حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملحمة كبريت
دعوة للشباب المصري لاستلهام روح التضحية والتحدي والصبر في بداية عام جديد العظماء السبعة يروون ل الأهرام المسائي أسرار134 يوما من القتال والحصار

لم تكن معركة كبريت الشهيرة مجرد انتصار عسكري في حرب أكتوبر المجيدة عام1973, ولكنها ملحمة بطولية كبري رفعت لها جيوش العالم كله القبعة احتراما, وشهد لها العدو الصهيوني بالرغم من الدرس القاسي الذي لقنه له أبطال مصر, وما تكبده من خسائر فادحة في المعدات والأرواح حاول أن يداريها قبل أن تعرضها الكاميرات التليفزيونية.. وقال عنها هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت.. إنها وضعت مصر في مصاف أقوي جيوش العالم.
معجزة كبريت جعلت أبطالها محل تقدير وتكريم من الجيش المصري والشعب والدولة, ولم ينسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي, وحرص مجددا بعد مرور أكثر من أربعين سنة علي تكريم أبطالها الذين مازالوا يعيشون بيننا نستلهم منهم معاني التضحية والولاء والانتماء والبطولة والصبر والقدرة علي التحمل وقهر المستحيل.
ولكن يطرح السؤال نفسه.. لماذا تحتفل الأهرام المسائي الآن بأبطال كبريت, وقد جرت العادة علي الاحتفال بحرب أكتوبر المجيدة في شهر أكتوبر من كل عام.. والإجابة أنها رسالة إلي الشباب المصري في بداية عام جديد تتطلع فيه البلاد لمواصلة طريق البناء والتعمير وإنجاز المشروعات القومية العملاقة, يقرأ في تفاصيلها الدقيقة كيف تحدي هؤلاء الأبطال المعوقات والصعوبات, وكيف واجهوا الموت برءوس مرفوعة وصلابة لا يكسرها الرصاص, ولو كان وابلا, ولا يحرقها النابالم ولا نيران لم تنقطع علي مدار134 يوما تأتيهم من طيران لا يهدأ ليلا ولا نهارا, ومدفعية تصب نيرانها من كل حدب وصوب.. إنها دعوة للشباب المصري للاقتداء بهؤلاء الأبطال الذين رفعوا شعار النصر أو الشهادة, ورفضوا أن يتركوا مكانهم, أو يتخلوا عن نصر حققوه بدمائهم, وتحملوا الجوع والعطش, بل ابتكروا وأنجزوا, ونجحوا في تحليل المياه المالحة, فأدهشوا العدو الذي ذهل يوم إخلاء نقطة كبريت, وهو يري الأبطال الذين قهروهم, وحالوا بينهم وبين شاطئ القناة.
وهي أيضا رسالة إلي إعلامنا بكل أنواعه بألا يخصص شهرا واحدا من كل عام للاحتفال بيوم العبور العظيم, وأن يجعله حاضرا علي مدار العام ليكون درسا وعبرة, وشاهدا علي جيش عظيم يأبي أن يفرط في حبة رمل واحدة.. يحمي الحدود والأرواح, ويبني من أجل مستقبل مشرق لأمة عظيمة من حقها أن تفخر بأبنائها الذين لا تلين لهم عزيمة, ولا ينال منهم عدو.
وعلي مدار أكثر من ثلاث ساعات, كنا نتمني أن تطول أنصتنا لسبعة من أبطال ملحمة كبريت, وهم يروون لنا أسرار هذه المعجزة, وما جري فيها من بطولات خارقة.. كيف تحملوا قسوة الأيام, وهمجية العدو.. كيف تقاسموا وجبة الحرب المتقشفة, وتناوبوا علي شربة ماء, كان بالنسبة لهم مجرد سراب.. كيف واروا التراب جثث140 شهيدا.. وكيف نقلوا الجرحي متسللين بين خطوط العدو في البر والبحر في طريق سموه طريق الموت.. كيف نجوا من ألغام العدو, وكيف أوقعوه في فخاخ ألغامهم التي زرعوها بعشوائية في عملية التحول الدفاعي من الشرق إلي الغرب.. كيف لفوا القائد الشهيد البطل إبرهيم عبد التواب الذي أمطرت السماء لحظة استشهاده في علم مصر, وكيف دفنوه, وكيف تخلوا عن طعامهم البسيط, وملابسهم القليلة من أجل أن يقدموا مندوبا للتفاوض مع العدو بقامة شامخة.. إنهم أبطال الكتيبة603 الذين أمتعونا في ندوة فتحوا فيها قلوبهم, وفتحنا آذاننا إعجابا, وتمنينا لو كنا معهم وبدأت الدكتورة حنان منيب عميد المعهد العالي للغات والترجمة بمدينة الثقافة والعلوم إدارة الندوة بكلمة عن أبطال الموقعة.
