تملك دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرصة كبيرة لدفع عجلة النمو الاقتصادي عن طريق تطوير قطاع تكنولوجيا حيوي ومبتكر, إلا انها لم تستفد بعد بشكل كامل من هذه الفرصة. فهي تتمتع بمكاسب الفاعلية التي تتأتي عن استخدام منتجات وخدمات تدخل في إطار قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات, لكنها تبقي حتي الآن مستخدمة ومستوردة للتكنولوجيا. وبمرور الوقت, تكتسب الاقتصادات التي تملك قطاع تكنولوجيا معلومات واتصالات قوية ميزة تنافسية كبيرة, إذ تصبح أكثر ابتكارا وتجديدا في كل قطاعات اقتصاداتها, وبالتالي اكثر استعدادا لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. وكشفت دراسة اقتصادية حديثة لبوز اند كومبني انه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هناك خمسة عناصر أساسية لتعزيز قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصلات وتشجيع الابتكار, وهي تحديد مجالات التركيز الرئيسية, ووضع سياسات وأنظمة مواتية للابتكار, وتوفير التمويل بشكل اكبر, وتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات, وتطوير المواهب المحلية. والواقع أن هذه العناصر مترابطة وتتطلب اعتماد نهج شمولي يجري تطبيقه بمشاركة الجهات الفاعلة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من القطاع الخاص. وستكون النتيجة النهائية لذلك بيئة مؤاتية للابتكار والتجديد, ليس في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فحسب بل في الاقتصاد ككل. واشارت الدراسة إلي أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات غير من ملامح المجتمعات والاقتصادات علي مدي العقد الماضي في مختلف أنحاء العالم بفضل التدفق مستمر من المنتجات والتكنولوجيات المبتكرة الجديدة, ومن الجلي أن دورة حياة المنتجات في هذا القطاع صارت قصيرة إلي درجة أن شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عليها أن تبتكر لتتمكن من المنافسة, وقد أثمرت الوتيرة السريعة للابتكار عن نمو هائل ليس للشركات العاملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فحسب بل في قطاعات أخري أيضا. وتفيد الدراسة بأن تكنولوجيا المعلومات الجديدة غيرت الطريقة التي يتفاعل بها الناس, وأضافت ذكاء صناعيا إلي البني التحتية الأساسية, مثل النقل والمرافق العامة, وحفزت علي الابتكار علي نطاق واسع علي مستوي الاقتصادات الوطنية. وكنتيجة لذلك, تدرك الحكومات الآن أن الابتكار في منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يملك تأثيرا مضاعفا, ويدفع نمو الانتاجية والأداء الاقتصادي قدما علي مستوي البلاد ككل. واوضحت الدراسة أن هذه العوامل جعلت حكومات الدول المتقدمة والناشئة علي حد سواء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أولوية في برامجها. ومن المبادرات الحديثة في هذا السياق, الأجندة الرقمية للاتحاد الأوروبي, وخريطة الطريق الاستراتيجية الماليزية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات, وخطة ألمانيا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات2020 بحوث الابتكار, والاستراتيجية الأمريكية للابتكار. وترمي هذه البرامج إلي إنشاء بيئة وطنية قادرة علي تعزيز الابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات علي كل المستويات, عبر أجندة شاملة ومنسقة من السياسات الحكومية في هذا الشأن. واكدت انه من أجل فهم أفضل السبل لتعزيز الابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, لابد من فهم جذور هذا الابتكار. ويقول بهجت الدرويش الشريك في بوز أند كومباني: يمكن أن يقود الابتكار داخل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلي الابتكار في قطاعات أخري من الاقتصاد الوطني مما يجعل الأخير أكثر تنافسية. وتملك بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرصة لتطوير ثقافة ابتكار قوية لقطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فيها من خلال رعاية مشاريع التكنولوجيا الجديدة, ووضع سياسات وتنظيمات مواتية للأعمال في مجالات معينة, وتخصيص نسبة أكبر من الناتج المحلي الاجمالي للأبحاث والتطوير. ويمكن ان يكون لغياب الابتكار بوجه عام أثر سلبي كبير علي القدرة التنافسية للمنطقة علي المدي الطويل. واللافت أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي مستورد صاف لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات, فشركات المنطقة تشتري منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتعزيز الكفاءة, إلا إن الاقتصادات الوطنية لا تجني المكاسب التي تأتي من قطاع محلي حيوي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولتحقيق هذه الغاية, علي الحكومات في بلدان المنطقة أن تعتمد نهجا شموليا يعالج خمس مسائل أساسية, واضعة نصب أعينها هدفا بعيد المدي هو إنشاء بيئة ابتكارية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.