تشهد شواطئ رشيد حاليا جريمة بشعة وعمليات سرقة ونهب منظمة للمال العام في وضح النهارفالعشرات من اللوادر والجرارات الزراعية تقوم بتحميل آلاف الأمتار من رمال شاطئ رشيد, وبيعها للمزارعين والمواطنين محققين أموالا طائلة, وذلك تحت سمع وبصر المسئولين. الكارثة ان أعمال سرقة الرمال لاتقتصر علي الكثبان السطحية بل تتواصل بالحفر حتي عمق4 أمتار مخلفة بركا من المياه مما يهدد بتدمير الحاجز الطبيعي الأول أمام خطر النحر في الشاطئ بفعل التيارات البحرية ويعجل بغرق جميع هذه المساحات عند أول نوة كبيرة للبحر وما يجعلنا نشعر بالأسي ان هذه الرمال ذات جدوي اقتصادية عالية لكونها من نوع الرمال السوداء التي تحتوي علي معادن التيتانيوم والزركون والغارنيت والماغنيتايت وغيرها والتي تعد ذات أهمية اقتصادية كبيرة لدخولها في كثير من الصناعات المهمة والتي يمكن أن تعود علي مصر بملايين الدولارات. جذور المشكلة يكشف عنها المهندس أبو العلا النظامي احد أبناء رشيد فيوضح ان معظم أراضي حوض الرمال وصحراء البوصيلي بإدكو ورشيد تفتقر إلي مشروعات الصرف المغطي, ونظرا لقربها من البحر المتوسط ووقوعها في نهاية الدلتا, ارتفع منسوب المياه الجوفية في التربة السطحية للحقول. ويوضح ان كل أراضي حوض الرمال كانت عبارة عن تلال من الكثبات الرملية القاحلة خلال السنوات الماضية فقام أهالي إدكو ورشيد بتسويتها بسواعدهم واستصلاحها بجهودهم الذاتية دون ان يكلفوا الدولة مليما واحدا, وبعد سنوات من العمل الشاق, اصبحت تفيض بالخير حيث جادت زراعة اشجار الموالح والفاكهة بأرض المنطقة حتي اصبح إنتاجها يغذي كل اسواق الجمهورية ويتهافت التجار علي شرائه ويوجه بعضه للتصدير الخارجي بالإضافة إلي النخيل, هذا إلي جانب الزراعات السطحية مثل: الطماطم والخيار وغيرها, أي أننا كنا نزرع3 محاصيل في وقت واحد لكن لم يدم الحال حيث تدهورت خصوبة التربة واصابها الضعف مع بداية التسعينيات لعدم وجود شبكة للصرف المغطي, حيث بدأت الأشجار في الجفاف وتساقطت ثمارها واوراقها تدريجيا امام اعيننا دون ان نتمكن من فعل شيء بسبب ارتفاع منسوب المياه المالحة وعدم وجود شبكة للصرف المغطي وأمام المشاكل لم نجد حلا مؤقتا سوي رفع مستوي سطح التربة بنقل الكثبان الرملية. أما المهندس الزراعي عبد الفتاح عبد الوهاب احد أبناء مدينة رشيد فيكشف ان جزءا من هذه الرمال يتم نقله إلي الأراضي الزراعية أما الجزء الأكبر فيقوم البعض بتخزينه في صورة تلال واكوام لبيعها فيما بعد ويشير إلي أن اعمال سرقة وتجريف الرمال التهمت الأرض المخصصة لمدينة رشيد الجديدة والبالغة مساحتها ألف فدان تقريبا, حيث تحولت إلي برك وحفر بعمق4 أمتار, الأمر الذي يستحيل معه استغلال هذه الأراضي مرة أخري حيث سيتطلب ذلك نقل ملايين الامتار المكعبة من الرمال إليها مرة أخري وفي ظل عدم وجود تلال رملية قريبة, تصبح تكلفة رفع منسوبها واستغلالها غير مجدية بالمرة. ويوضح ان جميع الدراسات العلمية اثبتت ان ساحل رشيد من اخطر الشواطئ التي تتعرض للنحر بفعل التيارات البحرية التي تضرب الشاطئ نظرا لكون تربته تتشكل من الرواسب الدلتاوية الضعيفة, وأعمال تجريف وسرقة رمال الشاطئ تمثل كارثة بكل المقاييس, ويؤكد انه يحزن كثيرا لمثل هذه التصرفات التي لاتعكس حبا ولاحرصا من قلة قليلة علي البلد. أما سمير خاطر تاجر برشيد فيوضح ان اعمال سرقة الرمال كانت