عم نوح المراكبي رجل يبلغ من العمر ثمانين عاما, قضي منها ستين عاما في مزاولة مهنته وحرفته ينقل ركابه بسفينته الشراعية المنطلق شراعها الأبيض الناصع لعنان السماء يكاد يلامس سطحها الفيروزي المرصع بالنجوم الزرقاء المتلألئة من شاطئ لشاطئ ومن بر لبر بهدوء. واتزان وصبر دون كلل أو ملل, مهنة المراكبي حرفة عم نوح وصنعته جعلته خبيرا محنكا بعالم البحر يعلم أسراره, يعرف خباياه وكوامنه, أوقات عواصفه وأنوائه فترات هياجه وهدوئه, مواسم ارتفاع أمواجه وأوقات هدوئها كأنها بساط مفروش كامن ممتد علي مرمي البصر, ركاب عم نوح المراكبي اطمأنوا علي حياتهم وأرواحهم وثقوا في قدرته علي قيادة المركب لسنوات طويلة شعروا خلالها معه بالأمان والأمن لهدوئه وخبرته الطويلة في قيادة السفينة ويقلهم من شاطئ لشاطئ في أمان واستقرار دون مخاطر أو صعوبات تهدد حياتهم ومصيرهم, تسود بينه وبينهم روح المودة والمحبة والارتياح والسلام, ركاب عم نوح المراكبي كانوا يقضون فترات نقله لهم من بر لبر ومن شاطئ لشاطئ في مرح وسعادة بأغان شعبية ورقصات فلكلورية فوق ظهر مركبه, فجأة وبدون سابق انذار أصيبت سفينة عم نوح بعطل ميكانيكي طارئ اهتزت له مركبه بشدة فقدت اتزانها وتوازنها فوق سطح البحر روح الخوف والفزع والهلع سادت بين ركابه كادت تفتك بهم تمزقهم لأشلاء متناثرة مبعثرة فوق سطح سفينته, حاول عم نوح أن يهدئ من روعهم, أن ينشر بينهم الأمن والأمان والسكينة لكن دون جدوي ذهبت جهوده أدراج رياح البحر السابح فوقها مركبه الشراعي العديدمن ركاب المركب طالبوا باستبدال عم نوح المراكبي بقبطان آخر أكثر شبابا وحيوية من عم نوح ينقلهم من شاطئ لشاطئ دون اعطال مفاجئة بالسفينة, حاول عم نوح المراكبي أن يقنعهم بإمهاله بعض الوقت لاصلاح العطل المفاجئ بسفينته الشراعية وتعهد بتسليمها ونقلها لقبطان آخر في أمن وأمان واستقرار دون اضطرابات أو صراعات بعد أن وعدهم بعدم قيادة السفينة مرة أخري, لكن ركاب المركب اتفقوا مصممين علي تغيير عم نوح المراكبي واقصائه وإبعاده بإحلال مراكبي آخر لقيادة السفينة الشراعية أكثر شبابا وحيوية منه, استسلم عم نوح لطلبات ركابه واعتذر عن عدم قيادة السفينة ورضخ لهم انقاذا للصالح العام وعدم حدوث فتنة فوق سطح السفينة الشراعية واقتصي مكانا بعيدا, ارتبكت سفينة عم نوح فوق الأمواج والعواصف المتلاطمة تعصف بها فوق سطح البحر بدون اصلاح لعدم وجود البديل الكفؤ لقيادتها لبر الأمان.. وسط الخلافات والصراعات علي مقعد قيادة السفينة دون قائد كفؤ بعد عم نوح.. نادر المغيني القاهرة