حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمار الشريعي‏:‏ لا أريد أن أفقد عذرية 63‏ عاما بالطلاق أو الخلع
نشر في الأهرام المسائي يوم 30 - 07 - 2011

من غيره يستطيع أن يرسم بسمة لا تغيب عن الشفاه‏,‏ بينما يتحدث عن أخطر الأمور وأعقدها؟ انه عمار الشريعي بقسمات وجهه الطفولية وروحه المتفائلة.
‏ حتي لو نطق لسانه بغير ذلك‏,‏ سألت نفسي طوال الطريق‏:‏ تري من سأقابل اليوم‏..‏ عمار الشريعي الإنسان ذا الرؤية الثاقبة والنظرة المحللة والمفسرة للأحداث؟ أم عمار الفنان والموسيقار الذي يعد أهم أبناء جيله في مصر والعالم العربي؟ وفي النهاية قررت أن أقابل الاثنين معا في حوار استمر لأكثر من ساعتين منحني فيها أجوبة لا تخلو من صراحة وجرأة وكثير من الطرافة‏,‏ سألته بعد أن لاحظت فقدانه لكثير من وزنه‏:‏
‏*‏ قبل كل شيء نريد الاطمئنان علي صحتك؟
‏**‏ الحمد لله عدت من رحلة علاجية في الخارج بعد أن أصبت بجلطة ومازلت أخضع للعلاج استعدادا للسفر بعد انتهاء شهر رمضان الكريم إلي لندن لإجراء عملية تقفيل الصمام الميترالي‏,‏ وقد أصبت بفقدان الشهية نتيجة للمرض وخسرت خمسة عشر كيلو جراما من وزني دون أرادتي لكنني سعدت بهذه الخسارة التي حسنت صحتي‏,‏ فقررت الحفاظ علي وزني هكذا حتي أريح قلبي‏.‏
‏*‏ عمار الشريعي تحول فجأة إلي رجل سياسة‏..‏ كيف حدث ذلك؟
‏**‏ أنا لست رجل سياسة وعمري ما تعايشت معها أو تعاطيتها‏,‏ كنت أشعر أنها مش بتاعتي لكن الذي حدث كان دفقة شعورية في صدري وشعرت أنني لو لم أخرجها سأموت فقلت أطلعها أحسن كنت أراقب الأحداث وأشعر أنني سأجن فقررت أن أرفع السماعة وأجريت المداخلة مع مني الشاذلي ومن هنا كانت البداية إذ علمت أن شباب التحرير قد أذاعوها في الميدان بمكبرات الصوت ثم بدأوا في الاتصال بي وأخبروني أن لديهم أشرطة عليها تعريف بأنفسهم وبمطالبهم يريدون إذاعتها‏.‏
‏*‏ هل اتصلوا بك لمجرد مساعدتهم علي توصيل صوتهم وإذاعة الأشرطة؟
‏**‏ لا‏,‏ لقد شعروا بصدق مداخلتي وأرادوا مساندتي لهم كصديق وكانوا يدعونني ب اباوعمو أستاذ وفجأت شعرت أنني واحد منهم وأنني لن اتخلي عنهم أبدا وقلت لنفسي‏:‏ عيب اختشي هؤلاء الشباب أشجع منك ولا يخافون الموت وقررت أن أخلع رداء الخوف الذي ارتديته طوال سنوات عمري وألا ارتديه ثانية أبدا مهما كانت الظروف واعترفت لنفسي بأنني كنت جبانا مثل معظم أبناء جيلي الذي تربوا علي الخوف حتي جاء هؤلاء الشباب وحررونا‏.‏
‏*‏ ما الذي ملأك بكل هذا الخوف وأنت الذي عشت طوال عمرك بعيدا عن السياسة؟
‏**‏ حادث وقع لي أيام عبد الناصر‏,‏ كنت شابا صغيرا ولم تكن لي ميول سياسية والأغرب أنني كنت أحب عبد الناصر‏,‏ وفي أحد الأيام كنت عائدا من الكلية بصحبة صديقة وفجأة سمعت أصواتا عالية وهرجا ومرجا وشعرت بالناس يجرون من حولي فجريت دون أن أفهم شيئا وأنا أشعر بالرعب وفجأة تلقيت ضربة علي ظهري من فرد أمن مركزي شعرت بصوتها يخترق أذني مثل عصا المنجد وتحسست ظهري فوجدت ورما بحجم البطيخة كان عمار يضحك وهو يروي القصة المؤلمة بتشبيهاته البديعة وعدت إلي أمي التي لطمت عندما رأتني ومن يومها قررت ألا يكون لي دخل بأي شيء وسرت بمبدأ يا حيط داريني‏.‏