محدودة قبل الثورة حيث قام مجلس المدينة بعمل كشك وتعيين خفير وسط أرض المدينة السكنية للتصدي لأ عمال السرقة ولصوص الرمال, لكن اليوم تتواصل السرقات في وضح النهار ودون وازع من ضمير وتتراوح قيمة نقلة الرمال نحو50 جنيها, مما يجعل اللصوص يحققون مكاسب طائلة. ولايستطع احد الاقتراب منهم لكونهم يستأجرون بلطجية يشهرون الأسلحة النارية وعلي استعداد لاطلاق النار علي كل من تسول له نفسه ردعهم مما يتطلب تدخلا حاسما من الشرطة والجيش وبالتعاون مع مجلس المدينة لفرض هيبة الدولة وضبط المخالفين. ورغم خطورة المشكلة فاجأنا مسئول بشئون البيئة ان البيئة ليست لها ولاية علي رمال الشاطئ وإنما تخضع لقانون المحاجر والتعدين, موضحا ان جهاز البيئة يدرس فقط التأثير البيئي للمنشآت الصناعية المقامة علي شاطئ البحر وهو مايجعلنا ندق ناقوس الخطر ونطالب الاجهزة المعنية بسرعة التدخل للحفاظ علي ما تبقي من شاطئ رشيد. من جانبه, أوضح الدكتور أحمد البوصيلي الأستاذ بكلية العلوم ونقيب العلميين بالإسكندرية أن الرمال السوداء ترسبت نتيجة لاصطدام مياه البحر بمصب نهر النيل عبر آلاف السنين وهي موجودة بشاطئ رشيد والبرلس بكفر الشيخ وتعد ذات أهمية اقتصادية كبيرة لاحتوائها علي معادن مثل التيتانيوم والزركون والغارنيت والماغنيتايت, فضلا عن رواسب الذهب وبعض العناصر المشعة الأخري والتي تدخل في العديد من الصناعات الهامة, ومن ثم تحرص العديد من الدول علي الاستفادة منها, ويشير الي سابقة أنشاء شركة الرمال السوداء المصرية في الستينات والتي تقوم باعمال استخلاص هذه المعادن للاستفادة منها لكن تعثرت الشركة وتوقف المشروع ثم قامت هيئة المواد النووية أخيرا بانشاء وحدة صغيرة في منطقة أبوخشبة لفصل وتنظيف هذه المعادن واستخلاصها من الرمال, لكن الأمر يتطلب مشروعا علي نطاق أوسع مثل مجمع صناعي متكامل للاستفادة من هذه الرمال التي يمكن أن تدر عائدا بملايين الدولارات إذا احسن استغلالها, ويوضح أن المشروع يجب ان يتضمن استخلاص المعادن ثم اعادة نقل الرمال في مكانها علي الشاطئ مرة أخري للحفاظ عليه من خطر النحر. كما يشير الي خطورة قيام البعض باستغلال هذه الرمال في مواد البناء لكونها تحتوي علي مواد مشعة تمثل خطرا علي صحة المواطنين الي جانب وجود خامات للحديد بالرمال مما يعرض المونة للأكسدة والصدأ السريع. كما أكد ان عدم استغلال هذه الرمال يعني اهدار الثروة كبيرة ستضيع اما في البحر عن طريق النحر المتواصل للشاطئ أو اعمال التجريف والسرقة لتذهب هباء. من ناحية أخري, يشير احمد ميلاد رئيس حزب الغد بالبحيرة الي سابقة اعلان وزير الري الأسبق عن البدء في اعداد دراسة لتدعيم وصيانة حائط رشيد البحري المقام علي شاطئ البحر بمنطقة البوغاز, وذلك لبحث امكانية انشاء رأس حجرية من الناحية الغربية للبوغاز لمنع ترسيب الرمال بمدخل البوغاز, مع استكمال اعمال حماية الشاطئ وهو ما لم يتحقق. ويطالب ميلاد بطرح مشروع لاستغلال واستخلاص المعادن من الرمال السوداء برشيد, أسوة بالمشروع الذي أعلن عنه في البرلس بكفر الشيخ, مع ضرورة قيام اساتذة الجامعات والمراكز البحثية بدراسة كيفية استغلال العناصر والمعادن النادرة فيها في تطوير الصناعات المصرية, ويؤكد ان القوي السياسية والأحزاب جنبا الي جنب مع المواطنين والحكومة مطالبون بالتصدي لمثل هذه الممارسات التي تلوث ثوب الثورة المصرية.