كما عرفه زعماء القارة الإفريقية, وأعجبوا به كزعيم كبير يقود بلاده بنجاح منقطع النظير نحو مستقبل آمن, وكما عهدوه يسابق الزمن من أجل العمل والإنجاز, ما كاد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الاتحاد الإفريقي يتسلم الرئاسة, حتي بدأ العمل الفوري من أجل تحقيق أهدافه وفكره, وقيادة القارة السمراء إلي التنمية, التي هي طريقها الوحيد للخروج من النفق المظلم, والتصدي لكل الأزمات التي تعصف بها وتجرها للخلف. وجاء اليوم الثاني والأخير من القمة الإفريقية حافلا بالنشاط تحت قيادة الرئيس السيسي, وشهد جلسات عمل مغلقة, تناولت التباحث بشأن عدد من التقارير المقدمة من رؤساء الدول والحكومات الأفارقة, لإطلاع الاتحاد علي آخر المستجدات في الموضوعات ذات الاهتمام للقارة الإفريقية, ومن أهمها موضوعات تغير المناخ, وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة من خلال أجندة إفريقيا2063, والاندماج السياسي القاري, ومكافحة الفساد, ومعالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية, وتطوير كل جوانب قطاع الصحة, ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. ووضع الرئيس أسس العمل في المرحلة المقبلة باعتماد عدد من الصكوك والآليات القانونية التابعة للاتحاد الإفريقي, وهي معاهدة إنشاء الوكالة الإفريقية للأدوية, والنظام الأساسي للجنة الإفريقية للسمعيات والبصريات والسينما, والنظام الأساسي لإنشاء المعهد الإفريقي الدولي لتعليم النساء والفتيات في إفريقيا, وسياسة الاتحاد الإفريقي للعدالة الانتقالية, واعتماد عدد من التعيينات في بعض لجان وأجهزة الاتحاد الإفريقي, وهي لجنة الاتحاد الإفريقي للقانون الدولي, واللجنة الإفريقية للخبراء حول حقوق الطفل ورفاهيته, ومجلس الاتحاد الإفريقي الاستشاري لمكافحة الفساد, ومجلس السلم والأمن, وتعيين خمسة أعضاء في لجنة الشخصيات الإفريقية البارزة المعنية بتقييم المرشحين لمناصب المفوضين. وتولي الرئيس السيسي من اللحظة الأولي ريادة موضوع إعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات بالاتحاد الإفريقي, في إطار العمل علي ترسيخ مبدأ الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية للحيلولة دون انتكاس بؤر النزاعات بالقارة, وربط تحقيق الاستقرار والسلام بالتنمية بما يراعي خصوصية دول القارة ويحمي حقها في الملكية الوطنية لمسار إعادة الإعمار والتنمية بها. وخلال يومين فقط من العمل المكثف, حقق الرئيس نجاحا ملموسا يضاف إلي سجل العمل الإفريقي المشترك, بالتوافق حول أولويات التحرك خلال عام2019, وفي مقدمتها دفع مسيرة الاندماج القاري, والعمل علي الإسراع بتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية, وأهمية استكمال المنظومة الاقتصادية القارية من خلال تطوير البنية الأساسية بالقارة الإفريقية, والاهتمام ببرامج ومشروعات إعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات. وأبهر الرئيس السيسي الزعماء الأفارقة برؤيته العميقة, وخطته الواسعة للإصلاح في عام2019, خلال كلمته في الجلسة الختامية لمؤتمر القمة الاثنين والثلاثين للاتحاد الإفريقي, بقوله: سيشهد العام الجاري استمرار الجهود المبذولة لإصلاح اتحادنا, في إطار عملية إصلاح عميقة ودقيقة, تقودها وتمتلكها الدول الأعضاء, تفرز اتحادا أكثر قوة, ومفوضية أكثر كفاءة, بما يمكننا من تحقيق آمال وتطلعات الشعوب الإفريقية, وسنعمل أيضا علي تعزيز أسس التنمية المستدامة بما يطور من إمكانات مجتمعاتنا, ويوفر المزيد من فرص العمل لشبابنا, ويمهد الطريق نحو إفريقيا المزدهرة القوية, معتمدين في ذلك علي علاج جذور الأزمات التي تعاني منها القارة, ومسلطين جهودنا علي حل أزمات النازحين والمهاجرين واللاجئين بشكل شامل وجذري, تتكاتف فيه جهود الدعم الإنساني العاجلة مع خطط بناء السلام وإعادة الإعمار, وكذا مساعي تعميق التنمية ووصول عائداتها لكل ربوع القارة بشكل عادل. وكشف الرئيس عن إستراتيجية عميقة للتعامل مع قضايا القارة قائلا: سنعكف معا علي تعميق