مع بدء الإجازة الصيفية، يشعر الأبناء لاسيما الطلبة الذين انتهوا من الشهادات المدرسية بالحاجة إلى الراحة والاسترخاء، بعيدًا عن ممارسة أى نشاطات أو ممارسة هوايات مفيدة، وهو ما يحذر من استمراره علماء النفس وخبراء التنمية البشرية للآثار السلبية على طاقة الشباب وقدرتهم على التميز والنجاح فى السنوات الدراسية المقبلة وفى حياتهم العملية. حول ذلك يقول د. أشرف جودة، استشارى العلوم السلوكية والعلاقات الأسرية: «يشعر بعض الأبناء بعد انتهاء عام دراسى طويل وشاق بالحاجة المُلحة إلى الراحة والنوم والامتناع عن ممارسة أى نشاطات، ولكن يُعد ذلك من أخطر ما يمكن على صحتهم النفسية، وقدرتهم على تجدد نشاطهم، وشحذ طاقتهم من جديد، ذلك إلى جانب حرمان أنفسهم من اكتساب مهارات وقدرات جديدة، تؤهلهم للاندماج فى المجتمع، والانخراط فى سوق العمل فيما بعد». ويضيف موضحًا: «علينا كأسر أن نتحاور مع أبنائنا، ونطرح عليهم سؤالاً أساسيًا وهو: «هل الإجازة للراحة والاسترخاء فقط؟، أسمع كما تسمعون معى العديد من أبنائنا الطلاب يقولون نعم الإجازة للراحة والاسترخاء، لكن علينا أن نقنعهم بأن ذلك ليس صحيحًا، وأنه من الضرورى أن يتمهلوا ويأخذون وقتهم فى الراحة كيفما يشاءون ثم ينطلقون إلى الحياة، لأن الاستغراق فى الراحة لن يجعلهم يشعرون بالتغيير، وهو أمر ضروري، فالطبيعة الإنسانية تحب التغيير وعدم السير على وتيرة واحدة».ويضيف د. جودة: «ومن هنا على الأبناء الاقتناع بأهمية استثمار الإجازة الصيفية والاستفادة منها بأقصى ما يمكن، دون أن نثقل على أنفسنا، وبما يحقق لنا المتعة والبهجة والسرور فى آن واحد». ونستطيع قضاء الإجازة الصيفية واقتناصها والاستفادة منها فى عدة أمور منها: ممارسة موهبة معينة سواء لعبة رياضية أو حب القراءة أو الرسم أو الشعر، عليّ أن تصقلها بالتدريب والممارسة. وهنا يبرز دور الآباء والأمهات فى اكتشاف الموهبة لدى الأبناء، لكن قبل تنميتها علينا أن نلفت انتباههم إلى الموهبة التى عندهم، ونحاول أن نجذبهم إليها. وعلى الأبناء الاقتناع بأن الإجازة فرصة لصقل وتنمية المواهب عبر التدريب المنتظم مثل ممارستها يومين فى الأسبوع، وإذا كانت الموهبة ليست رياضية، كالقراءة أو الرسم أو الشعر، على الآباء البحث عن المراكز الثقافية والفنية التى تقوم بتنمية هذه الموهبة لدى الصغار. وعلى الآباء والأمهات العمل على إسعاد أبنائهم والترويح عنهم، فننترك لهم الخيارات فى ذلك سواء الخروج للمتنزهات والنوادى ومدن الملاهى وغيرها مما يحقق السعادة لهم، أو قضاء أوقات دافئة مثل الخروج لتناول بعض الوجبات خارج المنزل والزيارات العائلية، والحرص على الخروج بالإجازة من الإطار الروتيني، فمن الممكن قضاء يوم عائلى رياضي، بحيث يمثل تجمعاً عائليًا وفى الوقت نفسه فيه متعة وسعادة. ومن الممكن تحفيز الأبناء لزيارة بعض المعالم السياحية، ولتنمية الحس الثقافى والتراثى والوطنى وروح الانتماء لديهم مثل المتاحف والأهرامات والقلعة والمدن التاريخية مثل الأقصر وأسوان وغيرها. ومن المهم كذلك تنمية مهارات الأبناء فى تعليم اللغات والتكنولوجيا الحديثة والتنمية البشرية عن طريق الالتحاق بالدورات المتخصصة. تنمية استقلالية الشخصية لأبنائنا الشباب وزرع الثقة فى نفوسهم وجعلهم قادرين على اتخاذ قرارات حياتهم بأنفسهم، بل وتنمية الاستقلالية المالية لديهم من خلال الاعتماد على النفس وذلك بتشجيعهم على العمل فى الإجازة الصيفية، وبذلك نكون قد استفدنا من الإجازة بشكل مثمر ومفيد ليعودوا إلى دراستهم مرة أخرى وهم أكثر نشاطًا وحماسًا.