حذر خبراء البيئة من التراخي بشأن تغير المناخ والذي أكدته ظواهر عديدة علي مستوي العالم وكذلك دراسات وأبحاث هيئات ومؤسسات دولية معنية ومؤكدين أن التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض. وما يمكن أن ينتج عنها من كوارث أصبحت حقيقة ملوسة تؤثر علي جميع قطاعات التنمية في العالم وخاصة الدول النامية والفقيرة وذلك إذا لم تؤخذ الأمور بجدية والاستفادة من الانذار المبكر لحدوث الظاهرة بالتخطيط الايجابي والتنبؤ السليم والتأقلم والمتابعة. جاء ذلك في ورشة عمل( دور الاعلام في زيادة الوعي البيئي حول التغيرات المناخية والتي نظمتها وزارة الدولة لشئون البيئة وبالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية. وأكد الخبراء تأثر قطاعات عديدة في مصر جراء ذلك وأهمها المياه والري والزراعة والصحة والسياحة وغرق وتملح مساحات كبيرة من المناطق الساحلية والدلتا وهجرة ملايين السكان منها. نقص موارد نهر النيل وأوضح الدكتور محمد الراعي أستاذ الفيزياء البيئية وعلوم الفضاء بجامعة الاسكندرية أن هناك تباينا في نتائج النماذج الرياضية العالمية عن مستقبل ووفرة مياه نهر النيل في ظل التغيرات المناخية حيث يظهر أحد هذه النماذج أن مياه الفيضان سوف تتناقص بنسب متغيرة تصل في أقصاها إلي70% بينما يظهر نموذج آخر أن مياه النيل سوف تزيد بنسبة25% وهو ما يعكس عدم قدرة هذه النماذج علي التيقن من نقص أو زيادة مياه حوض النهر وان كانت تعطي مؤشرا أكبر إلي احتمال النقص لذلك فإنه من الضروري العمل علي بناء نماذج لمنطقة حوض نهر النيل وتغذيتها بالمعلومات المحلية الدقيقة حتي تصبح أكثر قدرة علي التنبؤ بمياه الحوض بشكل دقيق حتي يستطيع متخذو القرار الاعتماد عليه. غرق أجزاء من المدن وأكد الراعي تعرض أجزاء كبيرة من خمس مدن مصرية للغرق وتملح تربتها خلال القرن الحالي نتيجة لحدوث التغيرات المناخية حيث يؤدي ارتفاع درجة حرارة الكون المتوقع حدوثه إلي ذوبان الجليد مما يعمل علي زيادة مستوي سطح البحر وغرق هذه المساحات وذلك مالم تتخذ التدابير اللازمة وأعمال الحماية لهذه المدن وهي الاسكندرية ورشيد وبور سعيد ومطروح ومارينا. وحيث يؤدي ارتفاع سطح البحر بما يقارب50 سم وطبقا لأكثر السيناريوهات تفاؤلا بنهاية القرن إلي فقدان عدد من الشواطئ السياحية بالاسكندرية وغرق بعض المناطق الصناعية بالمدينة وفقد194 ألف فرصة عمل وتهجير ما يقرب من1,5 مليون شخص. وبالنسبة لمدينة رشيد فإن ارتفاع سطح البحر سيؤدي إلي زيادة معدلات نحر الشواطئ وتدمير نسبة كبيرة من الآثار الاسلامية التي تتميز بها المدينة وتملح نسبة كبيرة من الأراضي الزراعية وفقدان ما يقرب من30% من فرص العمل كما يتوقع زيادة معدلات النحر وغرق مساحات كبيرة من سواحل بور سعيد. كما يمكن أن يتعرض المتحف المقام علي الشاطئ عند مركز قيادة روميل بمطروح للغرق بالاضافة إلي عدد من شواطئ الاستحمام المشهورة عالميا بالاضافة إلي تعرض بعض المناطق المنخفضة والمتاخمة للشاطيء في مدينة مارينا لخطر التملح علي الأقل. تهجير10% من السكان وأكد الدكتور محمود مدني وكيل معهد بحوث البساتين وخبير التغيرات المناخية أن دراسة للبنك الدولي توقعت تهجير10% من عدد السكان من الأماكن المهددة حوالي20 مليون حيث يكون عدد السكان قد تضاعف ثلاث مرات بنهاية القرن إذا ارتفع سطح البحر بمقدار متر واحد نتيجة لارتفاع حرارة الكون وذوبان الجليد. وأشار إلي أن الأبحاث والدراسات تتوقع زيادة درجة حرارة الكون من2 إلي4 درجات بنهاية القرن