وخرج صوت اللواء مدحت منير, يملأه الفخر والثقة قائلا: العملية استندت علي التخطيط الجيد والإعداد للقوات من الجيش المصري, رغم أن هذا التخطيط كان سرا غاب عن أفراد وضباط وجنود الكتيبة603 مشاة أسطول واللواء130 مشاة أسطول ولم نكن نعلم سوي بتنفيذ عملية إبرار بحري من جانب العريش تم تعديلها لتكون عملية إبرار بحري من أحد الممرات المائية, وبدأ الإعداد للعملية من خلال قوات الصاعقة شكلوا منهم اللواء130 مشاة أسطول.. وأثبت أبطال الكتيبة كفاءة عالية رغم حداثة سنهم واندمجوا سريعا وهي إحدي ركائز معركة كبريت حيث انصهروا في بوتقة واحدة, ثم جاءت تعليمات للانتقال من الإسكندرية إلي السويس إلي أن جاءت ساعة الصفر وصدرت أوامر بالعبور وتم عبور القوات وكان الغرض منها مهاجمة الممرات.. كتيبة تتجه لممر متلا وأخري إلي الجدي.
بدون نوم
وتحدث اللواء جابر شعراوي في نبرات هزت الحضور وهو يقول: كانت مصر قبل1973 تعيش كارثة حقيقية, حيث احتلال سيناء والعدو الصهيوني علي الضفة الشرقية رافعا علمه, وكنا نراه من الضفة الغربية, إضافة إلي تهجير مدن القناة بأكملها والاقتصاد المصري في خدمة المعركة العسكرية رافعين شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وكنا نعيش أزمة حقيقية في كل شيء بما فيها المواد التموينية والشعب المصري تحمل, وأخذنا علي أنفسنا عهدا بأن نحرر أرضنا وأعددنا للمعركة لمدة6 سنوات, فكان لابد أن نجهز لخطة عسكرية غير تقيلدية للعبور.
وعن دور الشباب في المعركة قال شعراوي:أعمارنا كانت تتراوح ما بين21 سنة وحتي25 سنة ومنهم من هو أصغر أو أكبر من هذا العمر, ولكني أؤكد أن شباب مصر هم من تحملوا الجهد كله.
واستكمل البطل شعراوي في لهجة مليئة بالشجون: كانت مهمتنا إصابة احتياطات العدو وشل حركته في مضيق منطقة كبريت قبل أن يبدأ العدو بالعبور من المناطق الخلفية لمهاجمة قوات الجيش, وأقول: إذا استطاعت قوات العدو التحرك والوصول لشاطئ القناة الشرقي كانت منعت قواتنا المصرية من العبور والانتصار خاصة أن شرق القناة به مانع ترابي عال جدا إذا استطاعت لا قدر الله أن تصعده القوات الإسرائيلية كان الموقف سيزداد سوءا, إلا أننا استطعنا أن نعبر من جنوب البحيرات المرة عن طريق عبور بر مائي حتي نصل إلي شرقها, ثم نتقدم بأقصي سرعة في اتجاه الممرات, وكان مخططا أن نحتل ممري متلا والجدي قبل وصول قوات العدو من الجهة الشرقية حتي نمنعها من العبور, وكان هدفنا الأساسي أن نمنعهم من الوصول إلي شاطئ قناة السويس, إلا أننا تعرضنا لبعض الصعوبات مثل عدم مناسبة الأرض ووجود طمي وهذا كان سببا في تأخيرنا, ولكن استطعنا أن نتقدم بسرعة, وعلي مسافة25 كيلو مترا اصطدمت الكتيبة603 بقوات العدو المدرعة, وحصلت معركة تصادمية ومواجهة بيننا بدون استعداد للدفاع حتي نجهز الأرض للدفاع ولكن قائد الكتيبة إبراهيم عبد التواب أمر بسرعة المواجهة ونزل الأفراد وبدأنا