‏*‏ موقف وحيد وقع بالمصادفة يجعلك تعيش بكل هذا الخوف الذي تحدثت عنه؟
‏**‏ تلاه موقف آخر أيام السادات عندما انتشر تسجيل صوتي شهير يقلد فيه أحد الأشخاص صوت السادات ولأنني وقتها كنت مشهورا بتقليده فقد اعتقدت الجهات الأمنية أنني صاحب التسجيل فذهبوا إلي بيت والدتي بالإسكندرية وقاموا بتهديدها وكنت وقتها في لبنان وظنت أمي أنني في المعتقل ولم تر النوم لمدة شهر ونصف الشهر حتي عدت من لبنان ولم تصدق أنني لم أكن في المعتقل إلا بعد أن حلفت علي المصحف وعزز هذا الموقف الخوف بداخلي ودعم قراري بالابتعاد عن كل ما هو سياسة‏.‏
‏*‏ نعود إلي شباب الثورة‏..‏ ماذا فعلت من أجلهم بعد تعاطفك معهم؟
‏**‏ طلبت من التليفزيون المصري إذاعة شرائطهم فرفض فعرضتها علي ال بي بي سي فوافقوا علي عرضها لكن الشرائط كانت مسجلة بطريقة لا تصلح للإذاعة وحاولت مني الشاذلي تحويلها لعرضها علي دريم لكن فشلت محاولة نقلها علي شرائط صالحة وكانت علاقتي بعدد من شباب التحرير قد توطدت وشعرت أنني أصبحت جزءا من عالمهم وأصبحوا كل عالمي‏.‏
‏*‏ مع ذلك قيل إنك من صنع لمبارك اخترناك ثم وجهت له نداء ورجاء بالتنحي ثم أصبحت من ثوار التحرير‏..‏ لماذا هذه التحولات في موقفك؟
‏**‏ هذا صحيح وقد تغيرت مواقفي تجاه مبارك لتغير مشاعري نحوه نتيجة لتغير الأحداث‏,‏ فأنا أول مرة تكلمت فيها كانت يوم‏30‏ يناير وكان كلام شخص محب وليس كارها لكنه يري مشاكل منها أن مبارك كان متباطئا كعادته في الاستجابة وقلت له لماذا الحذلقة؟ وكنت حتي تلك اللحظة أريده أن يرحل بسلام لكن يوم الاربعاء الذي حدثت فيه موقعة الجمل وسالت فيه الدماء تحولت من محب إلي قافل وقافش وكاره وكل ما يمكنك قوله من ألفاظ ومعان‏,‏ فقد حدث بيني وبينه انفصال تام وأدركنت أنه لم تعد هناك سكة اصلاح مادامت دماء الأولاد الذين علمونا الشجاعة قد سالت ثم تلا ذلك خطابه المتأخر والمتعالي وبرغم ذلك حاولت قدر استطاعتي أن أقنع الأولاد بترك الميدان حفاظا علي أرواحهم لكنهم قالوا لي نحن شهداء والحمد لله أنهم لم يستجيبوا لي وإلا لم نكن سنكتشف كل هذا الفساد‏,‏ وكل هذه العفونة في النظام وأمام إصرارهم علي البقاء نزلت إلي التحرير حتي أصبت بجلطة وحملت إلي المستشفي‏.‏
‏*‏ كل ذلك لم يشفع لك وردد البعض أنك ركبت الموجة أو قفزت مبكرا من السفينة حين استشعرت أن الموازين ستنقلب؟
‏**‏ أنا آخر واحد في مصر يقال إنه ركب الموجة‏,‏ فهذا قول مغرض وغبي ومردود عليه بأنني طالبت مبارك بالتنحي وهو في عز السلطة وفي وقت لم يكن يخطر علي بال مخلوق حتي شباب التحرير أنفسهم أنه سيرحل بعد اثني عشر يوما من ندائي له والذي انتقدت فيه تباطؤه وقلت إنه مثل الذي يشك بإبره فيقول آه بعد شهر‏,‏ أي أنني لم أنافقه حتي وهو مازال في سلطته‏.‏
