سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا صَلَّى ثم دعا: «اللهُمَّ إنَّى أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَاَ إله إِلاَّ أَنْتِ المنَّانُ بَديعُ السَّماوات وَالأَرْض يَا ذَا الجلال وَالإكْرَام يَا حَيُّ يَا قّيُّومُ» فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ دَعَا اللهَ بِاسْمِه الْعَظيم الذى إذا دُعى به أجَابَ وإذَا سُئل به أعطي» (رواه أبو داود و الترمذي)، والمنان هو كثير العطاء عظيم المواهب مَنَّانٌ على عباده بإحسانه وإنعامه ورزقه إياهم، المنّ : العطاء دون طلب عوض وضح الله بعض منَّاته على رسله؛ «وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ» [الصافات:( 114، 115) ، - وقال تعالى عن يوسف معترفًا بمنَّة الله عليه: «أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِى قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ» [يوسف: 90 ومَنَّ اللهُ على عباده بنعم كثيرة، من أعظمها الدِّين الإسلاميّ الذى بعث به خاتم الأنبياء: «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُبِينٍ» [آل عمران: 164» - الهدايةُ منَّةٌ عظيمة؛ إذا أدرك المؤمنُ معانيها أدرك أنَّ المنَّةَ لله وحده فى كُلِّ ما أعطاه الله وأنعم عليه؛ حتى فى دخوله الجنة: «فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ» [الطور: 27] . - ومن كانت حاله كذلك فى حاجة دائمة لمنة الله عليه، حُرِّم عليه منازعةُ الله صفةَ المنَّان فى عطائه أو صدقته؛ فإن فعل فهذا الأمر يبطل مفعولَ صدقته ويبطل فرصته يوم القيامة فى نيل رحمة الله؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : «ثلاثةٌ لا يكلمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القيامة : المنانُ الذى لا يُعطى شيئًا إلا منَّهُ، والمنفقُ سلعتهُ بالحلف الفاجر، والمسْبلُ إزارهُ» رواة مسلم - قال بعضُهم : إذا أعطيتَ رجلاً شيئًا - أى أسديت له معروفًا - ورأيتَ أنَّ سلامك يثقل عليه، فكفَّ سلامَكَ عنه , وقيل : إذا اصطنعتم صنيعةً فانسوها، وإذا أُسديت إليكم صنيعة فلا تنسوها