الانتشار في الأرض وأن نقدم خطة دفاعية سريعة لصد هذه القوات المدرعة ذات التسليح الثقيل والذي لا يتناسب مع تسلحينا بالقوات البرمائية ذات التسليح خفيف الوزن حتي نتحرك سريعا, وكتيبتنا بعد أن تحركت جذبت القوات الإسرائيلية إليها واعتقد العدو أن المجهود الرئيسي للجيش الثالث في هذا الاتجاه, خاصة أن الاختراق يكون في اتجاه محدد وليس علي طول الجبهة وكانت حرب1973 غير تقليدية لأننا عبرنا علي طول الجبهة من أول بورسعيد وحتي السويس وهذا لم يحدث في الحروب القديمة, وكان كل تركيز القوات الإسرائيلية معرفة أين نقطة عبور قواتنا المصرية فبدأوا يوجهون جهودهم لهذه النقطة ووقعت معركة حقيقية دفاعية تصادمية من هذا المكان علي بعد25 كيلو من قناة السويس, واستطعنا أن نوقف العدو ونمنعه من التحرك والوصول لشرق القناة حتي لا يشتبك مع قواتنا وتمت هذه المهمة بنجاح.
وقال بطل كبريت: وصلنا إلي الساعة11 مساء وبدأت قوات الجيش الثالث تعبر إلي القناة, وجاءت التعليمات فيما يسمي بالتخلص من المعركة وهو عبارة عن معركة أخري يتم التخطيط لها والانسحاب تدريجيا وليس بطريقة عشوائية نتراجع إلي حضن الجيش الثالث وحتي الساعة12 بعد منتصف الليل تخلصنا من المعركة وكلفنا بمهمة أخري في التوقيت نفسه لحماية يسار جبهة الجيش الثالث وعلي الفور نفذنا الأوامر بدون نوم أو راحة, وبدأت قوات العدو الإسرائيلي في مهاجمتنا بعد أن منعناهم وأحدثنا فيهم خسائر كبيرة, حيث دمرنا عددا كبيرا من الدبابات الإسرائيلية حتي بدأ الطيران الإسرائيلي في مهاجمتنا يوم7 أكتوبر وأسقطنا طائرتين من نوع فانتوم وستاي هوك, فكان الاشتباك جويا وأرضيا مع الإسرائيليين, واستمر ذلك حتي يوم8 أكتوبر حيث أوقعنا طائرة معادية قوية جدا عن طريق صاروخ الحية, فكان إنجازا أن تدمر كتيبة بإمكانات بسيطة3 طائرات إسرائيلية من أقوي الأنواع وجاءت إلينا التعليمات لمهاجمة نقطة الكبريت.
رسالة للشباب
وقال اللواء محسن حسين علام: كنت قائد سرية6 في الكتيبة703 مشاة تحت قيادة النقيب شوقي الجوهري رحمه الله, والمقدم إبراهيم عبد التواب عن عمر يناهز25 سنة, وأود أن أذكر هذه السن لرغبتي في توجيه رسالة لشباب الجيل الحالي: أن من قام بالحرب آنذاك شباب مثلكم, ومعركة كبريت من لا يعرفها عبارة عن جبل ارتفاعه من20 إلي25 مترا وهذا الجبل نسميه نقطة كبريت وحوله سواتر ترابية وحقول ألغام ومواقع داخلية وخارجية ومن هنا جاءت التسمية.. وخطورته أن به30 ملجأ للأفراد والمفترض أن يكونوا مجهزين علي مستوي عال وبينهم عدد رهيب من خنادق مواصلات وهو عبارة عن طريق صغير يحمل واحدا أو اثنين علي اليمين أو اليسار شكائر رملية بأوتاد حربية, وداخل النقطة17 حفرة من الدبابات ومواقع الرشاشات ومدافع الهاون و9 فصائل من المشاة الميكانيكي والمدرعات هذا بخلاف الدبابات حولها يمينا ويسارا ومستودعات النابالم والتي كانت موجودة علي حافة البحيرات.