‏*‏ بعض الأصوات تطالب الآن بالتسامح‏..‏ ما رأيك؟
‏**‏ أنا لست مع التسامح‏..‏ أولا لوجود دماء الشهداء وثانيا لحجم الفساد الذي اكتشفناه ومازلنا نكتشف المزيد منه كل يوم والذي فاجأني أنا شخصيا‏,‏ فطبعا كلنا كنا نعلم بوجود فساد لكنني اعتقدت أنه الفساد العادي مثل فساد أيام عبد الناصر أو السادات لكن أن نكتشف أن الرجل لديه كل هذه المليارات حتي لو كانت‏3‏ مليارات وهو أقل تقدير وأن زوجته وأبناءه وأصدقاءه وكل من مر بجانبه لديه مليارات أيضا فهذا فساد غير معقول وليقل لي أحد‏:‏ من هو حسين سالم حتي يمتلك هذه الامبراطورية؟ ثم يتحدثون عن التسامح مع من سرقوا أقوات الشعب‏.‏
‏*‏ لكن ألا تري أننا يجب علي الأقل أن ننتظر حكم القضاء الذي نثق فيه جميعا؟
‏**‏ أنا لا أشكك في أحكام القضاء لكن هناك الكثير من التهم الثابتة وشخص مثل حبيب العادلي لا يستحق أقل من الإعدام ليس علي الترويع الذي عشنا فيه لسنوات طويلة بسبب جهازه الأمني وليس بسبب افساد الشرطة ولا أمن الدولة ولكن يكفيه قتل المتظاهرين‏.‏
‏*‏ أريد أن أقف قليلا عند لحظة تحررك من خوف حملته لسنوات طويلة‏..‏ هل جاءت تدريجية؟
‏*‏ فكر عمار لعدة دقائق قبل أن يقول‏:‏ لم أفكر فيها قبل سؤالك هذا‏,‏ لم أجلس مع نفسي لأقول لن أصبح جبانا بعد اليوم لكن أعتقد أنها كانت لحظة فجائية خرجت فيها مشاعري عن أسوار الرقابة التي كنت قد وضعتها علي نفسي ووجدت نفسي حرا طليقا مع شباب أراهم لأول مرة وفوجئت أنهم هم أيضا يقولون نحن لا شأن لنا بالسياسة ولا نفهم فيها وكل ما نريده هو بعض المطالب المشروعة‏,‏ واكتشفت أنهم قد قسموا أنفسهم إلي مجموعات لدراسة ثورات جيفارا وكاسترو والميدان الأحمر وغيرها حتي تكون لديهم وعي سياسي جعلني احترمهم واتخلي عن خوفي مثلهم‏.‏
‏*‏ بعض الناس الذين لم تدركهم هذه اللحظة‏..‏ هل من حقنا تصنيفهم إلي قوائم بيضاء وسوداء؟
‏**‏ بعض الناس الذين أعلنوا تمسكهم بالنظام السابق عادوا وقالوا إنهم خدعوا أو لم يكونوا يعلمون كل هذا الفساد ومن حقهم تغيير آرائهم أما الذين مازالوا متمسكين فهم أيضا من حقهم اعلان رأيهم لكن نحن أيضا من حقنا أن نكرههم‏,‏ لكن في كل الأحوال لا يجب أن يكون هناك تخوين لهم أو توجيه عام لمقاطعتهم بمعني أن يخرج علينا حزب معين مثلا يدعونا لعدم التعامل معهم فهذا غير مقبول‏,‏ فلتكن المواقف شخصية وليست جماعية‏.‏
‏*‏ وما هو موقفك أنت الشخصي منهم؟
‏**‏ أنا شخصيا لن أحبهم‏,‏ لكن هذا لن يمنع أن أسلم عليهم عندما أقابلهم أما علي مستوي العمل فلن استطيع العمل معهم لأن طبيعتي الشخصية تمنعني من العمل مع شخص لا أحبه لكنني أعود وأؤكد أن هذا موقف شخصي ولا يجب أن يكون عاما‏.‏
‏*‏ بعد مرور ستة أشهر علي الثورة‏..‏ كيف تقيم الأوضاع حاليا؟
