أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مدينة الإسكندرية تمثل تجسيدا لقيم التعايش المشترك, معربا عن سعادته باحتضانها لهذا الاحتفال لإحياء جذور الجاليات اليونانية والقبرصية. وقال الرئيس السيسي خلال كلمته مساء أمس أمام الاحتفال بإطلاق مبادرة( العودة للجذور), بمشاركة نظيريه اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس والقبرصي نيكوس اناستاسيادس بمدينة الإسكندرية أن الهجرات اليونانية والقبرصية به في منطقة شرق البحر المتوسط. وأكد الرئيس في كلمته أنه لا يحب قول كلمة الجاليات, وأضاف إننا في مصر حريصون أن نكون مواطنين, وكل شخص له حق المواطنة. ووجه الرئيس السيسي التحية للحاضرين كافة علي وجودهم في مصر ومشاركتهم في الاحتفالية, وقال إن اليونانيين والقبارصة شاركوا المصريين في إحداث نهضة تجارية وفنية وثقافية في البلاد. ونوه الرئيس إلي أن مدينة الإسكندرية العريقة تحتل مكانة خاصة في قلوب المصريين وأبناء منطقة البحر المتوسط علي حد سواء, مشيرا الي انها شاهدة علي عمق الأواصر بين شعوب مصر واليونان وقبرص علي مدار التاريخ القديم والحديث, ومنوها بأن الإسكندر الأكبر أرسي الدعائم الأولي لمدينة الإسكندرية عام332 قبل الميلاد, لتصبح إطلالة مصر علي شاطئ المتوسط ونقطة التقاء الحضارات وحاضنة الثقافات والتراث. وأوضح الرئيس أن الإسكندرية لا تزال تمثل تجسيدا لقيم التسامح والتعايش المشترك والتواصل الإنساني, وهي القيم التي شجعت مئات الآلاف من شعوب المنطقة علي اختيار مصر مقصدا للإقامة في مجتمعها الذي احتضنهم دون تفرقة, وكان علي رأس هؤلاء الآلاف من اليونانيين والقبارصة الذين انصهروا في النسيج المصري, فمثلوا إضافة كبري للحركة الاقتصادية والعلمية والثقافية في مصر. وأشار إلي أن التفاعلات بين شعوب مصر واليونان وقبرص, وعبر عصور التاريخ, قدمت للعالم إسهامات بارزة كان من بين إنجازاتها مكتبة الإسكندرية, التي انطلق منها العلماء لإنتاج ثروة من العلم والثقافة, من بينها ترجمة أعمال مهمة من اللغة المصرية القديمة, ونقل المنجزات العلمية للحضارة الهيلينية وحمايتها من التدمير, وهو ما شكل, في مرحلة لاحقة من تاريخ مصر, الأساس الذي استند إليه شامبليون في فك رموز الحضارة الفرعونية وكشف التاريخ المصري القديم, ولا يفوتني هنا, أن أتوجه بالشكر إلي صديقي فخامة الرئيس أناستاسياديس, علي إعادة قبرص لعدد من القطع الأثرية المصرية, التي خرجت من مصر بطريقة غير مشروعة. ولفت الرئيس السيسي النظر إلي أن الهجرات اليونانية والقبرصية الحديثة إلي مصر, اعتبارا من نهايات القرن الثامن عشر, ساهمت في إثراء تعددية المجتمع المصري حيث شارك اليونانيون والقبارصة, إلي جانب إخوانهم من المصريين, في إحداث نهضة تجارية وثقافية وفنية وعملوا في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية, بما في ذلك التجارة والصناعة وبناء السفن والإرشاد البحري في قناة السويس والسياحة والزراعة والطباعة والنشر, وشهدت محافظات مصر تأسيس تنظيمات للجاليات اليونانية في المنيا عام1812 والزقازيق عام1850 والقاهرة عام1856 والمنصورة عام1860 وبورسعيد في عام.1870 وأكد أنه خلال السنوات الأخيرة كانت آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان انعكاسا واضحا لمتانة العلاقات التاريخية بين الدول والشعوب الثلاثة, ونموذجا يحتذي به في منطقة شرق المتوسط, مشيرا إلي أن الزيارات المتواصلة من كبار المسئولين بالدول الثلاث تمثل دليلا واضحا علي العزم علي استثمار نجاح هذه الآلية ودفعها إلي الأمام وتطويرها بما يضمن الحفاظ علي أمن واستقرار منطقة المتوسط وتحقيق التنمية والرخاء لهذه الشعوب.