واستكمل علام: نقطة كبريت تبعد عن الغرب في حدود800 متر, وإذا وضع شخص رجله في الشرق يمكنه أن يضعها في الغرب, وهو المكان الوحيد الذي كان من الممكن للعدو أن يخترقه ويعمل به جسرا بين الغرب والشرق ولكننا حرمناه من ذلك, عن طريق أننا قاتلناه134 يوما, وحرمنا الخبراء الأمريكان من التخطيط لثغرات الاختراق ومن بينها هذه النقطة, وكبريت كانت تبعد عن الجيش الثاني الميداني نحو25 كيلو مترا وتبعد عن الجيش الثالث في اتجاه الجنوب نحو15 كيلو مترا, فنقطة كبريت تسيطر علي مساحة قدرها نحو من40 إلي45 كيلو مترا وهي مركز عمليات العدو في هذا القطاع, فاستطعنا أن نحرمه من45 كيلو مترا, وهذه النقطة كانت تستطيع أن تقاوم أي عدو يقاتلها ولديها احتياطي من الأسلحة والذخيرة والمواد الغذائية والمياه لمدة شهرين كاملين, إضافة إلي أهمية هذه النقطة لأنه كان من الممكن أن يعمل العدو منها خطا من الشرق للغرب ولكننا منعناهم بفضل الله.
وأضاف علام: أثناء الهجوم.. أتذكر موقفا لا أنساه في حياتي بعد دخول النقطة ورفع العلم المصري قام النقيب مدحت منير فهيم بالإمساك بالعلم وطاف به أرجاء الموقع يحمله الجنود فوق أكتافهم محييا مصر, وكانت المهمة الأساسية التمسك والحفاظ علي النقطة لأنه كان من المفترض أن يقاومها لواء كامل من المشاة الميكانيكي وليست كتيبة.. وأمر قائد الكتيبة أن نترك اتجاه اليسار مفتوحا حتي يهرب منه الإسرائيليون لأن نعرف خوفهم من القتال مع الجندي المصري, بعدها اتجهنا للصعود للنقطة وليس الموقع وبقية الكتيبة خارج النقطة موزعين علي امتداد حدود الموقع بالكامل مع تأمين المنطقة الغربية بعد تدمير عدد من المعدات للقوات الإسرائيلية والجانب الأيمن يؤمنه إبراهيم العجمي وسعيد آدم ومصطفي حسين كامل وبدأنا في تأمين المنطقة بالكامل, والعدو الإسرائيلي كان أمامه حقل ألغام وكان محاطا بالسلك وبه فتحات ليدخل ويخرج منها ومعه خريطة بذلك ولم نكن نعرفها, وجاءت فكرة تدمير الألغام وأخذنا علي أنفسنا عهدا ألا يدخل الجندي الإسرائيلي إلا علي جثثنا, وبدأنا في الخروج خارج حقل الألغام بنحو300 متر وأخذنا بقية الألغام لسد طرقه حتي يتم تفجيره بمجرد دخوله, وبعدها لغمنا نحو300 متر أخري حتي يكون بيننا وبين الإسرائيليين نحو800 أو900 متر, وبمجرد دخول الإسرائيليين كانوا ينفجرون حتي تراجع, فأصبحت لدينا4 خطوط دفاع, وهي الألغام التي زرعناها وألغامه الموجودة والساتر الترابي والأسلحة الثقيلة واستمر الحصار نحو134 يوما.
كفاءة الجندي المصري
حركت كلمات اللواء علام المشاعر ونقلتنا إلي رمال سيناء الحبيبة.. وتحدث اللواء مصطفي حسين كامل عن كيفية الاقتحام قائلا: منطقة كبريت نقطة محصنة تحصينا شديدا, واجهتنا صعوبة لوجود حقل ألغام حول النقطة ولابد من فتحه, وحاولت عناصر المهندسين فتح ثغرة وكانت لدينا سارية اقتحام وحماية جنب وأخري يسار وأثناء الاقتحام كانت فيه تعليمات من القائد شوقي الجوهري بأن تكون فصيلتي في المقدمة تليها فصيلة اللواء إبراهيم ثم اللواء سعيد بحضور قائد المنطقة, ولكني فوجئت قبل الدخول بأن يكون القائد شوقي الجوهري في المقدمة رغم أنه من الطبيعي أن يكون في الخلف وهذا يظهر كفاءة الجندي المصري, وضربت مركبة شوقي الجوهري ولكن هذا لم يعطل تنفيذ المهمة, وحاول العدو استرداد النقطة ولكن وقعوا في حقل ألغام وكانت تعليمات قائد السرية الهجوم مترجلين سيرا علي الأقدام للوصول إلي النقطة ولملاقاة الجندي الإسرائيلي وكان جنودنا يقبلون ويندفعون بسرعة وشجاعة وإقدام للاشتباك مع الإسرائيليين.