‏**‏ للأسف الوضع الآن مقلق جدا‏,‏ وأنا لم أعد أري لمسافة متر واحد أمامي‏,‏ الدنيا مكعبلة والأولاد فقدوا قائدهم الحقيقي للثورة فليس صحيحا أن الثورة كانت بلا قائد بل كان القائد هو وحدة الأهداف ومنذ اختلفت الأهداف وأصبح لكل شيء موافقون ومعارضون تاهت الثورة ونشط الاتجاه المضاد‏,‏ ولا أحد استخدام كلمة الثورة ا لمضادة‏.‏
‏*‏ من هم الذين تعنيهم ب الاتجاه المضاد؟
‏**‏ كثيرون لكن لا يعلمهم تحديدا إلا الله‏,‏ فالأكيد أن هناك أموالا ترش من الخارج من أمريكا وإيران وبعض جيراننا‏,‏ وهناك بعض العناصر الخارجية التي اخترقت الكوادر النشطة في الثورة وأصبحت تؤثر فيهم‏,‏ كل هذا عدا الاتجاه المضاد الداخلي بدليل أنه بمجرد حل المجالس المحلية حدثت اعتداءات التحرير ومسرح البالون وكانت علي الأغلب من قبل تشكيلات من هؤلاء المنحلين الذين يحاولون الابقاء علي مناصبهم‏.‏
‏*‏ هل مازلت علي صلة بشباب التحرير؟
‏**‏ عشرة منهم علي الأقل مازالوا أصدقائي علي رأسهم دكتور شاب اسمه محمد إسماعيل مازال مقيما في التحرير لم يغادره وهو ينقل لي الصورة يوميا لكنه يقول الذين في التحرير الآن مش احنا يقصد ليسوا شباب الثورة الحقيقيين وهذا يؤكد كلامي السابق‏.‏
‏*‏ ألا تنوي الذهاب إلي التحرير مرة أخري؟
‏**‏ ضحك بشدة قائلا‏:‏ لقد ذهبت مرة واحدة ولن أذهب الثانية لأنني مش ناقص جلطات ففي المرة الأولي انفعلت بشدة من سخونة الأحداث ومن محبة الناس الذين حملوني علي الأعناق حتي أنني قلت لقد تجلطت حبا‏.‏
‏*‏ بما أنك أصبحت ثورجيا لماذا لم تنضم إلي أي حزب حتي الآن؟
‏**‏ لأنني مازلت أحمل براءتي السياسية حتي الآن ومازال ثوبي السياسي أبيض ولا أريد تلويثه‏,‏ فأنا عمري ما انضممت إلي حزب بالرغم من أنه عرض علي كثيرا وعرضت مناصب مرموقة لكنني لم أوافق لأنني لم أصدق أحدا لذلك أنا حريص جدا في الاختيار فقد رأيت أحزابا كثيرة جميلة ولديها كلام مكتوب رائع من الممكن أن يحول مصر إلي جنة مثل حزب ساويرس‏,‏ حتي الإخوان دعوني إلي مؤتمر حزب العدالة والحرية وهناك رأيت الوجه الآخر للإخوان الذي يتفاهم مع الآخر بالود والسماحة لكن بصراحة مازلت أحمل بداخلي سنوات طويلة من الخوف من الإخوان لا أعتقد أن أثرها سيزول بسهولة لكن عموما أين التنفيذ؟ هذا هو ما أنتظره فأنا لا أريد أن أنضم إلي حزب لأكتشف بعد ذلك أنه لم ينفذ شيئا وأخشي أن أفقد عذرية‏63‏ عاما بالطلاق أو الخلع‏,‏ بأن يتم فصلي أو اضطر للاستقالة لذلك أفضل حاليا أن أكون صديقا للجميع بدلا من حصر اسهاماتي في حزب واحد إلي أن أري تنفيذا علي أرض الواقع وقتها فقط قد انضم إلي حزب للمرة الأولي في حياتي‏.‏
‏*‏ ما الذي تتوقع حدوثه علي المستوي السياسي في المرحلة القادمة؟
‏**‏ هناك خمسة سيناريوهات محتملة من الممكن حدوث أي منها بنفس النسبة وأسوأها بالنسبة لي هو أن نصل إلي حكم ديني لأنني مقتنع بالدولة المدنية والإسلام فصل بين الدين والسياسة عندما قال الرسول إنتم أعلم بشئون دنياكم فالدين لله والسياسة شأن دنيوي لا يجب أن يختلطا‏,‏ أما السيناريو الأفضل وهو ما أتمني حدوثه فهو أن تستقر الديمقراطية وأولي خطواتها هي دستور جديد وأن تفرز الثورة من رحمها قائدا جديدا يكون رئيسا لمصر في المرحلة القادمة‏.‏
