منذ خلق الله الإنسان علي الأرض وهو يقاوم الحياة و يناضل من أجل البقاء ويصارع المرض ويقهر أعداءه بحثا عن الاستقرار و تحقيق الذات وذلك بفضل نعمة العقل.. ولكن مع مرور الأيام أصبحت الحياة أكثر تشابكا وتعقيدا وأصبحت الحلول التقليدية غير مثمرة, حيث اتجه العلماء للبحث في طرق جديدة مبنية علي تصنيف قدرات العقل والوعي و الذات واكتشفوا أن الذكاء لم يعد مجرد قدرة عامة مبنية علي الاستنتاج وحل المشكلات فقط, بل صنفوا كل ملكة عقلية لنوع من الذكاءات وبعيدا عن الخوض في تفاصيل هذه النظرية كان للإبداع نصيب من الأبحاث. واتجهت المؤسسات التعليمية لتحرير طاقات الفرد الإبداعية وتدريبه علي التفكير بشكل حر ومنظم لمواجهة المواقف الغامضة و ثورة المعلومات و توظيف الخبرة وإعادة عناصرها بشكل جديد يسمح بوجود بدائل متنوعة وأساليب متميزة لحل المشكلات. معني ذلك أن هناك حاجة لتعلم الذكاء الإبداعي لأنه أصبح مطلبا ملحا للتعايش مع مستجدات العصر بنجاح وكفاءة وأمان, فما هي أهم النقاط التي تنمي الذكاء الإبداعي ؟ عليك أولا بمعلم قادر علي تقبل الأفكار الغريبة ومستعد لسماع تلاميذه وتقديرهم واحترامهم, معلم يتمتع بمجموعة سمات إيجابية يتحلي بها مثل: الإيمان بالحرية وكيفية توظيفها و تقبل تلقائية الطلاب والتسامح, معلم قادر علي إثارة الحس الخلوق والنقد والتحليل لدي طلابه. فالمعلم هو المدخل الأساسي لبناء الانتماء الوطني والمجتمعي و تنمية الذكاء الإبداعي لدي الطلاب. فغياب المربي الكفء عن عالمنا كان سببا لما نعاني منه اليوم, من انشطار فكري ونفسي و انعدام الضمير و انتشار ظاهرة الغش لدرجة الإدمان وغيرها من السلوكيات المرفوضة. عليك بتوفير بيئة تعليمية صحية تحترم هذا الكيان الإنساني الصغير( الطالب), بيئة تحترم تحية العلم ووجود مقعد لكل طالب فإذا ارتاح الجسم اشتغل العقل والفكر, بيئة فيها تفاعل بين المعلم القدوة والمنهج المتطور و الطالب الملتزم والإدارة الكفء. بعدها لابد من حكمة الأهل وثقافتهم و تربيتهم, أهل لديهم بعض الوقت لسماع أبنائهم وتشجيع أفكارهم دون قيود بعيدا عن هوس الانترنت الذي تحول إلي دار لرعاية وتوعية الأطفال و الكبار. فالمبدع يحتاج لثراء فكري وثقافي وخيال حر طليق دون قوالب ومخالب, ومساحة ليطلق خياله دون تقييد بسلاسل. وأخيرا يحتاج الذكاء الإبداعي لمجتمع يكتشف و يحترم ويدعم الفكر المبدع المتطور منذ الصغر. فالطفل طاقة إذا وجهت واستثمرت بشكل سليم ستقطف خيراتها لاحقا, ذلك لأن السلوك الإبداعي حر ويحتاج متابعة ودعما. إهمال المعرفة و العقول المبدعة التي خلقها الله لتري ما لا يراه الآخرون وتفكر بشكل متجدد طوال الوقت سنحاسب عليه. بل نحن نحصد الآن إهمال سنوات من التكاسل و الفساد في كل المؤسسات. فأداء المبدعين ليس مجرد مجموعة قدرات ومهارات عقلية بل هو مزيج من المعرفة والتربية و الشخصية السوية نمت و تطورت في سياق اجتماعي منفتح علي خبرات الغير, مجتمع يعمل من أجل المصلحة العامة دون معوقات أو تعقيدا ت. فالعقل كان ومازال إيقونة الحياة والتقدم التي منحها الله للإنسان ليفكر و يحلل و يعرف الحقائق وما يعقلها إلا العالمون.