قبل نحو5 أعوام كانت الإصابة بفيروس سي واحدة من أكثر الصور التي تقلق جميع المصريين.. وتجعل كل من أصيب بعدوي الفيروس يتلمس طريقه نحو البحث عن رحلة طويلة للموت البطيء, أو الاستعداد لتليف الكبد, ورحلة باهظة التكاليف من التحاليل والأشعة, عادة ما تنتهي بسرطان الكبد, وما يرتبط به من دوالي المريء, والاستسقاء ثم الوصول إلي طريق مسدود له علامتان إحداهما زرع الكبد الكلي بالخارج وهو ما لا يستطيعه غالبية مرضي الكبد, أو زرع فص من متبرع بالداخل وقد يكون التبرع حائلا دونه قبل أن تكون التكلفة حجر عثرة أمام من يحلم بالشفاء المؤقت. وسواء كان العلاج بالدواء أو بالأشعة التداخلية أو الحقن تحت الجلد أو الهايفو وخلافه أو الزرع الجزئي أو الكلي فان الأمر ينتهي بطريق واحد عادة ما تكون علاماته تشير إلي أنه الطريق إلي الآخرة. فيما مضي كان الصراع بين أساتذة علاج أمراض الكبد ينصب علي أن الإصابة بفيروس سي تعد أقسي صور المعاناة وكانوا يتبارون في الإشارة إلي المعدلات ما بين قائل إن أكثر من12% مصابون بالفيروس القاتل وأن كل المصريين مهددون بالعدوي جراء الممارسات الصحية الخاطئة. الأساتذة والخطر الحقيقي وكان هؤلاء الأساتذة يشيرون إلي أن المصريين في خطر حقيقي وهذا الأمر دفع المرضي إلي البحث عن كل الوسائل ما بين الأعشاب التي تحولت إلي تجارة رائجة كان يغلب علي المتعاملين معها أنها أمل يتبخر مع كل جرعة للعلاج, وذهب الجميع وراء كل بصيص أمل بداية من الحبة الصفراء ذلك العلاج الصيني الذي كان بمثابة السحر في التعامل مع أنزيمات الكبد ومرورا ببول الإبل ودم الحمام وغير ذلك وصولا إلي الأدوية التي لم تكن ذات فاعلية في التعامل مع الفيروس. وما بين الانترفيرون والريبافرين وغيرهما, كانت بدايات الأمل لدي الذين يعانون الإصابة حتي بدأت مرحلة جديدة من التعامل مع فيروس سي من خلال برنامج جريء كان شعاره إعلان مصر خالية من الإصابة بفيروس سي وهو الأمر الذي كان يشكك في إمكانية الوصول إليه بصورة نهائية. وكانت بداية التعامل الحقيقي في قهر فيروس سي في أكتوبر..2014 عندما أعلنت مصر في ذلك الوقت وبتشجيع منقطع النظير من الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تبني المشروع بدء علاج مرضي فيروس سي باستخدام دواء السوفالدي الأجنبي لأول مرة في مصر, وهو الأمر الذي جعل مصر صاحبة تجربة متميزة في ترويض الفيروس والحد من خطورته التي كانت تهدد كل المصريين وتحول بيوت الضحايا إلي مآتم دائمة سواء في مرحلة العلاج أو عند تفاقم المضاعفات أو في حالة التحول إلي جثة هامدة, وكان أهم ما يخيم علي تلك المرحلة من التعامل السليم مع قهر فيروس سي أن السوفالدي الأجنبي عالي التكلفة. وفي المرحلة الثانية وبالتحديد مع بداية يناير2016 كانت الانطلاقة الجديدة والبداية الصحيحة مع بدء علاج المرضي في مختلف المراكز الطبية بجميع المحافظات باستخدام السوفالدي المصري ولأن سعره كان مناسبا ولدخول الدولة في تحمل التكاليف وأيضا إتاحة العلاج لمختلف الفئات وكذلك نشر مراكز العلاج للراغبين وتيسير إجراءات اختيار الحالات للعلاج وتيسير حصول المرضي علي الأدوية اللازمة لبدء برنامج العلاج كانت النتيجة باهرة. نتائج التجربة المصرية وجعلت تلك النتيجة وما حققته مصر العالم بأكمله يتابع التجربة المصرية الفريدة في ترويض فيروس سي والانتصار عليه بصورة لم يكن يتوقعها أكثر المتفائلين, حيث تراوحت نسب الشفاء من الفيروس ما بين95 إلي100 بالمائة, وسط انبهار من أساتذة علاج مرضي الكبد في مصر والمنطقة المحيطة والعالم. وشجعت المعدلات التي حققتها مصر في الشفاء من الإصابة بفيروس سي وخلو أجساد المرضي من تلك القنبلة الموقوتة الحكومة علي الاستمرار في التعامل العلمي مع ذلك الخطر وبالفعل بدأت وزارة الصحة المرحلة الثالثة من معركة قهر المرض