‏*‏ هل معني كلامك أنك لا تري في مرشحي الرئاسة الحاليين من يصلح رئيسا لمصر؟
‏**‏ ليس من بينهم المرشح النموذجي الذي أنتظره لكن فيهم العديد من الكفاءات وبالتحديد من بينهم اثنان ساختار احدهما إذا لم يترشح المزيد لكنني لن أذكر اسميهما الآن حتي لا تكون دعاية لهما أو أن يتأثر أحد باختياراتي‏.‏
‏*‏ دعنا نتحدث عن الفن والموسيقي ولنبدأ بنقابة الموسيقيين التي تم انتخاب نقيب جديد لها هو الفنان إيمان البحر درويش‏..‏ لمن أعطيت صوتك؟
‏**‏ لن أقول الآن لمن أعطيت صوتي حتي لا يعتبر هذا نفاقا للنقيب الجديد إذا كنت قد ا خترته ولا تجريحا له إذا لم اختره لكن أقول إن الموسيقيين قالوا كلمتهم واختاروا نقيبهم بأغلبية إذن فهو يستحق هذه المكانة بالاضافة إلي أنني أري أن إيمان البحر هو واجهة مشرفة ورائعة للنقابة ويستطيع مقابلة المسئولين والتحدث مع الزعماء من أجل الحصول علي حقوق الموسيقيين والارتقاء بمستوي النقابة خاصة أنه يعاونه مجلس نقابة أعلم أن معظمهم لن يقبلوا أن يأكلوا لقمة واحدة غير حلال وأنهم أشرف وأنزه ممن سبقوهم‏.‏
‏*‏ ما الذي تنصحهم به إذا جازت النصيحة؟
‏**‏ أولا أن يدرك الجميع أن هذا المنصب خدمي في المقام الأول‏,‏ فقد نهبت النقابة بما يكفي في السنوات الماضية ممن جاءوا للنهب والسرقة والهبش وثانيا لابد من استئجار خزنة في أحد البنوك لحفظ مستندات وأوراق النقابة حتي لا تتم سرقتها أو حرقها كما حدث من قبل‏,‏ فهذا تاريخ النقابة ويجب الحفاظ عليه‏,‏ وثالثا أن يضعوا صغار الموسيقيين نصب أعينهم ويراعوا مصالحهم قبل مصالح الكبار‏,‏ فهؤلاء هم أولي بالرعاية ويشهد الله أنني تبرعت بمعاشي لصالحهم ولم آخذ من النقابة جنيها واحدا للعلاج بالرغم من تكاليفه الباهظة وكثيرون من أصدقائي فعلوا مثلي وأخيرا أرجوا منهم رفع مستوي الموسيقيين وتحسين أوضاعهم ببناء مقر وناد يليق بهم وبأسرهم‏.‏
‏*‏ ما رأيك في الأغاني الوطنية التي تم طرحها في أثناء وبعد الثورة؟
‏**‏ استمعت إلي الكثير منها الذي أضحكني مثل شهداء يناير الذين ماتوا في يناير ولم يموتوا في فبراير وكثير من هذه الأغاني لم يضف للثورة ولا لمشاعرنا بل علي العكس انتقص منها وأصاب المستمعين بالانزعاج لكن طبعا كانت هناك أغان مثل ازاي لمحمد منير التي زلزلتني وابكتني وبهدلتني وفتنت بأداء منير الكاريزمي‏,‏ وأيضا أغنية فيها حاجة حلوة التي لحنها عمر خيرت لريهام عبدالحكيم ذلك الصوت الحنون والعبقري من كلمات أيمن بهجت قمر أما أغنية يابلادي فقد هزتني مثلما هزت الجميع والذي أعجبني أكثر منها هو أخلاق صانعها عزيز الشافعي الذي أعلن أنه استعار الجملة اللحنية من بليغ حمدي بالرغم من أنه لو لم يعلن هذا فلم يكن أحد ليعلم شيئا بمن فيهم أنا شخصيا لأن الجملة جاءت في فيلم قديم أذيع مرة واحدة ولا يشاهده أحد فاحترمت أمانة عزيز بالاضافة إلي روعة الأغنية نفسها‏.‏
