20 عاما مضت علي انهيار الدولة في الصومال منذ الإطاحة بنظام محمد سياد بري عام1991 ومنذ ذلك الوقت والبلد غارق في حرب أهلية لا تبدو لها نهاية في المنظور القريب. حيث تم تقسيمه إلي دويلات متناحرة باستثناء فترة حكم المحاكم الإسلامية في نهاية2007 وبداية2008 عندما انتصرت هيئة المحاكم علي أمراء الحرب وأعادت الأمن والاستقرار إلي غالبية ربوع الصومال قبل أن يخوض الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن ضدها حربا بالوكالة عن طريق رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي وينهي حكمها بزعم أنها تضم عناصر ينتمون إلي تنظيم القاعدة ومتورطين في تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عام.1998 وأغلب الظن أن هناك توافقا دوليا علي استمرار نزيف الدم الصومالي بدليل عدم فاعلية قوات حفظ السلام والتي مازالت عاجزة عن توفير الأمن للعاصمة مقديشيو كما أنها عجزت عن كسر شوكة تنظيم شباب المجاهدين الذي خرج من رحم المحاكم الإسلامية حيث يسيطر التنظيم علي مناطق شاسعة بعضها يعاني من مجاعة هي الأسوأ منذ20 عاما لكنه يمنع وصول إمدادات الإغاثة ويعتبر إعلان الأممالمتحدة عن وجود مجاعة في الصومال ضمن المجاعة التي تضرب القرن الإفريقي مسألة مسيسة هدفها ذرع عملاء وجواسيس أجانب في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم المتشدد0 المجاعة التي تضرب الصومال حاليا تهدد بإبادة نصف سكانه البالغ عددهم نحو سبعة ملايين و200 ألف نسمة بتأثير موجة الجفاف التي تعد الأسوأ في القرن الإفريقي منذ60 عاما وتشمل إلي جانب الصومال جيبوتي وإثيوبيا ويكفي أن معدل سوء التغذية في الصومال هي الآن الأعلي في العالم حيث بلغت505 حالات في بعض مناطق جنوب البلاد فيما تتجاوز وفيات الأطفال تحت الخمس سنوات6 لكل عشرة آلاف يوميا. وما لم يتم التحرك الآن فإن المجاعة ستمتد إلي جميع المناطق الثماني بجنوب الصومال خلال شهرين بسبب المحاصيل السيئة وانتشار الأمراض المعدية. كما يلجأ نحو ثلاثة آلاف شخص كل يوم من الصومال إلي دول مجاورة كإثيوبيا وكينيا لكن هذه الدول تواجه صعوبات شديدة في تلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من اللاجئين. الأممالمتحدة بادرت إلي إعلان المجاعة في الصومال في21 يوليو الحالي, كما أطلقت منظمة التعاون الإسلامي حملة للإغاثة في الصومال خلال شهر رمضان وقدر الأمين العام للأمم المتحدة حاجة الصومال لنحو1,8 مليار دولار لتفادي كارثة إنسانية وصفتها باريس بأنها ستكون فضيحة الألفية الثالثة. في سياق متصل أعلن الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية, عن رصد مبالغ مالية فورية من حساب الأمانة العامة المخصص للشأن الصومالي لتوزيع مواد إغاثة طبية وغذائية علي المتأثرين بالجفاف في الصومال, مؤكدا أنه سيجري توزيع هذه المبالغ خلال الأيام المقبلة من خلال بعثتي الجامعة العربية في مقديشيو ونيروبي, وبالتنسيق مع الهيئات الدولية. ومع تفاقم الوضع الإنساني في الصومال ودول أخري في القرن الإفريقي حذرت فرنسا علي لسان وزير زراعتها من أن من شأن عدم احتواء هذه المجاعة أن تكون' فضيحة القرن الحادي والعشرين'. وأبدي مجلس الأمن الدولي من جهته قلقه من أزمة المجاعة في القرن الإفريقي, وناشد المجتمع الدولي التعجيل بتوفير مليار دولار لتخفيف معاناة المجاعة, وذلك بعدما فشل الاجتماع الدولي الطارئ لمنظمة الأغذية والزراعة الأممية( فاو) في اعتماد خطة لاحتواء الكارثة.وكانت المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء جوزيت شيران قد قالت إن وضع الأطفال في الصومال الأكثر تضررا من أزمة الجفاف بأنه' أسوأ ما شهدته في حياتها'.وتحدثت عن مجاعة أطفال نظرا لعدد الأطفال الذين يواجهون خطر الموت( نحو مليون طفل) أو الإصابة بأضرار عقلية وبدنية دائمة بسبب الجوع. تري هل تنجح المساعي الدولية والعربية والإسلامية في إنقاذ ما تبقي من الصومال أم تأتي المجاعة علي ما خلفته20 عاما من الحرب الأهلية التي تسعي دول الجوار وتحديدا إثيوبيا علي إطالتها للقضاء علي عدوها التاريخي قضاء مبرما.