ثائرة صلبة شامخة صامدة وقوية, لا تخاف ولا تهاب الموت, تقاوم الاحتلال الإسرائيلي بكل عزيمة وإصرار وتحد, تواجه جنود العدو الصهيوني بكل صلابة منذ نعومة أظافرها, شاركت والديها وعمرها4 سنوات في العديد من المسيرات والمظاهرات, رفضا لمصادرة أراضي قريتها النبي صالح برام الله لمصلحة مستوطنة حلميش. إنها أيقونة القدس المناضلة والناشطة الفلسطينية عهد التميمي, التي أعطت العالم بأسره درسا جديدا في النضال من أجل الخير والحرية والعدل والمساواة والحق, درسا وثقته كاميرات الاحتلال الإسرائيلي في15 ديسمبر الماضي, عندما صفعت وركلت ابنة ال16 عاما, ترافقها قريبتها نور, جنديين إسرائيليين داخل باحة منزلها قبل طردهما, ليتم تطويق بيتها بعد أربعة أيام بالآليات العسكرية واعتقالها. لم يقف الأمر عند هذا الحد, بل اعتقلت القوات الصهيونية والدتها ناريمان التميمي في ساعة متأخرة من نفس الليلة, حين كانت في طريقها لمعرفة وضع ابنتها, واعتقلت والدها باسم التميمي من داخل قاعة المحكمة أثناء حضوره جلسة محاكمتها بعد يوم واحد فقط من اعتقالها, كما اعتقلت نور ابنة عمها لأنها شاركتها بطولة مهاجمة الجنديين. ومنذ اعتقالها داخل السجون الإسرائيلية, وهي تقاوم داخل السجن, كما كانت تقاوم خارجه, فلم يتمكن المحققون من انتزاع أي كلمة منها, حتي اسمها, وبالرغم من ممارسة كل الأساليب القذرة ضدها من عزل وتخويف وإرهاب وضغط, فإنها ظلت متماسكة فخورة بأنها نجحت في كسر فاشية الاحتلال الصهيوني الغاشم. إن شجاعة عهد وإقدامها وثباتها علي الحق, ليست بغريبة علي نساء فلسطين, فهي نموذج حي لعشرات الآلاف من الفتيات والسيدات الفلسطينيات الصامدات في مواجهة الكيان الصهيوني, فما من سيدة فلسطينية إلا وهي أم شهيد أو زوجة شهيد أو ابنة شهيد أو أخت شهيد, وسيسطر التاريخ بأحرف من نور دورهن في حماية المسجد الأقصي, ووقوفهن حائط صد دون اقتحامه من قبل قوات الاحتلال الصهيوني, ومنع المستوطنين من تدنيس ثالث الحرمين الشريفين. وما دام هناك عهد ومن علي شاكلتها من شباب وشابات فلسطين, فلا خوف علي القدس والمسجد الأقصي, وما دامت الأجيال القادمة, التي ستحمل عبء المسئولية, بهذا القدر من الشجاعة والصلابة والإقدام, فنحن أمام جيل جديد لم ينس القضية, جيل أشد بأسا ووعيا وقدرة علي تحدي الصعاب دفاعا عن قضيته, وستكون عهد وأمثالها نبراسا لقادة فلسطين في فتح وحماس والجهاد, الذين يتصارعون ويتنافسون ويتشاحنون من أجل مصالح ضيقة, فمنهم من يهرول إلي إيران يخطب ودها, ومنهم من يرتمي في حضن قطر, وملا تزال مشكلات الأنفاق, ومصير من وظفتهم حماس في قطاع غزة, ومن يتولي الإشراف علي المعابر والمنافذ, عالقة تبحث عن حل بين الفصائل المتصارعة والمتناحرة علي السلطة, في وقت يلقي فيه الشباب الفلسطيني بأنفسهم في أتون النار دفاعا عن أرضهم وعرضهم وقدسهم وأقصاهم. وهناك المئات من علامات الاستفهام التي تطرح نفسها وتحتاج إلي إجابات شافية, من بينها: أين الأممالمتحدة ومجلس الأمن مما تشهده الأراضي الفلسطينيةالمحتلة من قمع وبطش واستيطان وتهويد وتجريف؟ وأين الكونجرس الأمريكي من التطهير العرقي الذي تشهده مدينة القدس الشريف؟ ولماذا لم ينتفض الأمريكيون عندما تم اعتقال عهد التميمي ووالدها ووالدتها؟ وأين المنظمات الحقوقية والإنسانية وجمعيات حقوق الإنسان مما يحدث من تعذيب وقتل وتشريد واعتقال للفلسطينيين العزل في أثناء قيامهم بمسيرات سلمية تعبر عن رفضهم تهويد القدس ونزع ملكية أراضيهم لإقامة مستوطنات جديدة عليها؟ بالطبع لن تتحرك الأممالمتحدة, ولا مجلس الأمن, ولا الكونجرس ولا المنظمات الحقوقية والإنسانية, لأنها باختصار تتحرك لتنفيذ أجندات خاصة بالدول التي تحركها وتمولها وتوجهها وتتحكم فيها. [email protected]