‏*‏ لكن ألم تفرز الثورة في رأيك موسيقي جديدة أو مواهب جديدة؟
‏**‏ والله في بداية الثورة أنا قلت لو أحضر هؤلاء الشباب حللا وغطيانا وخبطوها في بعض لصنعوا موسيقي جميلة تحمل طهارة وطزاجة الثورة وسأشجعهم عليها وأوجههم فقط لكن للأسف الأمور السياسية ذهبت في اتجاه آخر‏,‏ لكن علي أي حال أفرزت الثورة بعض المواهب وصقلت البعض الآخر مثل د‏.‏ مصطفي سعيد الذي تخرج علي يدي في بيت العود وفوجئت به مقيما في ميدان التحرير أيام الثورة يلتف الشباب حوله ويغني لهم‏24‏ ساعة مع الشاعر تميم البرغوتي فكونا معا ثنائيا رائعا وأتوقع لمصطفي أن يكون من أهم الموسيقيين في مصر في المرحلة القادمة‏.‏
‏*‏ لماذا لا تتلقف هذه المواهب؟
‏**‏ قاطعني ضاحكا بشدة‏:‏ لأنني لا أستطيع أن اتلقف أنفاسي إلا بالعافية بعد إصابتي بالجلطة‏.‏ ثم استطرد جادا‏:‏ أنا سألت عنه وعلمت أنه خارج مصر وأنا في انتظار عودته ولقائه‏.‏
‏*‏ هذا يدفعني للسؤال‏:‏ لماذا توقف الشريعي عن البحث عن المواهب واكتشافها وتقديمها؟
‏**‏ بصراحة أنا طول عمري لم أبحث عن مواهب‏,‏ هم كانوا يبحثون عني ويأتون إلي فأشجعهم وأتبني من يستحق منهم فنيا مثل هدي عمار وآمال ماهر وغيرهما‏.‏
‏*‏علي ذكر هدي عمار‏..‏ أين هي الآن؟
‏**‏ هدي عمار من الحاجات الصعبانة علي جدا لأنها كانت صوتا بديعا مثل العصفور المغرد لكنها تزوجت واختفت من الساحة ومازلت علي اتصال بها وفي كل مرة أقول لها ينبغي أن تعودي لكن للأسف الحياة سحبتها من الفن‏.‏
‏*‏ وآمال ماهر؟
‏**‏ ساندت آمال ماهر بضراوة لدرجة أن مساندتي لها أغضبت ناسا كثيرين وخسرتني الكثير من أصدقائي‏,‏ وفي مرة علمت مطربة كبيرة أن هناك خلافا بيني وبين آمال فقالت لي‏:‏ لم ترد لك الجميل فأجبتها أن بين الوالد وابنته لا توجد جمايل‏,‏ لكن آمال لم تصل بعد إلي المكانة التي يستحقها صوتها الطربي الأصيل لأنها تستمع للذين يقولون لها أن تغني الأغاني الشبابية السريعة بينما صوتها يحتاج إلي غناء معاصر‏,‏ مكثف مليء بالتطريب ولو كانت غنت أغنية شيرين جرح تاني كانت ها تفرق معاها وتعليها كتير‏.‏
‏*‏ أفضل مما غنتها شيرين؟
‏**‏ لا لا شرين غنتها عشرة علي عشرة وزي الفل والجميع يعلم تحيزي وحبي لصوت شيرين فهو صوت مصري فاقع لا تخطئ الاذن مصريته يعني لو طلب مني اختيار صوت يعبر عن مصر لاخترت شيرين بلا تردد وبلا منافس‏.‏
‏*‏ لماذا إذن لم تتعاون معها فنيا حتي الآن؟
‏**‏ شيرين صاحبتي وزوجها محمد مصطفي ابني علي المستوي الشخصي والفني وبيننا علاقة قوية جعلتني اتوسط لصلحها مع نصر محروس أيام الأزمة وقد تحدثنا أكثر من مرة عن التعاون الفني لكن كل مرة كانت الظروف تعرقل العمل كأن تختلف هي مع المنتج وفي إحدي المرات اتفقنا علي أن تحيي مهرجان الإذاعة والتليفزيون لكن المشروع توقف لأنها لم تحب التعامل مع أنس الفقي ولأنهم لم يعطوها التقدير المناسب وفي مرة أخري كنت ألحن أغنية كتبها بهاء الدين محمد علي سبيل المتعة وبعد فترة قال لي بهاء لقد فعلت أمرا قد يغضبك لقد عرضت الأغنية علي شيرين وتحمست لها فقلت له بل أشكرك ويسعدني ومر الوقت ولم أسمع شيئا‏.‏
