44 قرية تبدأ من دابود وحتي أدندان لها36 عمدة هكذا يصف محمد خضري يوسف مواليد1937 النوبة القديمة. ويضيف الحاج خليل الجبالي من مركز نصر النوبة والذي كان في المرحلة الثانوية وقت التهجير. فيحكي النوبة قديما كان يتوسطها شريان النيل وعلي ضفافه من الجانبين قري تصطف بيوتها صفا واحدا بجانب بعضها البعض باللون الأبيض الذي يميزها بين الرمل الأصفر والنيل الأزرق وحول كل منزل حدائق وخلف المنازل أراض شاسعة كانت حياة النوبي في راحة تامة بجانب الصيد والزراعة ولا تربطهم بأسوان سوي البوسطة فقط. ويستطرد الجبالي الهدوء كان سمة الحياة التي لا تسمع فيها عن حادث واحد ولو مجرد تشابك بالأيدي وكل المشكلات تنتهي في الجلسات العرفية ومهما تمر السنوات ويبعد النوبي عن موطنه يظل الحنين بداخله تتوارثه الأجيال وراء بعضها ويبدو أنه كان علي حق فالفخر والأريحية في أحاديث كل النوبيين حتي من لم يروا النوبة القديمة تؤكدها وتردد وفاء عشري محاسبة مقطعا من أغنية نوبية تقول فخور أنا بحضارتي.. شطبوا ياناس حضارة كاملة احنا كنا خلف السد وقالوا نوديكو كوم أمبو الجنة الخضراء وهنا توقفت قائلة.. طلعت في النهاية جهنم حمراء ذكريات الطفولة ويسترجع حسن عوض ذكريات طفولته قبل تهجير السد العالي قائلا كانت البيوت في الربوة العالية شرق وغرب النيل مزينة بالزخارف النوبية والحدائق في كل جانب تنتشر فيها السواقي. وعن لغات النوبة يقول هناك ثلاثة أقسام للنوبة من الجنوب الفاديجا بداية من أدندان وحتي أبو حنضل ثم العرب في المنتصف ثم الكنوز شمالا من قورتا حتي المضيق مشيرا إلي أن جميعها لهجات للغة النوبية ولكن عربي العرب هو الأقرب للسوداني رغم أنهم في المنتصف. عادات وتقاليد النوبة خاصة في مناسباتهم تحكي عنها جمالات عبد الرءوف قائلة: استعدادات الأفراح تبدأ قبلها بأيام قد تصل لشهر كامل وسواء بيت العريس أو بيت العروسة فالحال واحد والعمل يجري علي قدم وساق حيث غالبا ما يكون الاثنان قريبين فالنوبيون يفضلون زواج الأقارب وكانوا يحرصون عليه كثيرا. وتضيف يبدأ تجهيز أشياء الفرح قبله ب15 يوما بعمل الشعرية والبسكويت وغيرهما بعدها تكون الذبائح سبع ليال حتي ليلة الحنة وهي في اللغة النوبية كورفاريه ديب حيث الولائم والعزائم للأهل والأقارب وتكون هذه الليلة هي ليلة أم العروسة والعريس حيث النقوط يكون لهما وبعد احتفالية ليلة الحنة التي تستمر حتي مطلع الفجر يصلي الجميع ثم يفطرون الشعرية والفيشار وخاصة العروسة. حفلة ليلة الحنة كما تصفها جمالات تسمي الأراجيد تلبس البنات فيه زي الجرجار والشباب القفطان والعمة ويرقصون الرقص النوبي مصاحبا للغناء النوبي بعد أن يكون قد تم عقد القران قبل العشاء في بيت العروسة أو دار الضيافة ويقوم بعقد الزواج مأذون نوبي. وعن استعدادات العروسة لاحتفالية الحنة تقول بالرسم النوبي المخصص لهذه المناسبة والذي تقوم به الحنانة المختصة مع استخدام الديلكا والخمرة وهي روائح خاصة بالعروسة التي لا تنام عقب حفلة الحنة إلا بعد أن تتناول الشعرية بعد الفجر مباشرة مع افطار خاص بها تستعد بعدها لاحتفالية الزفاف التي تسمي بالنوبي باليه ديب وتبدأ غالبا بعد منتصف الليل بزفة تجوب البلدة كلها. ثاني أيام الفرح أي ليلة الصباحية تسمي سكري ديب وتستمر العروسة أسبوعا إما أن يحضر لها صديقاتها وأقاربها أو تذهب لمنزل أهلها تتلقي خلالها نقوط الفرح أو الواجب ويطلق عليه بالنوبي الكري. وتشير جمالات إلي أن قيمة النقوط أو الكري تختلف من شخص لآخر لكنه لابد أن يرد مضاعفا لمن أعطاه عندما تكون عنده مناسبة مماثلة قائلة يوم السبوع وهو بعد الزفاف بأسبوع يكون ليلة أم العريس حيث تقام الاحتفالية عندها وتذبح الذبائح وتتلقي الكري أو الواجب إيذانا ببدء الحياة العائلية لابنها. وتضيف: في سبوع الأطفال يحتفل النوبيون بعمل العقيقة التي يذبح فيها ذبيحتان للولد وذبيحة واحدة للبنت وتتلقي الأم الكري أو الواجب منذ اليوم الأول حيث يبارك ويعطيها كل من يحضر للاطمئنان عليها أو علي المولود. الحياة في تجمعات نوبية خالصة هي ما يفضله النوبيون هكذا يؤكد صالح حسين صاحب الثمانين عاما قائلا طبيعتنا تجعلنا لا نحب الاختلاط ولكن ذلك لا يمنع أنه يحدث حاليا خلاف هذا الأمر كما أن الزواج عادة ما يكون من النوبيين بعضهم ببعض غير أن الحداثة والتعليم والهجرة للعمل غيرت ذلك حاليا ورغم أنه كان ممنوعا علي البنات النوبيات الزواج من غير النوبيين إلا أن ذلك تغير حاليا لكن الأمر لا يخلو من عدم القبول بشكل كبير وأضاف بسخرية: بناتنا سمراوات ولابد أن يتزوجهن النوبيون وإلا فمن سيتزوجهن وعموما السمار نصف الجمال.