الاستغفار أيضا يطرد الشيطان و يرد للقلب أساريره ويعيد النور للوجوه العابسة ويخلص البال من الهم والفكر ومن المعلوم أن المعاصى تحول بين الإنسان وبين ربه وبين الخير ولم يهلك الأمم السابقة إلا المعاصى وعدم الاستغفار وإبليس لم يخرج من الجنة إلا بالمعصية وعندما اذنب ادم وعصى ربه تاب واستغفر فتاب الله عليه قال تعالى "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وقوله تعالى ايضا : {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [وقوله تعالي: {نَبِّئْ عِبَادِى أَنِّى أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} وينادى الله على عباده ويحثهم سبحانه على سؤاله المغفرة لذنوبهم كما فى الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِى أَغْفِرْ لَكُمْ وحول فضل الاستغفار و أهمية للإنسان فى كل وقت وخاصة فى رمضان فى البداية يقول الدكتور محمد شلبى كبير مفتشى الأوقاف أن الاستغفار فضيلة من الفضائل التى حث عليها الاسلام وهو يقرب العبد من ربه ويكون سببا فى نزول الغيث وزيادة الرزق وانجاب الولد وكشف الكرب والهموم لقولة تعالى « فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) وهذه الفضيلة حث عليها كل الانبياء أقوامهم فهاهو سيدنا هود عليه السلام يقول لقومه مبينا لهم أن الاستغفار يزيد الانسان قوة فى البدن وينزل الغيث ويزيد فى الاموال لقوله تعالى “على لسان هود “ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين)كما بين صالح عليه السلام ايضا لقومه أن بالاستغفار والتوبة يكون العبد قريبا من ربه. و أضاف بأن الله يجيبدعوة العبد المستغفر قال تعالى « وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ مُجِيبٌ» وهاهو شعيب يبين لقومه بالاستغفار يكون العبد فى ودوديتة ربه ورحمته لقوله تعالى «استغفروا ربكم ثم توبوا اليه إن ربى رحيم ودود وها هو سيدنا محمد سيد البشر صلى الله عليه وسلم يأمر أمته بالاستغفار ويبين لهم فضله فى قوله » منْ لَزِم الاسْتِغْفَار، جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجًا، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ”ورغم أن تعالى قد غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر إلا ان الله أمره بان يداوم على الاستغفار لقوله واستغفروا الله ان الله كان غفورا رحيما « فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَ?هَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِوَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ» وإذا كنا مأمورين بالاستغفار على الدوام . فإن الانسان فى رمضان الواجب عليه ان يستغفر كل لحظة لأن هناك صفات طيبة حث عليها النبى صلى الله عليه وسلم “ فاستكثروا فيه من أربع خصال : خصلتين ترضون بهما ربكم ، وخصلتين لا غنى بكم عنهما: فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم : فشهادة أن لا إله إلا الله ، وتستغفرونه ، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما : فتسألون الله الجنة ، وتعوذون به من النار “ ولما كان النبى صلى الله عليه وسلم فى القوم وعد الله بأنه لا يعذبهم لقوله تعالى « : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ». والنبى صلى الله عليه وسلم حض أمته على الاستغفار والمداومة عليه وحذر من ترك الاستغفار لقوله صلى الله عليه وسلم والذى نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم وكان بعض الصحابة اذا اذنب ذنبا اتى النبى فذكر ذنبه وعندما فيأمره النبى بالاستغفار ثم يستغفر له الرسول فيغفر له الله لقوله تعالى وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا “ وقد ورد ان رجلا اتى إلى قبر النبى صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله كنا نأتيك وانت حى ونذكر لك ذنوبنا