من خلال علاج مرضي فيروس سي بالأدوية الجديدة في أكتوبر2014 من خلال26 مركزا وصلت مؤخرا لأكثر من120 وكانت تلك المراكز طريق مصر ومسارها الصحيح للحد من الخطر الذي يهدد المواطن المصري وكان أهم ما يميز تلك المراكز أن هناك متابعة لدورها وما تقوم به من أعلي سلطة في البلد وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي دائم المتابعة لذلك الملف وتقديم التيسيرات التي تجعل تلك المراكز تقوم بدورها علي أكمل وجه من أجل العمل علي إنهاء معاناة المرضي والقضاء علي ذلك الفيروس وأيضا منع تزايد وانتشار العدوي بذلك الفيروس بين المصريين. ارتفاع سقف التفاؤل لم تتوقف مصر من خلال وزارة الصحة والجهات التابعة للدولة عند ذلك الحد وإنما تزايد سقف التفاؤل والطموح بالاستمرار في تلك المعركة علي إثر ما تحقق من نتائج كانت أقرب إلي الخيال منه إلي الواقع وهنا تم الإعلان عن المرحلة الرابعة من رحلة القضاء علي فيروس سي من مصر ونسف معاناة المواطنين من خطورته التي هي بلا حدود, وبالفعل بدأت تلك المرحلة في نوفمبر2015 مع بدء علاج مرضي فيروس سي بأدوية الجيل الثاني الهارفوني والتي حظيت باهتمام كبير من المراكز الطبية المنتشرة في مختلف المحافظات وبدعم من أساتذة علاج أمراض الكبد وكليات الطب ووزارة الصحة المصرية ومن قبلها الحكومة. وكانت أهم الثمار التي تحققت الإعلان عن نجاح مصر في علاج200 ألف مريض خلال2015 و800 ألف مريض ومصاب بالفيروس في2016, وفي2017 كانت المفاجأة التي لم يكن للعالم أن يتوقعها ولا لمراكز الأبحاث العالمية أن تقترب منها ولو بمجرد التوقع والاحتمال حيث أعلنت مصر نجاح إرادتها الجديدة وخطتها ذات الطابع الإنساني في علاج1.5 مليون مصاب بفيروس سي في مختلف المحافظات. التكلفة ليست الأعلي ولعل أهم ما جعل العالم بأثره يتوقف أمام التجربة المصرية في التعامل مع خطورة فيروس سي وقهرها أن شفاء المريض لم يكن مرتبطا بأعلي تكلفة ولكن ذلك حدث بالفعل مع أقل تكلفة في علاج فيروس سي عالميا حيث أكدت التجربة الناجحة في مصر أن تكلفة شفاء المريض بلغت78 دولارا فقط بينما كانت تصل في الهند ل120 دولارا. وهذا الأمر جعل منظمات العالم العاملة في مجال الصحة والدواء تشهد بنجاح التجربة المصرية وانفرادها بالكثير من المميزات, وأيضا جعل مصر تتحول إلي قبلة أمام العالم ونافذة للباحثين عن الشفاء من الفيروس من عدد من بلدان العالم. كما تحولت مصر إلي منصة لبث الأمل وإطلاقه ليس للمريض المصري فحسب ولكن لكل المرضي في العالم وهو الأمر الذي فتح أبوابا جديدة للسياحة العلاجية في مصر من مرض سي بعد أن كانت مصر أخطر بقاع الأرض في الإصابة بالمرض وصاحبة أعلي معدلات الإصابة علي وجه الأرض. سيناريوهات دقيقة وكل الاحتمالات واردة وتكللت جهود مصر في المرحلة الخامسة من التعامل مع المرض القاتل من خلال إعلان وزارة الصحة المصرية في يناير2018 فحص5 ملايين مواطن للتأكد من إصابتهم بالفيروس خلال14 شهرا وهو الأمر الذي هيأ مصر بصورة كبيرة لرفع سقف الطموح وفتح الباب أمام سيناريوهات جديدة في التعامل مع كافة الاحتمالات الخاصة بالمرض وجعل كل الاحتمالات واردة وفي مقدمتها إعلان خلو مصر من الفيروس وهو الحلم الذي لم يكن ليحلم به أكثر الأطباء تفاؤلا وأكثر المرضي أملا وأكثر المواطنين طموحا في طلب الشفاء من المرض اللعين. والآن تبدأ المرحلة السادسة والحاسمة في التعامل مع الإصابة بفيروس سي من خلال تنفيذ التوجيهات والتكليفات التي أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي بتحقيق إصلاح شامل في الخدمات الصحية من خلال الكشف عن منظومة متكاملة للقضاء علي فيروس سي حيث وضعت وزارة الصحة عددا من المحاور الرئيسية لتلك المنظومة أولها: خفض معدل انتشار الالتهاب الكبدي الفيروسي سي وحالات المصابين بذلك الفيروس, وثانيها: