السنوات فى حياة الأمم، هى السيرة الذاتية لإنجازاتها ومسيرة قيادتها، وما قدمته لشعوبها فى مختلف مجالات التنمية، وما يكتبه التاريخ مرهون بمعدل ما تنجزه الأنظمة قصرت فترات حكمها أم طالت. وإذا نظرنا إلى خطوات دولة 30 يونيو، فى السنوات الخمس التى قضاها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى سدة الحكم، يمكننا أن نرى خصوصية شديدة، وتفردًا غير معهود، منذ انطلاق شرارة ثورة الإنقاذ، وبزوغ نجم الدولة الطامحة العابرة إلى المستقبل بسرعة لا تطالها موجات الإحباط، ولا تثبيط الكارهين، وهذه الخصوصية يمكن استخلاصها من نقطتين: أولاهما: أن المتعارف عليه، أن الدول إذا ما بدأت فى العمل على الصعيد الداخلى لبناء نهضتها، ووضع بنية تحتية للمستقبل من خلال مشروعات طموحة فى جميع القطاعات التنموية، فإنها إذا نجحت فى ذلك، يكون ما تنجزه داخليا على حساب قوتها الفاعلة فى محيطها الإقليمى والدولى، وخصمًا من دورها وتوجهاتها وعلاقاتها الخارجية، وهناك تجارب عديدة لدول كبيرة، أجبرتها ظروف مرت بها كالحرب أو غيرها، على التركيز على الأوضاع الداخلية أولا، ثم بعد ذلك تتجه بعد سنوات للشأن الخارجى. ثانيتهما: بالمثل، فإن الدولة إذا ما أجبرتها الظروف على توجيه دفة العمل إلى الشأن الخارجى أولا، فإن ذلك حتما يكون على حساب مصلحة مواطنيها ومتطلبات التنمية والرخاء لشعوبها، وأثبتت الأحداث فى المنطقة المحيطة بنا أن الدول التى اتجهت خارجيا أخفقت على المستوى الداخلى، ولم تحقق ما تصبو إليه وما تتطلع إليه شعوبها. لكن بالنظر إلى دولة 30 يونيو، فى حقبة السنوات الخمس الماضية، سنقف طويلا أمام هذه التجربة شديدة الخصوصية والإلهام والإعجاز، فلأول مرة فى تاريخنا المعاصر، يحقق الرئيس عبدالفتاح السيسى المعادلة الصعبة، التى لا أبالغ إن وصفتها ب«المعادلة المستحيلة»، ما بين دولة قوية خارجيا، بما لا يدع مجالا للشك، ولا تخطئه عين، وبين دولة أحدثت معجزات تنموية، ونفذت حزمة من المشروعات القومية العملاقة فى مختلف المجالات والقطاعات، هذه المعادلة التى يمكن فهم دلالاتها فى الآتى: على الصعيد الإفريقى، فإن دولة 30 يونيو استطاعت أن تضع مصر فى مكانتها الطبيعية الرائدة فى القارة الإفريقية، كعمق طبيعى، وبعد إستراتيجى للدولة المصرية، ناله من الإهمال والتهميش ما نال ملفات كثيرة وحيوية فى السابق. فى المحيط العربى، نجحت مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة، فى أن تكون بحق «بيت العرب»، وتجمع حولها الأشقاء، وتنتصر لسيادة الدولة الوطنية، وحق الشعوب العربية فى تقرير مصيرها، وها هى مصر فى المحافل الدولية، وفى كل لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى، تضع القضية الفلسطينية، ومصالح اليمن وسوريا والعراق وليبيا والسودان، على قائمة أولوياتها، بما يكفل الحفاظ على وحدة أراضى تلك الدول، وتحقيق مصالح شعوبها. فى سياستها مع القوى الكبرى، حققت مصر فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى علاقات دولية متوازنة، مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبى، تقوم على التعاون والتكامل لا التبعية، وتستهدف مصلحة مصر أولا دون الانصياع أو الانحياز إلى معسكرات أو تجاذبات. ألهمت مصر العالم بتجربتها المتميزة فى مواجهة الإرهاب وفضح من يمولونه، وانتبه العالم إلى ذلك، فصارت تجربتنا ملهمة، ونجاحنا يحتذى به فى هذا الملف المهم. فى ظل ذلك كله، كانت قاطرة التنمية تشق القطر المصرى بمشروعات واعدة فى جميع القطاعات: الطاقة والزراعة والصناعة والاستزراع السمكى والطرق والكبارى ومحاور التنمية التى رسمت خريطة جديدة لمستقبل هذا الوطن العظيم، وصارت حديث العالم ومؤسساته الكبرى، فى ظل برنامج إصلاح طموح، أنقذ الاقتصاد من كارثة، وقدم له، بفضل القيادة الحكيمة والإدارة الرشيدة، طوق نجاة. باختصار، أقول وبكل صدق: إننى على يقين تام، بأن تلك المعادلة الصعبة بين نهضة الداخل وقوة الخارج، لم تتحقق إلا بجهود غير عادية وسياسات غير تقليدية فى السنوات الخمس التى تولى فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى قيادة سفينة الوطن، التى تبحر بكل ثقة وأمان لا تنال منها رياح، ولا توقفها أمواج، ما دام فى هذا الوطن قائد حكيم، وشعب واثق فى قيادته. كل عام ومصر بخير، وتجربتها ملهمة لكل من أراد أن يبنى وطنا فى الداخل، يحترمه العالم فى الخارج.. وتحيا مصر.