‏*‏ لماذ لم تسأل شيرين؟
‏**‏ منذ خلقني الله وحتي الآن لم أعرض لحنا علي مخلوق‏,‏ ولو كانت أم كلثوم نفسها علي قيد الحياة لما عرضت عليها لحنا‏,‏ وهذا ليس تكبرا ولكنه حفاظ علي علاقتي بالناس الذين أحبهم فلو عرضت لحنا علي أحد ورفضه بالتأكيد لن أحبه علي المستوي الإنساني فلماذا أخسر محبة الناس‏.‏
‏*‏ لماذ توقف برنامجك علي راديو مصر بالرغم من النجاح الكبير الذي حققه؟
‏**‏ هذا البرنامج من أقرب البرامج إلي قلبي وتعمدت أن استضيف فيه الشخصيات التي لا تتحدث كثيرا في الاعلام مثل عمرو موسي وشيكابالا والخطيب وكنت قد اتفقت مع صفوت الشريف علي اشتضافته وغيرهم من الشخصيات المهمة وقتها ولم تكن لدي خطوط حمراء وفقا لاتفاقي مع عبد اللطيف المناوي وقدمت البرنامج حتي قيام الثورة وليس صحيحا أن البرنامج توقف لأنني لست من أبناء المبني فأنا لست مذيعا حتي تسري علي هذه القوانين ولكنني خبير موسيقي والسبب الحقيقي لتوقف البرنامج هو قلة الفلوس في خزينة ماسبيرو‏.‏
‏*‏ ما هو الحلم الذي لم يحققه عمار الشريعي حتي الآن؟
‏**‏ أتمني تقديم مسرحية غنائية من الجلدة للجلدة بدون كلمة واحدة غير الغناء؟
‏*‏ ما الذي يحول دون تحقيق هذا الحلم البسيط؟
‏**‏ كنت قد اتفقت مع فاروق حسني علي تقديمها ووافق وقال لي إن كل أوركسترا الوزارة تحت أمري واتفقت مع أنغام علي غنائها وعندما ذهبت إلي فاروق حسني بالنص الذي كتبه محفوظ عبد الرحمن عن الست والهانم وهو يروي الحكايات الشائعة عن الخلاف بين جيهان السادات وأم كلثوم‏,‏ قال لي الوزير أنت عاوز توديني في داهية؟ وتوقف المشروع وبعد الثورة فكرت في عرضه مرة أخري علي صديقي الوزير عماد أبو غازي لكني تراجعت خوفا من ان أحمله ما لا يطيق وقلت انتظر حتي تأتي حكومة غير انتقالية‏(‏ ضاحكا‏).‏
‏*‏ لكن ما سر تمسكك بهذا النص الذي يؤجل تحقيق حلمك؟
‏**‏ لأنه قريب إلي قلبي فأنا طول عمري واقع بين كماشة الفن والسلطة والنص مكتوب بصورة رائعة ومليء بالاسقاطات الفنية وأنا مصر علي تقديمه‏.‏
‏*‏ وما هو حلمك علي المستوي الإنساني؟
‏**‏ أن يتوفر جهاز كمبيوتر لكل إنسان مكفوف البصر مهما كان مستواه المادي وهذا واجب الدولة فإذا كان من حق أي مواطن الحصول علي جهاز كمبيوتر فالمكفوف أولي لأن المبصر يستطيع الذهاب إلي كافيهات الانترنت لكن المكفوف لا يستطيع‏..‏ الكمبيوتر سيسهل له الكثير من جوانب حياته‏.‏
وبالحديث عن الأحلام أنهيت حواري مع عملاق الموسيقي المصرية ولولا ارتباطه بموعد تسجيل أحد أعماله الرمضانية لربما طال الحوار مع شخصية لا تشعر معها بمرور الوقت ولا تملك إلا أن تحبها وتحترمها وتجلس مذهولا أمام اصرارها وحبها للحياة‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.