فتأمرنا بالاستغفار وتستغفر لنا فيغفر الله لنا والأن انت انتقلت إلى رحمة الله ولا املك إلا هذين البيتين وقال :يا خير من دُفِنَتْ بالقاع أعْظُمُهُ...... فطاب من طيبهن القاع والأكم ، وروحى فداء لقبر أنت ساكنه.... فيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم انصرف الرجل وكان رجل جالس عند قبر النبى صلى الله عليه وسمل فاخذته سنة من النوم فجاءه رسول الله وقال يا هذا ألحق بالاعرابى وقل له إن الله قد غفر له – وليعلم الجميع أن الله هو الذى يملك المغفرة ومن يستغفر يغفر الله له قال تعالى « : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون » ولما أكل أدم عليه السلام وزوجه من الشجرة وعاتبهما ربهما : قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» وقال يعلمنا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم سيد الاستغفار فقال « اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت خلقتنى وأنا عبدك وأنا على عهدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذ نبى فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ويشير شلبى إلى انه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار ويضيف الشيخ رضا حشاد من علماء الأوقاف ما سمى رمضان بهذا الاسم لأنه يرمد الذنوب أى يحرقها وهذا من كثرة أفعال الخير من صلاة وزكاة وذكر تسبيح واستغفار ولما سئل أحد الحكماء قال عليكم بالاستغفار ومن المعروف ان الثوب لوكانت به قذارة لا نطيبه قبل غسله فالغسل هو الاستغفار والعبادات هى التطيب ومن هنا قال العلماء التخلية قبل التحلية وإذا نظرنا إلى جميع العبادات التى شرعها الله تعالى لوجدنا أنها تشتمل على تطهير للنفس والروح والجسد وقد جمع الله فى الصيام هذين الأمرين وجعل جميع العبادات تدفع إلى الطهارتين الحسية والمعنوية على سبيل المثال الصلاة فيها وضوء وهو طهارة حسية لإزالة الدرن والوسخ وطهارة معنوية لتأثيرها على الروح لما ورد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا» وقال أن الزكاة شرعها الله تعالى للطهارة ايضا قال تعالى “ : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” فالطهارة للصفات المشينة كالبخل والأنانية وكذلك أيضا للأخذ طهاة له من الحقد والحسد والتزكية ترقية وبها : أَنَّ النَّبِيَّ ? قَالَ: إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِtترفع الدرجات والصوم أيضا لما ورد أن أَبِى هُرَيْرَةَ روى« فالصوم فيه ابتعاد عن الشهوة والطعام والشراب وبسببها ترتكب الجرائم فلا يعقل ان يبتعد عن الطعام والشراب ثم يخرج الفاظا لا تتناسب مع الصيام ولا يعقل ان يترك المباح ويرتكب الأشياء المحرمة كالغيبة والنميمة لقوله تعالى “لعلكم تتقون” وهذه الطهارة اذا لزمها العبد وأحبها فلوغفل ووقع فى المعصية وهو يعلم علم اليقين لابد من أن يطهر نفسه ليزكوا بروحه وجسده وأن من اعتاد الطهارة وأحبها كان من أهلها حتى لو ابتعد عنها فترة وغلبته المعاصى . وأضاف بأن معنى أن الله تعالى يقره على التطهرtعن أبى هريرةقال تعالى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاوَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ” وقوله صلى الله عليه وسلم : فمن طبيعة الإنسان الوقوع فى الخطأ والذنب، كما فى الحديث” كل بنى آدم خطاء، وخير الخطّائين التوابون” فكلما كان ملازما للاستغفار والتوبة والتطهير حتى لو تلطخ بالوسخ أى المعصية علم أن لها إزاله وكون التطهير لها فالعبد الصالح لايستطيع العيش ولا أن ينام إلا وقد طهر نفسه من الاوساخ لأنه اعتاد التطهر “ فقد ورد فى فضل التوبة والاستغفار قول النبى صلى الله عليه وسلم : قال الشيطان لرب العزة ( وعزتك يا رب لا أغوينهم ما دامت أرواحهم فى أجسادهم فقال الرب وعزتى وجلالى لا أزال أغفر لهم ما استغفروني»