كان «محمود» يظهر ليلا كالخُفاش ليفرض سيطرته على بسطاء القرى التى تجاور قريته بمركز كوم أمبو شمال مدينة أسوان، ثم ما إن يفرغ من مهمته حتى يعود للاختفاء نهارا ومن هنا اكتسب الشاب الشقى شهرته بلقب «سبع الليل» بعد أن تبدلت أحواله وتحول من إنسان وديع إلى آخر لا ينطق إلا بالشر. إلى الدنيا جاء محمود فى ليلة شتوية من عام 1993، حيث كانت عائلته كلها تترقب انتظار لحظة ميلاده بعد سنوات من العذاب النفسى لأبيه الذى رزقه الله بثلاثة من البنات، وفى الصعيد يعتبرون «خلفة» الولد شيء والبنات شيء آخر، ومع مولد الولد الوحيد وآخر العنقود أقيمت الأفراح وعزف المنشدون أجمل الألحان ابتهاجا بهذه المناسبة السعيدة التى عاش الأب على ذكراها سنوات وسنوات شهد فيها الطفل محمود تدليلا ما بعده تدليل، حيث كانت كل طلباته مجابة بلا تردد. ومع فترة الشباب ومرحلة المراهقة لم يكن محمود يعرف طريق الشر على الإطلاق وكان أقرب أصدقائه من أبناء عمومته، حتى نجح محمود فى أن يحصل بلا مشاكل أو أزمات على شهادة متوسطة وعقب نجاحه اصطدم بوفاة سنده وظهره فى الحياة ليجد نفسه مسئولا عن أسرة وهو فى ريعان شبابه. وبوفاة الأب تأثرت نفسية محمود وتبدلت أحواله وارتمى فى أحضان مجموعة من الأشرار خلقت منه مجرما محترفا يروع الآمنين من أجل المال الحرام ، حيث دبر ما يكفى لشراء سلاح نارى كان يتباهى به فى قريته مختالا فخورا، ومع شلة إبليس التى كان يلتقى بها ليلا فى جلسات الأنس و«الفرفشة»، مارس الشقى كل المحرمات ووضع نفسه على أعتاب مرحلة جديدة من مراحل عمره وهى الإتجار فى السموم البيضاء التى توسع فيها ونال صيتا؛ مما لفت انتباه رجال مباحث مركز كوم أمبو الذين وضعوه تحت الرقابة حتى سقط فى ثلاثة قضايا ألقت به خلف القضبان، وفى كل مرة كان يخرج ويعود وكأن شيئا لم يحدث.ولأنه أصبح مسجل خطر ومطلوبا دائما أمام جهات التحقيق، حرص محمود على أن يمارس جرائمه وترويجه للمخدرات فى جنح الليل، ومن هنا اكتسب لقب «سبع الليل » الذى كان كلمة السر فى تعامله مع المدمنين، حيث كان يقضى نهاره مختبئا داخل أحد البيوت البلدية الريفية بينما يخرج فى الظلام مسلحا ليسلم كل تاجر صغير حصته، ومن خلال مراجعة السجلات الجنائية للمسجلين ، وضع اللواء إبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية دائرة حمراء على «محمود» مشددا على ضرورة ضبطه ، خاصة وأنه فى سن صغيرة من الممكن أن يصبح بعدها عاتيا فى الإجرام. شكل المقدم صالح عبد الحليم رئيس مباحث مركز كوم أمبو فريق بحث من معاونيه لجمع المزيد من المعلومات عن محمود الذى تبين أنه يتأهب لاستلام كمية من البانجو لتوزيعها على عملائه، وبعرض التحريات على النيابة العامة لاستصدار قرار الضبط، أذنت النيابة لرجال المباحث بالتحرك، حيث تم تحديد ساعة الصفر لضبطه ، وبالفعل توجهت قوة أمنية أحاطت بالقرية وتمكنت من ضبطه وبحيازته البانجو وفرد خرطوش محلى الصنع عيار 12 ملليمترا.