تابع: عند نقطة يتمركز فيها أفراد من الأمم المتحدة أعتقد أنهم إسرائيليون واشتبكنا معهم, وأكدوا لنا أن الإسرائيليين فزعوا وارتبكوا وفروا هاربين من مقاتلة القوات المصرية, وهذا يؤكد أن الخوف يسيطر علي الجندي الإسرائيلي رغم أن لديهم إمدادات كافية من ذخيرة وأسلحة, ورفعنا العلم المصري وهذا ساهم في رفع معنويات كل الجنود والضباط المصريين رغم أننا لم نذق طعم النوم لمدة5 أيام متواصلة.
أضاف: كانت لدينا تعليمات ومهمة واضحة بالسيطرة علي النقطة وعدم الانسياق وراء فرار الإسرائيليين أو ملاحقتهم لأننا ملتزمون بتنفيذ التعليمات فقط لأن ملاحقتهم كانت ستفقدنا السيطرة علي النقطة.
الصمود
وفي عبارات مؤثرة قوية, قال اللواء أسامة عبد الله قائد الفصيلة الأولي من السرية الرابعة أثناء المعركة: كان هدفنا أن نعيد توازن الموقع الدفاعي لتجهيزه في اتجاه الشرق ولم تكن عملية قلب موقع الدفاع من الغرب إلي الشرق بالسهولة التي يتخيلها البعض, كانت لدينا تعليمات في البداية بتدمير منطقة كبريت ببعض المواد المتفجرة ونتركها ونرحل ولم يكن لدينا تخيل أن تبذل القوات الإسرائيلية مجهودا كبيرا للغاية لإعادة الاستيلاء علي الموقع, حيث كانت رغبتهم عمل هجوم مضاد شامل لإجهاد انتصار عبور القوات المصرية, وخدعنا الإسرائيليين وأوهمناهم أننا مرتكزون داخل النقطة ولكننا أخليناها وتوزعنا علي حدودها ونتيجة الضرب الكثيف من جانبهم لهذه المنطقة دمرت كل التعيينات والذخائر.
وهنا يتدخل اللواء مدحت منير بصوت الفخر والثقة: لكي تعرف قيمة الصمود عليك أن تدرك طبيعة المكان من كتل خرسانية ومنطقة صعبة, كما أن الصمود يكشف معدن الجندي بل والشعب المصري في وقت المحن, واعتبرنا أن نقطة الكبريت ملكنا ولن نتركها حتي الموت, هذه المنطقة عرضها نحو300 متر ولا يجاوز طولها أو عمقها100 متر يعيش بداخلها400 شخص تبقي منهم260 فردا حولهم جميع أنواع الضرب سواء طيران أو مدفعية ودبابات, وكانت وظيفتنا كل يوم أن نعيد دفن الجثث التي تتناثر بسبب قوة الضرب من الطيران والمدفعية الإسرائيلية, فهذا يفسر معني كلمة صمود بما تحتويه من معني ولا تستطيع الكلمات وصف هذه المعاناة, خاصة مع وجود3 مشكلات متمثلة في الطعام والشراب والذخيرة واستطعنا تدوير واستخدام ذخيرة العدو والاقتصاد بعض الشيء في الذخيرة ونقوم بعمل عمليات تمويه لنشعرهم أن لدينا ضربات مدفعية لأن طلقة الرصاص غالية ولم نكن نستطيع تعويضها وهناك دوريات موت وصعوبات شديدة في الحصول علي إمدادات الطعام والشراب من الجيش الثالث بسبب الحصار, وأكثر ما شجعنا علي المواصلة هو صمود الجبهة الداخلية المتمثلة في الشعب المصري.