وعليه فإن سطح البحر سيرتفع وفقا للسيناريوهات من18 سم إلي50 سم أو من50 سم إلي140 سم أو من80 سم إلي200 سم كما تلاحظ زيادة الموجات الحرارية ودرجات الحرارة الصغري والكبري من عام1957 حتي2009 ومن المتوقع زيادة ارتفاع درجات الحرارة الملاحظة حاليا في المستقبل كما شهد العالم ال12 سنة الأخيرة هي الأكثر احترارا ومنذ بدء تسجيل متوسط حرارة الكون عام1850. وأضاف انه لا توجد بمصر قواعد بيانات كافية لاجراء الدراسات المطلوبة حول الظاهرة وسبل التكيف معها كما طالب بضرورة وجود معاهد ومراكز لتدريس علوم تغير المناخ لتخريج متخصصين في التغيرات المناخية نظرا لما تمثله هذه الظاهرة المتوقع حدوثها من خطورة كبيرة وتهديد لقطاعات مهمة وحيوية في مصر. مركز قومي للتغيرات المناخية وطالب خبراء البيئة بقيام الحكومة بانشاء مركز قومي للتغيرات المناخية بهدف تدريب الكوادر والتنسيق بين القطاعات المتأثرة بالتغيرات المناخية والتركيز علي دراسة امكانات التكيف معها وتوحيد جهود البحث العلمي لهذه الظاهرة وتبادل حالات النجاح علي مستوي القطاعات المختلفة مع الدول الأخري. تنمية الصحراء وطالب الدكتور محمد الراعي بالعمل علي جذب مشروعات التنمية إلي المناطق الصحراوية المناسبة وتنمية البنية التحتية لها لتشجيع الهجرة من المناطق المتوقع تأثرها إلي المناطق الآمنة وكذلك العمل علي تنمية الخبرات المحلية في مجال اعداد النماذج الرياضية حتي يمكن تحديد التهديدات التي ستتعرض لها القطاعات المختلفة بالدقة المطلوبة لوضع وتنفيذ السياسات الملائمة وفي الوقت المناسب. كما طالب بتشجيع الدراسات الخاصة بتحديد خيارات القطاعات المائية والزراعية والساحلية علي التكيف علي أن تستخدم التكنولوجيات البسيطة منخفضة التكاليف بالاضافة إلي تشجيع الجمعيات غير الحكومية للعمل علي توعية المواطنين ومتخذي القرارات بمخاطر التغيرات المناخية. مجلس أعلي للتغيرات المناخية ومن ناحية أخري بحثت اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية خلال اجتماعها السادس أول أمس برئاسة المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة وبحضور ممثلي الوزارات المعنية وخبراء المناخ فكرة انشاء مجلس اعلي للتغيرات المناخية بعضوية الوزراء المعنيين بالإضافة إلي انشاء لجنة للعلوم والتكنولوجيا تضم في عضويتها نخبة من علماء مصر في مجال التغيرات المناخية والمجالات المتعلقة به مثل الزراعة والري والارصاد الجوية والصحة والبترول والكهرباء كما تم في اجتماع اللجنة امس بحث انشاء مركز متميز لتوفير المعلومات والبيانات بوزارة الدولة لشئون البيئة ويكون من احدي مهامه الاساسية دعم اعداد اعداد تقارير الابلاغ الوطنية بشكل دوري ويكون نواة لمركز قومي لبحوث التغييرات المناخية واوضح وزير البيئة ان اللجنة شددت علي ضرورة العمل علي اعداد استراتيجية وطنية للتكيف مع التغيرات المناخية وكذلك استراتيجية وطنية لاقتصاد منخفض الكربون مع تطوير الاداء في مجال آلية التنمية النظيفة لاستقطاب الاستثمارات الدولية في هذا المجال. واضاف انه تمت مناقشة الموقف المصري بكل قطاعاته بشأن قضية التغيرات المناخية في ضوء نتائج مؤتمر الاممالمتحدة حول الاتفاقية الاطارية للتغيرات المناخية ال15 والذي عقد بكوبنهاجن في ديسمبر الماضي وكذلك خطة عمل التغيرات المناخية خلال العام الجاري التي تهدف إلي الارتقاء بالاداء الوطني للعمل في هذا المجال بمختلف القطاعات المعنية والتنسيق الكامل معها وتطوير البناء المؤسسي للتغييرات المناخية.