يبحث الكثيرون في رمضان, وأحيانا في ليال صافية أخري, عن فن تملأه الروحانيات الخالصة, وفي تلك اللحظة يكون الأقرب للذهن هو الفن الصوفي الرفيع, الذي هو جزء من الثقافة المصرية. ويوجد في مصر أكثر من فرقة للغناء الصوفي منها فرقة دراويش أبو الغيط من القليوبية وهي فرقة صوفية تقدم الأداء الغنائي والحركي والمختلط بفن الزار. وتتفق مع الجو الروحاني الذي تقدمه الفرقة قصة انشائها, ومن أين جاءتها التسمية, اذ يذكر أن أبو الغيط كانت قديما جزيرة فيها ملكة تدعي أنجا هانم تستخدم الناس بالاكراه في وسيتها الخاصة, ولم يرض هذا يوما الشيخ حسن عبيد الذي عرف فيما بعد ب الشيخ حسن الغيطاني والكائن قبره ومقامه الي الآن في قرية أبو الغيط بمحافظة القليوبية وسمي بهذا الاسم لملازمته الغيطان يسقي الفلاحين المأجورين, والمقهورين لدي الملكة, وكذلك لتعبده لربه في الغيطان. وتؤكد القصة المتداولة أنه ذات ليلة كان الشيخ حسن أبو الغيط يتلو القرآن كعادته, ووجد سيدة غريقة في المياه المحيطة بالغيط, فقام بدفنها بعناية بالغة وصلي عليها وأبي الانصراف الا نهارا وخوفا عليها, فغلبه النوم وهو راقد علي قبرها فاذا بالقطب مرسال ربه يأتيه ويبشره بالعناية والولاية, وأصبح الشيخ الولي حسن أبو الغيط وتعلم النفخ في الصفارة, وأخذ ينشد وتجمع حوله مريدوه ودراويشه الذين كانوا يحظون بكرامات الشيخ كدوران طاحون القمح من غير شيء! وتؤكد القصة التي تتناول سيرة الشيخ أبو الغيط ايضا ان الملكة حاولت ايذاءه وسجنه أكثر من مرة, لكن ربه أنقذه كل مرة, وزاد مريدوه ومحبوه, وتوفي الشيخ سنة1830 تقريبا, وخلفه الشيخ عطا الله أبو الغيط ابنه الذي ازدادت به رقعة المحبين والمريديدن والدراويش وذاع صيته في احياء ليالي الذكر في ربوع مصر آنذاك. وفي نقطة تحول بالنسبة ل محمد مرجان ولد سنة1850 تقريبا والذي كان فتوة لاتقام الليالي والأفراح الا بموافقته بعد دفع الاتاوة طبعا, وذلك في منطقة عرب المحمدي المكتظة بالسودانيين والحبش والتي ازدهرت فيهم فنون الزار السوداني والمصري تصادف وجود الشيخ عطا الله أبو الغيط فيها لاحياء احدي الليالي فدعا له بالهداية ومنذ ذلك الحين لم يخالفه رفيقه ابدا وأسند اليه الشيخ أمر الدراويش كنائب له ثم تولي أمرهم بمفرده بعد وفاة الشيخعطا الله أبو الغيط المدفون بجوار والده الشيخ حسن أبو الغيط في نفس المقام. وتعلم مرجان الصفارة, ولأنه من عرب المحمدي أصلا, ومن أبو الغيط سكنا, فكان همزة الوصل بين المنطقتين وخصوصا في تبادل الأهل والأصحاب المحملين بفنون الزار السوداني والمصري. وتوفي محمد مرجان وخلف ذرية تذهب الي عرب المحمدي لمقابلة الأهل والأعمام هناك, ومع زيادة التنقل والاختلاط اندمج فن الزار الذي يقدم في عرب المحمدي مع مايقدمه دراويش أبو الغيط الذين لم يخلفوا عهدا وبعد وفاة الشيخين, وكذلك محمد مرجان بل استمروا في احياء الليالي عند مريديهم, ونتج عن دخول واندماج فنون الزار المختلفة مع مايقدهه الدراويش من فن يختلف جوهريا عما يقدمه الزار حيث ان دراويش أبو الغيط يقدمون المديح الخاص بالأولياء والصالحين وكانت بداية التدخل سنة5491 تقريبا نوعا جديدا من الزار لايؤمن بالأسياد انما يعمل كعلاج نفسي وعصبي للمريدين وفقا لما يؤكده أعضاء الفرقة.