أحدث روايات الكاتبة بشري أبو شرار.. أدرجها بعض النقاد في إطار أدب المقاومة لأحداثها التي تدور بين فلسطين وبعض العواصم العربية, ولأن بطلة القصة( شمس) تعاني الغربة والشتات. تعزف الكاتبة أناشيدها علي أوتار الفقد والضياع.. فقد الأحبة وضياع الأرض وماعليها.. ومع أني أوافق النقاد علي هذا الرأي, لكن المقاومة في يقيني ليست قصيدة شعر أو رواية أو مقالا ملتهبا, بل هو الكفاح المسلح والنضال المتواصل لأن شجرة الحرية لاتروي إلا بدماء الشهداء.. قد تكون الهدنة لتسترد المقاومة أنفاسها وتراجع مواقفها وتفسح المجال للمفاوضات الرامية للحل العادل, لكن إلقاء السلاح لأجل غير مسمي يعد خطأ فادحا يقع فيه أصحاب قضية التحرير.. أولي ملاحظاتي علي رواية انشودة شمس هي التسمية.. لقد قسمت الكاتبة روايتها الي ثمان وخمسين أنشودة جميعها اناشيد, فكان ينبغي تسميتها أناشيد شمس.. الشمس بين الرمز والدلالة: في علم الفلك الشمس كتلة من الغازات الملتهبة في مركز المجموعة الشمسية, وهي آية كونية ودليل علي طلاقة القدرة الإلهية, وبالرغم من تحولاتها بين الكسوف والخسوف وبين الغروب والشروق فإن ديمومتها أو حت للأدباء معاني ودلالات تناولتها الأقلام, منها علي سبيل المثال: * باب الشمس.. الياس خوري * عباد الشمس... سحر خلفة * رجال في الشمس.. غسان كنفاني * بوصلة من أجل عباد الشمس.. ليانة بدر * الذين يبحثون عن الشمس.. عبدالله التايه أما الكاتبة بشري أبو شرار فلها روايتان سطعت الشمس علي غلافهما( شمس, أنشودة شمس) بطلة الروايتين فتاة فلسطينية تجسد كل معاني التشبث بالأرض والإيمان والوفاء للقضية والشعب والتواصل مع الناس والحب الجارف لكل ماتقع عليه عيناها لدرجة العشق, ونستشعر الجانب الرمزي في القضية الملتهبة فلسطين شمس العرب التي تأبي الأفول, فاذا خبت حينا فإنها سرعان ماتتوهج مجددا, لان قضية اغتصاب وطن جريمة لاتسقط بالتقادم مهما توالت عليها الفصول.. ثلاثية بشري؟ !مثلما صور الأديب نجيب محفوظ المجتمع المصري في ثلاثيته الشهيرة( بين القصرين قصر الشوق السكرية) استطاعت بشري أبوشرار رصد التفاعلات والأحداث في فلسطين عبر ثلاث روايات هي( من هنا وهناك/ شمس/ أنشودة شمس) إن هذه الإبداعات وأمثالها تساهم بقدر كبير في توثيق الحق العربي في فلسطين وتعزيز الهوية.. إن هذا التوجه يعد في رأيي بمثابة دحض لدعاوي الأدب العبري الذي يصور الإنسان العربي بأبشع الصفات, لكن من الإجحاف أن نلقي هذا العبء علي مبدعة واحدة لتتصدي لآلة الميديا الصهونية العملاقة.. نحتاج لأقلام اخري تتسم بالموضوعية والإيجابية والانصاف لمواجهة الافتراءات المريبة في الإصدارات الصهيونية.. فنون السرد: اتسمت هذه الرواية بملامح عديدة منها:اولا: التراكيب اللغوية عبر صياغات شاعرية مبهرة تجعل القاريء متابعا بشغف للوصول الي نقطة النهاية: بوابة وأقفال موصدة, أوراق معادة, لو كان يدري كم كان وقع كلماته قاسية, لاتحب إعادة الأوراق ولا النقاط لحظة ارتطامها بالحروف ولا خطوط النهايات. ثانيا: استرجاع الأحداث( فلاش باك) لذاكرة صافية محتشدة تأبي التراجع: هي ذاتها حكايات أمي قبل عشرين عاما, كانت حبة بندورة هي التي سدت ثقب معدته ثالثا: الحوار المتصل المتتابع بين روح شمس الهائمة في ملكوت الرومانسية عبر الأثير وروح الحبيب اللاهث بين العواصم في غربة الروح والجسد: كيف رأيتني في منفاي هنا مابين زحام ورنين, فرحة حزن.. فقد وفراق.. وانا المنفية عن كل الصور والمرايا.. أجدف علي ضفاف البوح ياشمس من مياه شطآننا مداد كلماتي, قد أصل بالنهر باحثا عنك في كل وجوه النساء. رابعا: النظرة الشمولية لكاتبة موجوعة بوطنها الأسير, ترنو ببصرها نحو العراق الجريح تحرق صدري تنهيدة مسافرة, اي مفارقة اعيش, صغيرتي والعراق, هل احكي لها عن اول نقطة حدودية لعبور رفح ام العبور الي بوابات العراق. خامسا: خلط مقصود بين الحقيقة والخيال في سرد مفعم بالحيوية والطلاقة: علي احبال الهواء تجدل ضفيرة الزنانة( المروحية) والأباتشي وعين الصبي.. وأنفاس تقطعت علي مدارات الأرض, ارتطام.. انفجار.. أشلاء تناثرت.. زجاج تهشم يحمل صورهم التي كانت من الحكاية. وأخيرا فإن أدب المقاومة والكفاح المسلح كلاهما يجعلان شمس فلسطين دائمة الإشراق في سماء العروبة. محمد أحمد برمو نادي الأدب إدكو