فى شوارع روض الفرج الضيقة وبين أهلها الطيبين تجولت كاميرا المخرجة ريم صالح على مدار سبع سنوات ترصد فيها حياتهم اليومية والوسائل التى يحاولون من خلالها التغلب على الأزمات والضغوط، وكذلك استخدامهم لنظام اجتماعى للتمويل المالى خاص بهم يسمى "الجمعية" حيث يدعمون عن طريقه بعضهم البعض ماليا ويساعدهم فى سد احتياجاتهم الضرورية. واحتفى جمهور مهرجان برلين السينمائى الدولى مساء أمس بالفيلم فى عرضه العالمى الأول ضمن برنامج البانوراما، لاستعراضه للتجارب الانسانية ولحظات الفرح والبهجة وكذلك الال م والوجع فى حياة فقراء مصر من سكان منطقة روض الفرج، مسقط رأس والدة مخرجة الفيلم ريم صالح. وأشارت ريم فى الندوة التى أعقبت عرض الفيلم إلى أن الأهداف الرئيسية لتقديمها هذا الفيلم هى أهداف شخصية جدا، حيث أوصتها أمها قبل وفاتها بدفنها فى مصر حتى تكون بين أهلها وحيث ولدت وتربت خاصة أنها فارقتها لسنوات طويلة بعد زواجها من والد ريم، مشيرة إلى أنها قررت بناء على هذه الوصية التعرف على منطقة روض الفرج التى كانت تعيش فيها والدتها، من خلال التواصل مع أهالى المنطقة والتعامل معهم والارتباط بهم للتعرف على قصصهم، وكان أول من تواصلت معه هو عادل الزوج السابق للشخصية الرئيسية فى الفيلم "أم غريب". وأضافت أنها قررت أن تستكشف المكان وقصص الناس وتستعرضها من خلال نظام "الجمعية" ومن هنا بدأت فكرة الفيلم، واستمر التصوير لمدة 7 سنوات بداية من عام 2010 ، ورصدت خلالها ما يحدث من تغيرات فى حياة الشخصيات، مشيرة إلى أنها كانت تذهب للتصوير هناك بشكل متواصل على مدار السبع سنوات ولم تغب عن المكان إلا فى عام واحد فقط، ولذلك استطاعت فى الفيلم أن تتبع أحداث رئيسية فى حياة بعض الشخصيات من زواج وطالق وإنجاب ووفاة وغيرها. وقالت ريم عن الطفلة دنيا -التى جذبت انتباه كل من شاهدوا الفيلم امس- إنها لم تكن فى بداية العمل تريد أن تظهر الاطفال فى الفيلم أو تركز عليهم خاصة وأن المسار الأساسى الذى اعتمدت عليها فكرة الجمعية التى يستخدمها الكبار فى التمويل المالى، ولكن ظهرت أمامها اثناء العمل "جمعية" الأطفال أيضا، ومن هنا بدأت دنيا تقتحم الفيلم بحضورها القوى وذكائها الفريد من نوعه. وأضافت أنها فى آخر أيام التصوير علمت من دنيا أنها ستخضع لعملية ختان، لذلك اتجهت فورا لوالد دنيا ووالدتها فى محاولة لإقناعهما بعدم تنفيذها، واصطحبت شيخا من الازهر أكد للأب أن ختان الإناث ليس فى الشريعة الاسلامية، واقتنع الاب بالفعل واتفق معها على عدم تنفيذ العملية، مضيفة أنها صدمت بعد عودتها فيما بعد عندما علمت أن دنيا هى التى اصرت على الخضوع لعملية ختان وخدعت والدها وأقنعت والدتها بتنفيذها دون علمه مستخدمة فى ذلك المال الذى حصلت عليه من الجمعية التى تشارك فيها مع أطفال الحى. وأكدت ريم على أنه بالرغم من تزامن تصوير الفيلم مع فترة الثورة وانتقال رئاسة الجمهورية بين ثلاثة رؤساء إلا انها آثرت عدم الخوض فى أى أمور سياسة فى الفيلم أو التركيز عليها، لأن الفيلم لا يدور حولها وإنما هو عن حياة هؤلاء الفقراء والتى من وجهة نظرها لا تتأثر كثيرا بأى تغييرات فى نظام الدولة فهم يعيشون حياة صعبة ويحاولون التعامل معها بقدر الإمكان، مشيرة إلى أن هذه المنطقة وأهلها مصدر إلهام بالنسبة لها، وفريق العمل كان منبهرا بالشخصية الرئيسية فى الفيلم "أم غريب"، وعلى الجانب الآخر البنات الصغيرات فى الحى ارتبطوا بريم بشكل كبير وأصبح حلمهن أن يصبحن صانعات أفلام مثلها. ومن جانب آخر وبدأت أم س عروض أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان برلين بفيلم " Las herederas " أول فيلم روائى طويل للمخرج مارسليو مارتينيز، ويعتبر أول فيلم من باراجواى يشارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان برلين بحسب تصريح المخرج خلال المؤتمر الصحفى الذى أعقب عرض الفيلم للصحفيين. وقال مارسليو إنه من الصعب الحصول على معلومات عن الناس والمجتمع فى باراجواى أو تقديم قصص عنهم، والاهتمام الإعلامى فيها يتركز بشكل أساسى على رئيس الدولة، لذلك اراد فى فيلمه تقديمه قصة عن الناس وعن المرأة بالتحديد والتركيز على المشاعر الخفية وما وراء الصمت. وأشار إلى أن المجتمع فى باراجواى ظل لفترة طويلة مقيدا بتقاليد وعادات قديمة ومتزمتة قيدت المرأة ووضعتها فى قالب محدد لا يسمح لها بالخروج عنه لكن الأمل فى الجيل الحالى لتغيير هذه الحالة، والتى حاول التمرد عليها فى فيلمه هذا وقدم من خلاله عالم المرأة ومشاعرها وقوتها. وعرض فى المسابقة الرسمية ايضا فيلم "دامسل" للأخوين ديفيد وناثان زيلنر وبطولة نجم سلسلة أفلام "تواياليت" روبرت باتنسون وميا واسيكوسكا، والذى يعد من الافلام المستقلة لأنه لا يتبع أيا من الاستوديوهات السينمائية الكبرى، وقدمه فيه المخرجان صورة مختلفة من أفلام الويسترن الأمريكى المعروفة، وقال ديفيد زيلنر مخرج الفيلم انهما أرادا تقديم صورة عكسية تماما من افلام الويسترن القديمة فعلى عكس صورة الرجل القوى يظهر الرجال هنا بشكل مختلف تماما وكذلك المرأة التى نراها هنا شخصية قوية وليست مجرد جميلة يسعى اليها الرجال وتخضع لرغباتهم.