لدينا قائد
عن هزيمة الجيش الإسرائيلي, قال اللواء إبراهيم العجمي: لم نستسلم لحالة الحصار والضرب ولكن كنا نرد علي القوات الإسرائيلية وأحدثنا فيهم خسائر كبيرة جدا, وواجهتنا صعوبة في قلة التعيينات والمواد الغذائية وكان قائدنا لديه نظرة بعيدة بالاقتصاد في عملية توزيع الوجبات والطعام حيث نصرف علبة صغيرة من الطعام كل6 أيام, رغم أننا في حالة حرب وقتال وإضافة إلي قلة المياه نتيجة الحصار فاقترح الزميل البطل الشهيد صبري هيكل رحمة الله عليه, تقطير المياه وقام بعمل نموذج حيث أتي بتانكين دبابة محطمة وماسورتين حديد من الدبابات وقام بتوصيلهما ببعض وملأ أحد التانكين مياها مالحة ثم جلب خشبا من خط سكة حديد تم تخليع فلنكاته وإشعال الخشب لتغلي المياه المالحة ثم مرورها من الماسورة إلي التانك الآخر لنحصل علي مياه صالحة للشرب واستمر كل منا يقوم بهذه العملية لتوفير مياه صالحة للشرب عن طريق عملية شديدة الصعوبة لتوفير المياه وكل واحد نصيبه زجاجة واحدة صغيرة في اليوم ليعيش عليها, يقوم الإسرائيلي ليشاهد إشعال النيران ولا يفسر سبب هذه العملية وإضافة إلي رؤيته إصرار الضابط والعسكري علي حمل فلنكات السكة الحديد متعجبا من حالة الإصرار والصمود, وبالنسبة للجرحي لا نستطيع أن نعالجهم فنقوم بعملية إخلاء للجرحي وعمل دوريات لتوصيلهم إلي الجيش الثالث, وكانت أول دورية قام بها زميلي اللواء أسامة عبد الله ومعه جنود يحملون زملاءهم ليسيروا علي مسافة25 كيلو مترا, للجيش الثالث الميداني وأحيانا نلجأ لعمليات البتر حتي نحافظ علي الفرد داخل الكتيبة ولكن لا أريد الخوض في ذلك, وكان لدينا الكثير من الجرحي كانت عملية شاقة للغاية وسألت زملائي ونصحني القائد بأن أسير علي شاطئ القناة وألا أختصر الطريق حفاظا علي سلامتنا وكان معي نحو7 جرحي و40 جنديا ومعنا الأسلحة الشخصية, وسلمناهم إلي الجيش الثالث وأثناء عودتي للكتيبة عرض الجيش الثالث أن أحمل بعض التعيينات الغذائية ووافقت علي الفور ولكني اختصرت الطريق لأعود سريعا لباقي الكتيبة بالتعيينات والعساكر كاملة, وقام الإسرائيليون بعدها بغلق هذا الطريق وبناء ساتر ترابي بيننا وبين الجيش الثالث واستمررنا في الحصار نحو134 بهذا الوضع, وبدأ الجيش الثالث يرسل أشخاصا بدوريات ولنشات وكان فيها3 من زملائنا مثل الراحل عصام وسيد عاشور الذي استشهد في إحدي العمليات والملازم سيد حرب, كان قصة بمفرده حيث تخرج قبل الحرب بشهرين وكان دفعة زميلي سعيد ولم يتقاض مليما واحدا من الجيش, وخرج بلنش ليأتي بالتعيينات وحصل أن مرة تعرض للضرب ولكنه خرج مرة أخري حتي إن الإذاعة الإسرائيلية قالت إن الرجل الذي يقوم بهذه الرحلة مجنون أو متهور وأطلق عليها الإسرائيليون رحلة الموت, وعلي مدار134 يوما بهذا الشكل بدون طعام ولا شراب ولا علاج ونعد الذخيرة ولدينا قائد مسيطر علي الموقع بالكامل وأصررنا أن نسلم الموقع للقيادة المصرية أو نموت فيه.
استقبال السماء
وبدأ اللواء سعيد آدم أحد أبطال كبريت كلامه بقوة قائلا: من الضروري أن يبني كل منا علي من سبقه ولا يبدأ بمفرده.. وكان معنا قائد يتعامل معنا بأبوة وحب وإخلاص اللواء البطل إبراهيم عبد التواب الذي استشهد في نهاية المعركة, وكان الفريق سعد الدين الشاذلي يتردد علينا أثناء التدريب ويقوم بزيارتنا كل فترة, لقد دخلت كتيبتنا المعركة ونحن نعلم بخطورة الموقف وكنا نعلم أن الخسائر ستكون كبيرة في الأرواح ومع ذلك كنا سعداء بما نقدمه لمصر.