أواصر التعاون مع الشركاء الدوليين من منظمات دولية وتجمعات إقليمية وتكتلات اقتصادية ومؤسسات التمويل ودول فاعلة علي الساحة الدولية, للعمل علي تعزيز قدرات القارة الصناعية, وتطوير منظومة الاقتصاد الإفريقي, وتنويع مصادر الطاقة, والعمل سويا علي الحد من الآثار الضارة لظاهرة تغير المناخ, لتتضافر الجهود في إطار من المصلحة المشتركة لتحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة2030, وأهداف أجندة2063 الإفريقية, بما يعزز من صون السلم والأمن الدوليين. ودق الرئيس أجراس الخطر الذي يحيق بالقارة, فقال للمجتمعين: حان الوقت لنتخذ خطوات أكثر فاعلية لإشراك القطاع الخاص الإفريقي معنا في تنفيذ خطط وبرامج الاتحاد التنموية بمختلف المجالات, لا سيما وأن القارة الإفريقية واعدة ومليئة بالفرص, كما أن أبناء إفريقيا المستثمرين يتطلعون للإسهام في بناء مستقبل قارتهم. وحرص الرئيس السيسي, كعادته, علي أن ينسب الفضل لأصحابه, ويثمن أدوار من عمل وأعطي وأنجز, فقال, بكل تواضع, في ختام كلمته: أود أن أعرب عن تقديري لكل العاملين بمفوضية الاتحاد الإفريقي, بدءا من أصغر الموظفين, مرورا بالسيدات والسادة المفوضين, ووصولا للسيد رئيس المفوضية, لما يبذلونه من جهود دءوبة ومستمرة, وبالأخص في الإعداد لأعمال القمة السنوية, متطلعا للتعاون معهم خلال الفترة المقبلة لتعزيز العمل الإفريقي المشترك, وإنجاز ما وجهت به اجتماعات القمة من خطط وبرامج, هادفين إلي تحقيق آمال وتطلعات الشعوب نحو إفريقيا التي نحلم بها, نامية مزدهرة مستقرة. وفي المؤتمر الصحفي بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي صارح الرئيس السيسي الجميع بأوضاع القارة فقال: لا تزال قارتنا تواجه العديد من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية, التي تهدد ما تحقق من إنجازات, وتستدعي المزيد من التضامن والوحدة والعمل المشترك.. سيكون عامنا الجاري هو أول الأعوام التي لم تشهد عقد قمة صيفية, وسيستعاض عنها باجتماع تنسيقي علي مستوي القمة بين ترويكا إدارة الاتحاد ورؤساء التجمعات الإقليمية الاقتصادية في العاصمة نيامي بدولة النيجر. وفي نهاية يوم تاريخي للقارة الإفريقية, اعتمد قادة ورؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي العديد من التوصيات, وفي مقدمتها الإسراع بالجهود الرامية إلي عقد مؤتمر دولي في أديس أبابا خلال عام2019 حول المصالحة في ليبيا تحت رعاية الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة, وأكد القادة مجددا التزامهم بالسلام والاستقرار في جزر القمر, وأثنوا علي الحكومة الاتحادية الصومالية للتقدم المستمر المحرز في تنفيذ خطة الانتقال الصومالية, وأشادوا ببعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال أميسوم لدورها الحاسم في إضعاف قدرات حركة الشباب وغيرها من الجماعات الإرهابية في الصومال. وأعرب رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في قراراتهم الصادرة في ختام أعمال قمتهم برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي, عن تشجيعهم جميع المعنيين بالكونغو علي الحفاظ علي مصالح بلادهم العليا ووضعها فوق جميع الاعتبارات والعمل معا, وحثوا أصحاب المصلحة في إفريقيا الوسطي علي وضع مصالح بلادهم فوق جميع الاعتبارات والتمسك بالتزامهم والعمل معا, بحسن نية, في تنفيذ الاتفاق. وأكد قادة ورؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي, من جديد, تصميمهم علي تعزيز الجهود الرامية إلي اتخاذ إجراءات أفضل وأكثر فعالية لمنع نشوب الصراعات في إفريقيا, ودعوا, في هذا الصدد, الدول الأعضاء إلي الاستفادة الكاملة من أدوات منع النزاعات الهيكلية التي طورتها اللجنة, وأعربوا عن قلقهم العميق إزاء تزايد الهجمات الإرهابية في أجزاء من القارة, وكرروا إدانتهم لجميع أعمال الإرهاب المرتكبة في القارة وأينما كانت, وأكدوا عزم الاتحاد الإفريقي علي تخليص القارة من ويلات الإرهاب والتطرف العنيف, الذي لا يمكن تبريره تحت أي ظرف من الظروف.