحا أبيض من بين طيات ملابسي مطواة وسددت لشقيقي عدة طعنات بالصدر ليلقي حتفه عقب وصوله الي مستشفي عين شمس التخصصي وفشل كل محاولات الأطباء في إنقاذه من الموت ويصاب والدي بحالة من الذهول بعد أن ادرك خلال دقائق أنه فقد نجليه بموت الأكبر وسجن الأصغر. ورغم بشاعة ما ارتكبه مرجان إلا أنه أمام رجال المباحث كان دائم اللوم لشقيقه الميت الذي لم يعامله معاملة حسنة لتظل مشاعره وضميره في طي الكتمان لتتفجر أمام اللواء أسامة الصغير مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة الذي تمكن من خلال فريق من رجال المباحث بقيادة نائبه اللواء حسن السوهاجي من ضبطه ومواجهته حتي اعترف تفصيليا يجريمته وسط حالة من البكاء الهستيري انتابته أثناء سؤاله وكذلك والده الذي لم يكن يصدق ما حدث وظل يردد ياريتني مت قبل ماأعيش اليوم ده تم تحرير محضر بالواقعة واخطار النيابة التي تولت التحقيق.