وعن استشهاد البطل اللواء إبراهيم عبد التواب قال آدم: عندما كانوا يوزعون علينا الأعلام طلب البطل علمين وعندما سألناه قال سأحتفظ بواحد منهم لألف به عندما استشهد, وبالفعل كفن بالعلم الذي احتفظ به, لقد استشهد يوم14 يناير عام1974 بعد آخر اشتباك وآخر طلقة, كنا شغالين اشتباكات فجأة توقفنا جميعا عن الضرب نحن والعدو وشعرنا جميعا أن إبراهيم عبد التواب استشهد.
وقال اللواء محسن علام يوم14 يناير من عام74 شاهدت طلقات فسفورية تضرب علي الموقع وهي طلقات محرمة دوليا, ذهبت إلي إبراهيم عبد التواب وقلت له هناك عربة نصف جنزير تضرب طلقات فسفورية فخرج بسرعة إلي مركز الملاحظة, وطلب مني استدعاء ضابط المدفعية وبدأ يدير المعركة ودمرنا العربة وفي ثانية وجدنا طائرة هليكوبتر جاءت لتري خسائرهم وقد استمر هذا القتال نحو ربع ساعة فقط, وفجاه طلقة ثقيلة وقعت في نصف الموقع فسمعت النقيب شوقي يقول له ادخل يا فندم لأنهم يطلقون النار في اتجاهنا, فقال له: لا لن أتحرك قبل إنهاء معركتي وفي ثانية وقعت طلقة مباشرة بينه بينه إبراهيم وفي هذا التوقيت طلب مني التحدث لأحد لإعطائنا طلقات هون ولسه برفع التليفون فصل مني وسمعت صوت الجوهري يقول إبراهيم عبد التواب استشهد, هرعت إليه وعندما أمسكت به لم أجد نقطة دم واحدة علي جسده والابتسامة تملأ وجهه وإذا بالسماء تمطر لثوان وكأنها تبكي إبراهيم عبد التواب, وأتينا بالعلم الخاص به وقمنا بلفه وأعددنا جنازة عسكرية ودفن مع الجنود الأبطال.
وهنا يبتسم اللواء محسن علام قائلا: خرج جابر عليهم لمقابلتهم بعد أن حضرنا له أفرول محترم تم غسله وكيه ولمعنا بيادته وأعطيناه زمزمية ليخرج عليهم وهو يتباهي أمام العدو الإسرائيلي ليفهموا أننا كنا في رفاهية لكسر معنوياتهم.
استكمل اللواء جابر: التف حولي ما يقرب من22 ضابطا وجنديا إسرائيليا ولينظروا إلي المخلوق الذي يخرج من النقطة المشتعلة, كيف جاء وسألوني كيف تحملتم كل هذه القنابل والنيران التي أطلقت عليكم, كانوا يطلقون علينا كل يوم2500 طن متفجرات بحمولة الطائرات الفانتم, كيف تقاومون حتي الآن, جاء قائدهم ونظر إلي باحترام وأرسل لي بتحية وسألني هل أنت القائد؟ قلت له: لا أنا ممثل النقطة وبدأنا نتحدث عن ما يريدون وقلت لهم لن تسحبوا إلا المدرعات الخارجة عن نطاقنا وبالفعل أخذوها سألوني عن الشراب و الطعام كيف يصل إلينا.
وفي الندوة طالب الأبطال بإنتاج فيلم سينمائي كبير عن موقعة كبريت وأكدوا أنه تم كتابة السيناريو للفيلم من الكاتب وحيد حامد وحتي الآن هناك تعثرات و نطالب بأن يري الفيلم النور لأنه سيكون أول شرارة من خلالها يعرف الناس حقيقة ما حدث في حرب أكتوبر.
وختموا اللقاء المثمر قائلين: لو كلنا إيد واحدة نبني بلدنا.. سوف ننجح, توجيهات السيد الرئيس السيسي أن نكون إيد واحدة فلن ينال منا أحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.