المسح الشامل للمواطنين المستهدفين من قبل تلك المنظومة, وثالثها: علاج المصابين الذين يتم اكتشافهم والعمل علي إنهاء قوائم الانتظار الحالية من المرضي الذين يتطلعون مع تلك المنظومة للتخلص من آلام الإصابة بفيروس سي وأوجاعه. والأمر الذي يزيد الثقة في تمهيد كل الطرق لإنجاح تلك المنظومة أن الدولة ممثلة في وزارة الصحة هيأت كل الظروف للعمل علي نجاح تلك المنظومة ووصول نتائجها وثمارها وعوائدها الإيجابية إلي كل مريض وأسرة يعاني أحد أفرادها ذلك المرض, وقد تضمنت تلك المنظومة وضع الدولة تكلفة تقديرية لتنفيذ مشروع ومنظومة القضاء علي فيروس سي في مصر نحو5 مليارات و600 مليون جنيه. وترتكز منظومة القضاء علي فيروس سي حسب الخطة المقدمة من الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان علي منع انتشار فيروس سي وكذلك فحص45 مليون مواطن بالكاشف السريع للفيروس بتكلفة تصل إلي مليارين و322 مليون جنيه, وأيضا علاج نحو مليونين و150 ألف مواطن تثبت التحاليل وأعمال الفحص إصابتهم بالمرض بتكلفة تصل إلي نحو3 مليارات و250 مليون جنيه. ضمانات ضرورية للنجاح وفي كل الأحوال نجد أنه من الضروري أن نتوقف عند عدد من النقاط المهمة التي ينبغي أن تتواكب مع تنفيذ تلك المنظومة التي تهيئ مصر لإعلان خلو مختلف بقاعها وأجساد مرضاها من الإصابة بفيروس سي وما يرتبط به من معاناة وأوجاع وآلام. وأولي تلك النقاط هي ضرورة أن تكون فرق العمل من أطباء وممرضين وممرضات وفنيي الأشعة والتحاليل علي إدراك ووعي بالمهمة القومية التي يضطلعون بها وأن يؤمنوا بها وبأهميتها في حماية مصر والمصريين من خطر حقيقي يهددها في مقتل. وثانية تلك النقاط أن يحرص كل مواطن علي المشاركة في أعمال الفحص التي يتضمنها مشروع ومنظومة القضاء علي فيروس سي في مصر والاستجابة للمشاركة في برنامج العلاج الدوائي المطلوب والمتاح وفق البرامج والجداول التي تحددها اللجنة القومية لمكافحة مرض فيروس سي وما يتم توفيره في مراكز علاج الفيروس وتقديم الدواء المتاح للمرضي والمنتشرة في مختلف محافظات مصر. وثالثة تلك النقاط أن يتوقف بعض ضعاف النفوس ممن يشككون في الأدوية المستخدمة في القضاء علي المرض لا لشيء إلا أنهم يجدون أن مصر والمصريين يتحررون من أسر الفيروس ويبدأ المصابون بالمرض مرحلة جديدة دون معاناة أو أوجاع أو آلام من الفيروس اللعين, وتتزايد خطورة هؤلاء الموتورين من أنهم لا يعتمدون علي أبحاث علمية ولا دراسات دقيقة ولكن علي دعايات سخيفة تستخدمها بعض الشركات المتضررة من تخلص مصر من فيروس سي القاتل والذي كان مصدرا كبيرا لأرباحهم ومصدرا مهما لتوزيع أدويتهم التي لم تقدم شفاء نهائيا من الفيروس. ورابعة تلك النقاط, ترتبط بإرادة المصريين عبر المشاركة المجتمعية في مساندة إرادة المرضي ودعم برامج المواجهة والمكافحة. وفي كل الأحوال, فإن إصلاح القطاع الصحي وتحسين خدماته المقدمة للمرضي لابد أن يرتبط بإرادة سياسية أجد أنها تتوافر في تلك المرحلة التي تعيشها مصر والتي ينبغي أن تواصل جهودها من أجل القضاء علي فيروس سي من مصر نهائيا وهو هدف سوف تثبت الأيام أنه كان مجرد حلم وتحول إلي واقع. أكتوبر2014: بدء علاج مرضي فيروس سي باستخدام دواء السوفالدي الأجنبي لأول مرة في مصر. ديسمبر2014: 26 مركزا لعلاج فيروس سي في جميع المحافظات. نوفمبر2015: بدء علاج بأدوية الجيل الثاني الهارفوني ديسمبر2015: علاج200 ألف مريض خلال2015 يناير2016: بدء علاج المرضي في مختلف المراكز الطبية بجميع المحافظات باستخدام السوفالدي المصري يوليو2016: نسب الشفاء من الفيروس ما بين95 و100 بالمائة. ديسمبر2016: علاج800 ألف مريض ومصاب بالفيروس ديسمبر2017: علاج1.5 مليون مصاب بفيروس سي في مختلف المحافظات. يناير2018: فحص5 ملايين مواطن للتأكد من إصابتهم بالفيروس خلال14 شهرا.